لم يجد مواطنون بدون مأوى في مدينة آسفي من حل لمقاومة البرد والتشرد سوى المبيت في مغارة مهجورة تحت السور البرتغالي أسفل مندوبية وزارة الثقافة والمتحف الوطني للخزف بمحاذاة مقبرة سيدي منصور. وقالت مصادر مقربة من هؤلاء المشردين في حديثها ل«المساء» إنهم بدون مأوى، وإنهم يضطرون للمبيت في هذه المغارة التي تعرف توافد مشردين آخرين يقتسمونها معهم، وسط الظلام والقاذورات والقطط والجرذان. واعترف أحد هؤلاء المشردين بأن كل الذين يلجؤون إلى هذه المغارة هم مواطنون مغاربة بدون أوراق هوية، مشيرا إلى أن جرائم اغتصاب وتحرش وسرقة واعتداء يتعرضون لها يوميا من أجل الظفر بمكان آمن وسط هذه المغارة. وتعرف مغارة السور البرتغالي المحاذية لمقبرة سيدي منصور توافد قاصرين من أطفال الشوارع للمبيت فيها والاحتماء بها لمقاومة البرد، في وقت كشف فيه أحد هؤلاء المشردين أن المغارة تعرف بين الفينة والأخرى توافد مشردين كبار يفرضون على أطفال الشوارع ممن يريدون المبيت بداخلها جلب علب «السيلسيون» و قنينات الكحول. وغير بعيد عن هذه المغارة نصب مشردون على هضبة الشعبة أسفل المقبرة اليهودية أكواخا بلاستيكية لمقاومة البرد، ويعيش هؤلاء وسط القاذورات والنفايات المنزلية والكلاب الضالة في وضع اجتماعي جد مترد. وكشف عبد الدائم الغازي، عن الهيئة المغربية لحقوق الإنسان، أن نسبة تشرد الأطفال والشيوخ والنساء في آسفي أصبحت آفة اجتماعية على درجة كبيرة من الخطورة، مشيرا إلى أن مدينة آسفي تحولت في السنين الأخيرة إلى مأوى للمشردين والحمقى الذين يتم جمعهم في حملات تطهيرية وإرسالهم إلى آسفي من المدن الكبرى بمناسبة احتفالات أعياد الميلاد والملتقيات والمؤتمرات الدولية في مراكش والصويرة وأكادير. وعند بوابة قيسارية «الجوهرة» بشارع محمد الخامس في آسفي تبيت على الرصيف يوميا ومنذ شهور سيدة تلتحف الأكياس البلاستيكية والصناديق الكرتونية لمقاومة البرد وتحرش الكلاب والقطط، وهي في وضع صحي جد متدهور جراء بثور متعفنة وأمراض مزمنة تعاني منها، حيث تقضي حاجاتها الطبيعية أثناء نومها، وفي كورنيش أموني بشارع علال بن عبد الله تبيت يوميا أسرة في خيام في الشارع العام بعدما أصبح البيت المتقادم الذي كان يؤويهم آيلا للسقوط الكلي، بعد أن انهارت أجزاء كثيرة منه جراء الرطوبة وملوحة البحر. وفي سياق متصل، أظهر شريط فيديو بث، أول أمس، على صفحة مدينة آسفي على «الفايسبوك» شهادات صادمة لأطفال شوارع يبيتون في العراء ويقتاتون من حاويات الأزبال في محيط المحطة الطرقية، حيث كشفوا في شهاداتهم المصورة تعرضهم لاعتداءات جنسية وإهمالهم من قبل السلطات المحلية، في وقت يمضون فيه يومهم في التسكع مخدرين بعلب «السيلسيون»، واعترف هؤلاء بأن أغلبهم بدون أوراق هوية وبأن صلاتهم انقطعت مع أسرهم، وبأن الشارع هو مأواهم.