كان فوزي الشعبي أكبر المتشائمين من الوضع المتقدم الذي منحه الاتحاد الأوربي للمغرب مؤخرا خلال ندوة أقامتها «جمعية تنمية المسيرين» بمدينة الدارالبيضاء، يوم الخميس الماضي، حيث قال في تصريح ل«المساء» «شخصيا أنا متخوف من هذا الاتفاق، حيث إن هناك عدة اتفاقات ومشاريع قمنا بها كالتبادل الحر مثلا.. وبصراحة، المغرب لم يستفد منها، وكانت لدينا إمكانية الاستفادة لكن المغرب لم يكن مهيئا والبعض لم يكن واعيا ولم تستغل الفرصة، كما كان الجانب الآخر مهيئا، وأقصد الشركاء الذين كانوا على علم تام بما يحتاجونه من هذه الاتفاقيات عكس المغرب». وأضاف «لحد الآن لم نفهم بعد فحوى ماهية الوضع المتقدم ولم تعط لنا الفرصة للبحث في تفاصيله أو إجراء تعديلات عليه، باعتباره قد خرج للوجود، كما أن برونو ديتوماس سفير ورئيس بعثة اللجنة الأوربية بالمغرب كان يتحدث في الندوة وكأنه سيعطي هدية للمغرب، وأنا لا أعتقد أن الأوربيين سيمنحوننا هدية، وأظن أنهم هم من لديهم هدف من وراء هذا الوضع المتقدم بالمقابل دافع السفير ديتوماس عن «الوضع المتقدم» وقال في تدخله خلال الندوة إن هذا الاتفاق هو اعتراف من الاتحاد الأوربي للإصلاحات السياسية والاقتصادية التي باشرها المغرب منذ مدة، وهي أيضا مرحلة جديدة تتوج 40 عاما من الشراكة بدأت في السبعينيات من خلال إقامة علاقات من التعاون الاقتصادي والتجاري، وتعزز باتفاق الشراكة بالأحرف الأولى خلال التسعينيات، ليكون المغرب بذلك أول بلد بمنطقة جنوب الحوض المتوسطي يستفيد من الوضع المتقدم في علاقاته مع الاتحاد الأوروبي. وأضاف أن الاتفاق يخول للمغرب صفة أقل من عضو وأكثر من شريك للاتحاد الأوربي، مؤكدا أن تمويل الوضع المتقدم سيتم في إطار «روح الانسجام والتضامن» التي تسود داخل الاتحاد الأوروبي، ولم يستبعد ديتوماس رفع الدعم الأوروبي المخصص للمغرب في حالة إذا تجاوز الاتحاد الأوروبي الأزمة المالية والاقتصادية العالمية. وقال الدبلوماسي الأوروبي إنه سوف يدعو الاتحاد الأوروبي لأن يبذل جهدا أكبر من أجل أن يكون للوضع المتقدم للمغرب آثار مالية إيجابية ابتداء من سنة 2011، وفيما يتعلق بالمبلغ الذي سيمنح للمغرب كل سنة فيوفق 2 مليار درهم، وهو ما يجعل المملكة أكبر متلق للأموال جراء هذا الوضع المتقدم. السفير المتجول حسن أبو أيوب سار على نفس المنحى المتفائل، حيث أكد أن الوضع المتقدم الذي وافق عليه الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين 13 أكتوبر الماضي في لوكسمبورغ ومنح المغرب وضعا متقدما في علاقاته مع مجموعة ال27 عضوا، هو بمثابة خريطة طريق تضم مجموعة من المقترحات المتعلقة بالمجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأضاف أنه من المتوقع أن يسهم هذا الإجراء غير المسبوق من قبل مجلس التشارك الأوروبي المغربي في إدماج المغرب تدريجيا في سياسات الاتحاد الأوروبي وتعميق اتفاقات التجارة الحرة. وقال أيضا إن الاتحاد الأوروبي سوف يبدأ في العام القادم مرحلة جديدة من الدعم لتنفيذ اتفاق الشراكة، وهو ما يجعل الشعور بأن هدف الاندماج التدريجي للمغرب في السوق الأوروبية الداخلية أمر ممكن. لكن أبو أيوب أبدى تخوفه من ضعف الخبرة المغربية في مجال التجارة الخارجية التي اعتبرها غير مدربة كفاية نظرا لأن القطاع معقد بما عرفه العالم من تغيرات، ومن هذا المنطلق اعتبر تنمية القدرات والموارد البشرية في هذا المجال أولوية الأولويات، كما اعترف بأن الأحزاب السياسية المغربية لم تستنفر كوادرها من أجل وضع قراءة متأنية لهذا الاتفاق مع الاتحاد الأوربي واكتفت بالتصفيق له فقط، ولم يفته التذكير بأن الشيخوخة ستطال البنية الديمغرافية المغربية في 15 سنة المقبلة، مما سيضطرنا إلى استيراد اليد العاملة من الخارج.