إذا صدقنا مؤسسة عملاقة كبنك المغرب ومعها صندوق النقد الدولي، فإن المغرب أصبح يتحسس في جيوبه البنكية أزمة يسمونها أزمة سيولة. وللتبسيط أكثر فإن الأوراق المالية، التي يحب المغاربة أن يصفوها ب«الزرقة»، اختفت هذه الأيام!!، ليس لأن أثرياءنا سحبوها من أرصدتهم لاستثمارها في السوق، بل لأن هؤلاء أصبحوا يفضلون «الزليجة» و«السداري» على البنوك لإيداع متاع الدنيا، بعد أن أصبحت إدارة الضرائب تقتطع من أرصدتهم، مباشرة وبدون إشعارهم، ما يحلو لها من مراجعات ضريبية. أصحاب المال والأعمال عندنا، الذين يسمونهم «الباطرونا»، لازالت شهية الأكل عندهم لم تنفتح بعد على مائدة حكومة بنكيران. وبالرغم من أن «البحر ما كايطمعش في السواقي»، فإن أثرياءنا الذين يقدرون ب 14 ألف مليونير (لكل واحد منهم أزيد من مليون دولار حسب تقرير مؤشر الغنى الصادر في سويسرا) يتباهون ويتفاخرون في مجالسهم بالمخابز العالمية التي يجلبون منها «كرواصُون فُوري» ساخن لموائد فطورهم عبر الطائرة صبيحة كل يوم من باريس، ولا أحد منهم يفتخر بأنه أقام موائد إطعام للمحتاجين أو كسا حفاة الأقدام من أطفال الشوارع الذين يقتاتون من قمامات الأزبال في كًيليز وعين الذياب وبير قاسم. وبنكيران الذي صوتت على حزبه فئات الموظفين والعاطلين والباعة المتجولين وصغار التجار وبسطاء الحرفيين هو نفسه الذي أصبح يزور «الباطرونا» كل أسبوع حتى اعتقد الناس أن مقر الاتحاد العام لمقاولات المغرب تحول إلى ضريح «لالة ميرة» يتبرك به رئيس الحكومة مع بداية كل أسبوع، فيما وزيراه في المالية اختارا شراء الشمع وزيارة أولياء المال في البنوك العالمية طلبا في «السلف»، متناسيين شعار المغاربة بأن «السلف إما عداوة إما تلف». وستكون نصيحة المغاربة أمام «تلفة» الحكومة الحالية، التي تبحث عن «وسخ الدنيا» أينما وجد للخروج من الأزمة، هي : «اللي ضرو راسو ما كايحزمشي صبعو»، فقط لأن بنكيران ووزراءه لا يبحثون عن المال في «البزطام الصحيح». وأصعب شيء تعاني منه حكومتنا الحالية هي أنها تخطئ عنوان الكنز الذي بفضله ستستطيع تنفيذ وعودها الانتخابية التي تبشر بالجنة على الأرض وإطلاق المشاريع التنموية واستكمال سياسة الأوراش الكبرى والزيادة في الأجور وخفض الأسعار وتحسين جودة عيش المغاربة...، لأن هذه الأيام «فولة ما تدير بيصارة»...بعد أن «عشنا وشفنا» أن ثمن الفول في عهد حكومة بنكيران فاق ثمن «لافوكا». ومع أنهم في الحكومة يقولون للشعب المغربي: «زيرو معانا السمطة» ينسون أن هذا الشعب «طاح ليه الحزام» منذ مدة. في الماضي كان المغاربة يفتخرون، حتى وهم في سنوات الجفاف، أن لديهم وزيرا أول مليارديرا ككريم العمراني ظلت الحكاية الشعبية تقول إنه يُقرض الحكومة، واليوم لدينا حكومة لديها حزمة من الشعارات عوض حزمة من الأوراق المالية. المال نفسه الذي يجمع عندنا كل ليلة في الملاهي والكازينوهات في «البانيو» كما نشرت ذلك بعض الصحف ومواقع الإنترنيت، فيما أكياس «الشمرتل» يملؤها أصحاب مقالع الرمال ب»الزرقة» صبيحة كل يوم. والحال أن حكومتنا أثبتت أنها تخشى الاقتراب من «المال السايب» الذي عندنا وتصر على السلف من عند «البراني» كأنها تطبق مقولة «هود مساري وطلع شاري». والظاهر أيضا أن العفاريت المزورة التي ظل بنكيران يحاربها منذ تعيينه على رأس الحكومة، ها هو يقترض من الأصلية منها دون أن يدري، ويبيعون له القرد بالفوائد وب»غسيل الفندق» حتى يستطيع إكمال «الفراجة» لهذا الشعب.