قضت محكمة هندية مؤخرا في حق وزير الزراعة في حكومة ولاية البنجاب بسنة حبسا مع الغرامة، بتهمة «إساءة استخدام سيارته الرسمية» خلال توليه حقيبة التعليم قبل سنوات. لم يهدد الوزير الهندي باستنفار نقابته وحزبه للتأثير على القضاء، ولم يهاجم النيابة العامة أو يتهمها بفبركة الملفات القضائية ضده، مثلما فعل عمدة فاس الذي كال الاتهامات لمجموعة من السياسيين والمسؤولين بالشرطة القضائية ووالي الجهة، كل ذلك لأن نجليه المحترمين مثلا أمام المحكمة مثل كثير من عباد الله المغاربة. كما أن السلطات الهندية لم تعامل وزيرها معاملة تفضيلية، بل اعتبرته واحدا من عباد الله الهنود. ولعل ذاك واحد من الأسرار التي حملت الهند إلى مصاف البلدان الصاعدة، التي يحسب لها ألف حساب وحساب، ليس فقط في صناعة الأفلام الهندية التي يحتفي بها مهرجان مراكش هذه الأيام، ولكن في الصناعة بمفهومها الواسع، بما في ذلك مجال المعلوميات، حتى أصبحت مرشحة لدخول نادي الدول الصناعية الكبرى، مع البرازيل والصين وجنوب إفريقيا، للالتحاق بالماريكان ولالمان واليابان. ولا غرو في ذلك، فجدهم المهاتما غاندي أوصاهم بأن «الويل لأمة تأكل ما لا تزرع، وتلبس ما لا تصنع». من يتصور معنا كيف يكون حالنا، نحن هنا، في هذه الأرض السعيدة، لو تم تطبيق هذا القانون على مسؤولينا في الإدارات المركزية في العاصمة، وفي المصالح الجهوية في الأقاليم، إضافة إلى المكلفين بشؤوننا الجماعية؟ الأرجح أن سجوننا، أو لنقل إصلاحياتنا، ستضيق عندئذ بأصحاب البطون المنتفخة، وسنضطر إلى الاستعانة بالقاعات الرياضية لاستيعاب كل من استحق ويستحق تطبيق القانون الهندي المذكور في حقه على امتداد مئات الشهور، حتى لا يبقى في الإدارات غير أصحاب «الطوبيس طرانت سيس»، من الموظفين والأعوان، «الله يكون ف اعوانهم»... أن يستغل نائب المندوب الجهوي لهذه الوزارة أو تلك سيارة المندوبية لنقل صغيرته إلى مدرسة البلدة، فهذا مفهوم، حتى لو لم يستسغه مراسل الجريدة وهو يستنكر هذا «الاستغلال الفظيع»، محتجا على عدم نشر الخبر. أما أن يكون المستغل (بكسر الغين) مسؤولا كبيرا في وزارة كبرى وعضوا قياديا في حزب أو في مركزية نقابية، فهذا ما يستدعي الالتجاء إلى القانون الهندي، حتى لو ضاقت سجوننا بطونا منتفخة. وساعتئذ سنرى أن «اللي تنفخ يتفش.. واللي يبس يتحش». فما بالنا، بعد ذلك، بمن يستغل سيارة المصلحة بسائقها لنقل المدام إلى الحمام، وتحويلها بعد ذلك إلى «الكوافورا»، حيث يضطر السائق المسكين إلى الانتظار ساعات طويلة لنقلها حيث تريد، وإذا اتجهت إرادتها للسهر فلن يعود الزغبي إلى بيته قبل مطلع الفجر. وما بالنا بسيارة المصلحة التي تأخذ المسؤول نفسه إلى نادي الترفيه، ليستريح فيه، تاركا سيارته الشخصية ترتاح في «كراج» السكن الوظيفي؟! بل وما بالنا بمن يستغل سيارة المصلحة بحرف الميم الحمراء (أو الجيم)، للتحرش بتلميذات قاصرات في إعداديات الأحياء الشعبية؟!؟ كلها حالات لا تستحق التنديد الإعلامي وحده ولا الشجب والاستنكار وحده، وإنما تستدعي تطبيق القانون الهندي، بالحبس عاما كاملا مع الغرامة أو سن قانون خاص بهذه الحالات الشاذة، يحكم على من يسيء استغلال سيارة الخدمة بأكل 60 حبة من «الكرموص الهندي» (من جنسية القانون الهندي) في 60 دقيقة، وبلا خبز، مع منعه من ولوج المصحات وأقسام المستعجلات، حتى ينفك عسره أو يقضي الله أمرا كان مفعولا. من يتجرأ، بعد ذلك، على استغلال سيارة المصلحة في مفسدة؟؟؟