حقائق تنشر لأول مرة على لسان محمد الحبابي، «الشيوعي» الذي أسس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية رفقة المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد، دون أن يتخلى عن صداقته لمستشاري الحسن الثاني وجنرالاته الأقوياء. فوق كرسي اعتراف «المساء»، يتحدث أستاذ الاقتصاد عن علاقته بالجنرالين القادري والدليمي وبإدريس البصري، وكيف جمع بين علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد لتأسيس الكتلة الوطنية، ثم اتصل بالقصر الملكي لتشكيل حكومة الكتلة في 1971؛ ويتطرق الحبابي إلى علاقة الاتحاديين بالانقلاب على الحسن الثاني سنة 1972. ويميط اللثام عن أسرار غير معروفة في قضية المهدي بنبركة، وكيف خطط رفقة اليازغي لاختطاف «قتلة» المهدي، وكيف سجنه الحسن الثاني رفقة بوعبيد واليازغي بعد رفضهم الاستفتاء حول الصحراء سنة 1981. - في ما يتعلق بالمرشحين الخمسة لمنصب الكتابة الأولى للاتحاد الاشتراكي، اعتبرت أن فتح الله ولعلو رجل «نقي» لولا أن سنه لا يسمح له بقيادة الاتحاد الاشتراكي، كما اعتبرت أن حبيب المالكي من أحسن اقتصاديي المغرب لولا اقترابه من الدولة، ولم تبد تحمسا كبيرا لادريس لشكر؛ فما رأيك في احمد الزايدي؟ الزايدي لم ألتق به إلا مرة واحدة في مقر الحزب بالرباط، ويبدو أنه رجل طيب. - أبديت موقفا مناقضا لمواقف كل الاتحاديين من قضية اعتقال خالد عليوة، بالرغم من أنه كانت لك علاقة متميزة به وبزوجته، ابنة صديقك المقاوم حسن صفي الدين الأعرج؛ لماذا هذا الموقف؟ أولا، موقفي من الدفاع سياسيا عن خالد عليوة ليس مناقضا لموقف الاتحاديين، فالعديد من مناضلي الحزب، ومنهم احمد الزايدي، ليسوا موافقين على الدفاع، سياسيا، عن رجل قال المجلس الأعلى للحسابات إنه متورط في قضايا تتعلق بالمال العام، وهو الآن بين يدي القضاء ليقول فيه كلمته؛ ثانيا، بالنسبة إلى مصاهرة عليوة لحسن الأعرج، أقول لك إن الأخير عندما كان يزورني في سنواته الأخيرة، وكنت أحدثه عنه كان يغير الموضوع، لعدم رضاه عن المسار الذي اختطه عليوة لنفسه؛ ثالثا، هناك العديد من قياديي الاتحاد الاشتراكي انساقوا وراء الدفاع عن عليوة بعد أن أحرجهم ادريس لشكر الذي جعل من قضية عليوة مبادرة تميزه عن باقي المرشحين للكتابة الأولى للحزب في المؤتمر التاسع. - لكن القانون يؤكد أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، كما أن اعتقال عليوة قبل الحكم النهائي عليه لا مبرر له، خصوصا وأن للرجل كل الضمانات للحضور إلى المحكمة.. أولا، ما يعنيني هو الدفاع السياسي عن خالد عليوة، أما مسألة المتابعة في حالة سراح فمعمول بها أساسا بالنسبة إلى المتهم الذي ربما تكون له مشاكل مع شخص أو جهة قد تسعى إلى الانتقام منه باتهامه اتهاماتٍ المحكمة وحدها المخولة بإقرار ثبوتها أو بطلانها، فهل المجلس الأعلى للحسابات له عداء مع عليوة؟ هل أحمد الميداوي له حسابات شخصية مع عليوة؟ القضاء أو المجلس الأعلى للحسابات، أو الدولة بنفسها، كل هذه الجهات لا مصلحة لها في اتهام عليوة بالتورط في قضايا تتعلق بالمال العام لولا وجود دلائل على ذلك. عليوة كان صديقي، وزوجته رقية هي بمثابة ابنتي، وقد كان يزورني باستمرار قبيل تشكيل حكومة التناوب، وكنت أحدث عبد الرحمان اليوسفي عنه بالخير، وعندما أصبح وزيرا حدثته مرة عن محيط الملك محمد السادس فوجدته يقول لي: «هادوك متعرفهومش نت.. أنا اللي كنعرفهم». وأذكر أنه استضافني مرة في بيته، وكان ذلك في شهر رمضان، فقلت له إن الاتحاد الاشتراكي يجب أن يعارض منهجيا كل ما هو مخزني، فتركني ودخل إلى غرفة نومه. بعدها بدأ يتبرم مني؛ لذلك فكل حديث عن كون مؤامرة سياسية استهدفت الاتحاد الاشتراكي باعتقال عليوة يبقى فكرة غير مقبولة اليوم ومن إبداع خيال ادريس لشكر؛ مثل هذا الأمر كان يحدث في زماننا مع قضاة يتم اختيارهم تحديدا لأنهم متحاملون على الاتحاديين؛ وأعطيك مثالا بمجيد بنجلون، الذي دافع عن أوفقير والدليمي في 1966 في باريس، في ملف اختطاف واغتيال المهدي بنبركة، ثم أصبح وزيرا للأنباء. وامجيد بنجلون هذا كان زميل دراستي الابتدائية والثانوية في فاس، والجامعية في باريس. وقد كنا، أنا وهو، نتنافس دائما على المرتبة الأولى؛ وقد حدث في بداية دراستنا في باريس أن رسبت أنا في أحد الامتحانات فتظاهر هو أمامي بالحزن، مفتعلا البكاء والضرب على الفخذين، لكنني كنت واعيا بتمثيله دور الحزين المتضامن، فكنت أهدئه قائلا: لا بأس، سوف أتدارك الأمر في دورة أكتوبر. لاحقا أصبح امجيد بنجلون وكيلا للملك، وعندما تم اعتقال أعضاء المكتب السياسي للاتحاد الوطني للقوات الشعبية في شارع لولوج سنة 1963 وتم عرض المعتقلين أمام امجيد بنجلون ولم أكن أنا ضمنهم لعدم حضوري ذلك الاجتماع، قال لأحدهم: «فلتْ ليّ الحبابي»؛ وبعد أيام التقى بي بالقرب من محطة القطار في الرباطالمدينة، فارتمى علي يقول لي: الحمد لله على سلامتك يا أخي، أنا فرح لعدم اعتقالك. لقد سقت لك هذا المثال للتصدي لمن مازال يمسح إخفاقات الحزب في القضاء أو جهات في الدولة. - مؤخرا، اتهم عبد الهادي خيرات الأمير مولاي هشام بالاستفادة من مال عام خارج القانون، قبل أن يتراجع ويعتذر.. الراضي هو الذي أنقذه بالاعتذار إلى الأمير. خيرات، على العكس تماما من زوجته المناضلة الفاضلة خديجة اليملاحي، «فيه غير الهدرة». ينتقد الجميع لكنه لا يفعل شيئا.. لماذا لم يخرج في مسيرات 20 فبراير؟ - لقد خرج في بعض المسيرات.. لم يخرج إلا لاحقا، بعدما نجحت المسيرات وأصبحت تتجاوز الأحزاب. - ولماذا لم تخرج أنت في المسيرات الأولى لحركة 20 فبراير؟ أنا خرجت في أول مسيرة للحركة، يوم 20 فبراير، وقطعت شارع محمد الخامس، الذي كان فارغا، إلى حدود باب الأحد حيث بدأ بعض الأفراد يتجمعون؛ وبقيت للحظة، وعندما أصبت بالعياء عدت أدراجي.