وجّه الأساتذة الباحثون في كلية الطب والصيدلة في الدارالبيضاء صفعة قوية لوزير الصحة، الحسين الوردي، بعد تقديمهم حوالي 50 استقالة من التدريس في الكلية، تم قبول 24 منها، بعد دراستها من مجلس الكلية، تذمرا من القرار الحكومي الذي يمنعهم من الاشتغال في مصحات القطاع الخاص، وهو القرار الذي سبق الوزير أن أكد أنه «لا رجعة فيه». وكان هذا القرار -حسب مهنيي الصحة- «متسرعا»، وخلّف ردود أفعال سلبية زادت من حدة الاحتقان في صفوف الأطباء والأساتذة وبلغت ذروتها بهذا السيل من الاستقالات، الذي من المتوقع أن تتواصل في مختلف الكليات. وفي تصريح لمحمد الدرويش، الكاتب العامّ للنقابة الوطنية للتعليم العالي، التي ينضوي تحت لوائها الأساتذة الذين قدّموا الاستقالة، أوضح أن هذه الاستقالة، التي تمّت في كل من الدارالبيضاء ومراكش، جاءت كجواب من الأساتذة الباحثين على الطريقة التي دُبِّر بها الملف من قِبَل بعض المسؤولين، والتي خلقت في نظره حواجز وعمّقت الاحتقان في نفوس الأطباء داخل الكليات والمراكز الاستشفائية بسبب بعض البلاغات والتصريحات التي جعلت الأساتذة الباحثين يشعرون أن جهات لا تحترمهم ولا تعترف بجهودهم، داعيا الحكومة والبرلمانيين إلى زيارة ميدانية للمراكز الاستشفائية للوقوف على ظروف الاشتغال التي يعمل فيها الأساتذة الباحثون «لا خيط، لا إبر، لا جهاز لتنقيل المرضى».. إضافة إلى مشاكل أخرى في التدبير والتسيير. وأشار الدرويش إلى أن الحكومة لم تدبر الملف بمسؤولية وأنه كان يجب مناقشة هؤلاء الأساتذة ومشاورتهم، مطالبا ب»حضور العقل» في معالجة هذا الملف، أخذا بعين الاعتبار المدة التي قضاها الأستاذ الباحث في التكوين (17 سنة) إضافة إلى 30 سنة من العمل، موضحا أن هؤلاء لا يمكن تعويضهم. وتحدث الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي، في اتصال هاتفي مع «المساء»، عن أن النقابة بدأت بالاتصال بوزيرَي الصحة والتعليم العالي وتم عقد اجتماع ثلاثيّ في ال22 من نونبر الأخير، أفضى إلى تكوين لجنة تقنية بين الجهات الثلاث اجتمعت عدة مرات وتم التطرق لضرورة وضع مخطط لدراسة كل الملفات. وأكد المسؤول النقابي أن اللجنة انتهت من وضع مجموعة من الاقتراحات، منها أن يشتغل الباحث مدة نصف يومين في الأسبوع في المصحات الخاصة، مثلما كان معمولا به في الثمانينيات، ولكنْ في صورة جديدة، لها قوانين تضبطها، وأن تعمل الدولة على تشييد وبناء مصحات جامعية لاشتغال الأساتذة الباحثين وأن يُسمَح لهم بالاشتغال مع المصحات المُتعاقَد معها من طرف المستشفيات والاشتغال في قلب المراكز الاستشفائية.. لكن المصدر ذاته تخوّفَ من أن تصطدم هذه الاقتراحات بالتحديات المالية للدولة وبالتأخر في تنفيذها.