فجّر عدد من الشهود في محاكمة عناصر أمنية وأخرى تابعة للجمارك كانت تعمل في المعبر الحدودي بني أنصار وباب مليلة ومطار العروي، مفاجئات مدوية خلال الجلسة التي عقدت يوم الجمعة الماضية، بعد أن صرّح عنصر أمني سابق بأنه ظل معصب العينين لمدة سبعة أيام في مركز الاستعلامات خلال الاستماع إليه من طرف عناصر تابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، قبل أن يرغم على توقيع المحضر دون الاطّلاع على ما فيه. كما أكد عدد من الشهود، ومن ضمنهم رجال أمن وجمارك لازالوا يمارسون مهامهم، أن التصريحات الواردة في المحاضر لا تخصّهم بعد إجراء مواجهة بينهم وبين المتابَعين على خلفية هذا الملف، الذي جاء بعد تعليمات ملكية أمرت بفتح تحقيق بخصوص سلوكات غير لائقة تعرّضَ لها أفراد من الجالية المغربية المقيمة بالمهجر، لها صلة بالرشوة وسوء المعاملة. وقال أحد الشهود إنه أجبر على التوقيع تحت التهديد بفتح ملفات قديمة والزج به في السجن، فيما ذهب شرطيّ سابق أبعدَ من ذلك، بعد أن أكد للمحكمة أن التوقيع المدوَّن على المحضر لا يعود له، بل تم تزويره، كما هو الشأن بالنسبة إلى التصريحات الواردة في المحضر.. في حين أكد عدد من الحمّالين الذين استعانت بهم الفرقة الوطنية في التحقيق الذي أجرته، والذي قاد إلى توقيف واعتقال عدد من عناصر الجمارك والأمن قبل أن يتم منحهم السراح المؤقت، أن عناصر الفرقة عرضت عليهم عددا من الأسماء وطلبت منهم إفادات بشأنها، قبل أن يؤكدوا أنهم أجبِروا على التوقيع على المحاضر دون الاطلاع عليها.. واعتبر رد النيابة العامة على كلام الشهود الذين طعنوا في شرعية المحاضر المُنجَزة من قبل الفرقة الوطنية أنّ تراجع الشهود عن تصريحاتهم توازيه عدد من الأدلة، ومنها «تضخم» الحسابات البنكية لبعض المتابَعين مقارنة مع الراتب الممنوح لهم، كما لجأت النيابة العامة إلى الاستعانة بصور منسوخة موجودة في الملف، وهي الصور التي تعود إلى شريط وثائقيّ سبق لقناة «الجزيرة» أن بثته. واعتبر الدفاع أن الصور التي تم عرضها لا تُظهر أي وقائع ملموسة يمكن اعتبارها فعلا جرميا، في حين أكد أن بعض الحسابات البنكية للمتهمين وجدت فيها مبالغ صغيرة لا تتجاوز 3000 درهم، في الوقت الذي برر آخرون وجود مبالغ مالية تفوق أجورهم بتعاملات مالية عائلية. وقال المحامي عبد المنعم الفتاحي إن ما حدث خلال جلسة الجمعة الماضية يؤكد أن هذا الملف فارغ، بعد أن تأكدت حقيقة تصريحات الشهود التي بنيّ عليها الملف، وأضاف أنه بعد «الفرقعة التي رافقت هذه القضية يحق لنا كدفاع التساؤل حول طبيعة عمل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، حيث طالبنا بفتح تحقيق في ما ورد على لسان الشهود من تزوير التوقيع والتلاعب بالتصريحات والإكراه على توقيعها»، واعتبر الفتاحي أن النيابة العامة مُلزَمة بالبحث في هذه الوقائع.