في الوقت الذي كانت فيه مناطق عديدة في المغرب العميق و«غير النافع» تعيش تحت رحمة تساقطات كثيفة للثلوج، وقرى نائية تئن تحت وطأة العزلة عن العالم الخارجي بسبب الانقطاعات التي عرفتها الطرق المعبدة وغير المعبدة، وأمام ارتفاع درجة العزلة بارتفاع درجة التساقطات الثلجية وما رافقها من زمهرير وبرد قارس، في هذا الوقت اختار القطب العمومي «المتجمد»، بكل قنواته التلفزية، الوجه الآخر للعملة، ونقل ارتسامات السياح المغاربة الذين اختاروا الاستمتاع بمسحة البياض التي غطت مدن الحاجب وإفران وما جاورهما، وكانت كاميرا الخير والنماء تنقل أحاسيس سياح عبروا عن فرحتهم بهذا «الزائر»، أي الثلج، الذي يشجع السياحة الداخلية ويجعل المدن المكسوة بالثلوج قبلة لسائح يعشق جمع الصور. وقال أحد المستجوبين إنه سعيد بالتساقطات الثلجية وإن سعادته لا تقاوم بهذه الهبة الطبيعية، قبل أن ينصرف لممارسة هواية الرشق بالقطع الثلجية في مزحة تخفي حقيقة المسكوت عنه في سياحتنا الداخلية. وقبل انتهاء المراسلة، وقفت الصحفية الملفوفة في معطف صوفي أمام الكاميرا وهي تعدد مزايا الصقيع ودوره في إنعاش اقتصاد المناطق المكسوة بالبياض، وتودع النظارة بابتسامة مستعارة قبل أن تختفي عن الأنظار. أما الوجه الآخر من العملة الذي تناساه التلفزيون المغربي فهو تلك العزلة القاتلة التي يعيشها سكان هذه المناطق النائية، إذ إن هذا التفلزيون، الذي يشرف عليه وزير إسلامي، لم يرسل بعثة صحفية ل»تغطية» معاناة ساكنة مناطق زادتها التساقطات الكثيفة للثلوج تضررا، ولم تعلن تلفزة العرايشي عن الطرق التي انقطعت، والمسافرين الذين قضوا لياليهم في الخلاء بسبب استحالة السير والجولان، والأطفال الرضع الذين انتفضوا ضد الجوع بالصراخ، والقرى والدواوير التي أصبحت في عزلة لأن التلفزيون لا يتحرك نحوها إلا حين تتحرك شاحنات الحملات التضامنية الموسمية. لهذه الأسباب وغيرها، استحقت قنوات التلفزيون المغربي لقب تلفزة «القطب المتجمد».