سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العزوزي: الحديث عن التفرغ النقابي مجرد تفاهات وأسلوب لمحاربة العمل النقابي نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم اعتبر التفرغ النقابي مكسبا للحركة النقابية وليس ريعا
أبسط تعريف للتفرغ الإداري يقودنا إلى معطى مفاده أن الموظف يتقاضى أجرا شهريا من المال العام دون أن يكون تحت تصرف المؤسسة العمومية المشغلة له، بل يصبح، طبقا لقرار التفرغ، رهن إشارة النقابة التي ينتمي إليها سنوات قد تصل إلى المدة التي يقضيها الموظف المغربي إلى حين حصوله على التقاعد. وإذا كان التفرغ النقابي يعد «مكسبا» للشغيلة المغربية، تتمكن من خلاله التنظيمات النقابية من أداء مهامها اليومية، فإن أسلوب التعامل مع هذا المكسب من لدن بعض النقابات والنقابيين يطرح أسئلة كثير حول فائدة الاستفادة منه واستغلاله من طرف بعض الأشخاص المتخندقين في خانة النقابيين والموظفين الأشباح، ليتحول إلى وسيلة ل«إرشاء» الأتباع تأسيسا على رصيد الولاء للقيادة. غير بعيد عن الخروج الإعلامي لوزير التربية الوطنية محمد الوفا، وإعلانه قرب الكشف عن لائحة المستفيدين من التفرغ النقابي، استبقت الجامعة الوطنية لموظفي التعليم، المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، هذا الإعلان وخرجت بأسماء ومهام نقابييها المستفيدين من التفرغ النقابي في خطوة اعتبرتها النقابة دعما لمفهوم الشفافية والمساءلة. وفي هذا الصدد يؤكد عبد الإله دحمان، نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، أن إصدار نقابته لائحة المتفرغين «لم يكن لحسابات ضيقة، ولكن للتأكيد على أن التفرغ النقابي ليس ريعا، بل مكتسبا تاريخيا حققته النقابات ليتفرغ بعض مناضليها للقيام بتأطير الشغيلة التعليمية وتمثيلها في إطار الشفافية، حيث إن التفرغ من حيث المبدأ ليس ريعا، ولكن بعض الممارسات الخاطئة لبعض المتفرغين هي التي تجعل هذه الحالات الاستثنائية تدخل في إطار الريع». ويوضح دحمان أنه وقع نوع من الخلط بين التفرغ النقابي وبعض أشكال الريع، التي يناهضها المجتمع المغربي، خصوصا بعد تداعيات الربيع العربي، حيث يؤكد أنه يمكن الحديث عن بعض الممارسات الخاطئة لبعض المتفرغين، وعن توظيف التفرغ النقابي لبعض المصالح الضيقة من طرف بعض «المناضلين»، لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال مناقشة التفرغ كريع كما جرى خلال نشر اللوائح التي تم الكشف عنها». ويؤكد دحمان أن «التفرغ لا يعتبر ريعا بمفهومه العام أو امتيازا كما هو الشأن بالنسبة للمأذونيات والمقالع، لكن هناك الكثير من الآليات، التي تحدث عنها القانون أو غير المنصوص عليها، تمنح التفرغ لبعض الموظفين الذين يصبحون موظفين أشباحا، من قبيل زوجات المسؤولين». ويحذر دحمان من جعل النقاش حول التفرغ النقابي «مدخلا لشيطنة المناضلين النقابيين»، حيث يؤكد أنه لا يجب جعل النقاش العمومي الدائر حول التفرغ وسيلة للتشويش على المناضلين، مشيرا إلى أن «النقابة سبق لها أن أسست ميثاقا للمتفرغ يوقع عليه المتفرغ نفسه، وينهي السنة بتقريرين دوريين وتقرير تركيبي يوضح فيه خلاصة عمله في السنة، ويبقى للهيئات الوطنية الحق في أن تعفيه من التفرغ بناء على المهام المنوطة به في إطار التعاقد». نفس الموقف الرافض لاعتبار التفرغ النقابي ريعا يؤكده عبد الرحمان العزوي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، الذي أوضح أن الحديث عن التفرغ النقابي «يأتي في إطار الزوبعات التي تحدث في بعض القطاعات، لإيهام الشعب المغربي بأن هناك إصلاحات ومحاربة للفساد، والحقيقة أن الفساد ظاهر ويجب معالجته، أما النقابيون فهم يستحقون كل تقدير وتنويه لأنهم يعملون من أجل الدفاع عن حقوق المحرومين». ويعتبر العزوزي أن النقاش الجاري هذه الأيام حول التفرغ النقابي «لا يعدو أن يكون نوعا من التفاهات التي يتم الالتفات إليها، فيما يتم ترك مجموعة من القضايا الكبرى، من قبيل الحديث عن الإشكالات التي يعرفها التعليم المغربي الذي سيضمن مستقبل البلد». وفي رده على وجود موظفين أشباح، أكد العزوزي أن «هذا شيء غير صحيح والحكم على القاعدة وليس على الاستثناء، فالنقابة الوطنية للتعليم التابعة للفيدرالية الديمقراطية للشغل لديها 45 متفرغا، وإذا جمعنا كل المتفرغين النقابيين فلن يتجاوز عددهم 200 متفرغ نقابي، وهم تحت مسؤولية ومراقبة الأجهزة النقابية». ويعتبر الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل أن الحديث عن الريع بالنسبة للتفرغ النقابي هو أسلوب من أساليب الإجهاز ومحاربة العمل النقابي لم تعشه النقابات من قبل، موضحا أن هذه التفرغات «أعطيت منذ عقود في الحكومات السابقة، وإذا كان هناك خلل فليوضحوه لأنهم تحت مراقبة المسؤولين النقابيين». ويضيف العزوزي أن «المركزية النقابية لديها الإدارة وتحتاج لمن ينتقل إلى الأقاليم ومن يكتب، وهذه أمور تحتاج لمن يتكفل بها بشكل يومي، والتفرغ متعب أكثر من العمل في القسم مثلا لأن المتفرغ يشتغل طول اليوم إما في المقر أو في جهات أخرى، لأن النقابة تتطلب التواصل مع المواطنين والعمل الإداري والعلاقات وعددا من المجالات التي تشتغل بها». مواقف وإن تعاضدت فيما بينها لتأكيد أن التفرغ النقابي لا يدخل في خانة الريع الإداري، فإن تطوير الإدارة المغربية في ظل الحديث عن ترشيد الإنفاق العمومي أمام مليارات الدراهم التي تؤديها الدولة للموظفين لابد أن يجعل من التفرغ الإداري موضوع مراجعة وتطوير قد لا يصل إلى إلغائه، بقدر ما سيمكن من التصدي لتجاوزات تسيء إلى امتياز يوصف بكونه «مكسبا» للشغيلة المغربية.