سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عصيد: ترسيم الأمازيغية يعني أن تصبح لغة المؤسسات والدولة اعتبر أن كتابة علامات التشوير بالأمازيغية أمر ممكن إذا خضع لأجندة معقولة وقلل من أهمية «الأصوات النشاز»
من المنتظر أن يشكل وضع القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الدستوري للأمازيغية محطة حاسمة ستفصل في الصراع والجدل والتجاذبات السياسية والإيديولوجية، التي ميزت النقاش حول المسألة الأمازيغية في المغرب، بعد أن وجدت هذه اللغة طريقها إلى الدستور الجديد كلغة رسمية. وفي انتظار أن تنكب الحكومة على وضع هذا القانون فإن عددا من النشطاء والباحثين المنتمين للحركة الأمازيغية لا يخفون تفاؤلهم الكبير من كون إضفاء الطابع الرسمي على الأمازيغية أصبح مسألة إجراءات فقط، بعد أن زالت معظم الإشكالات إثر اللقاءات والدراسات والأبحاث التي تم إجراؤها. وفي هذا الصدد، يؤكد الباحث احمد عصيد أن الإشكال الأساسي المتبقي هو وضع القانون التنظيمي الذي يهدف إلى تحديد كيفية إدراج الأمازيغية كلغة رسمية في قطاعات الحياة العامة، وتحديد مراحل ذلك، بعد أن استحوذ هذا الموضوع على النقاش الدائر حول الأمازيغية على امتداد السنة الجارية، حيث تم تنظيم 12 لقاء في مختلف مناطق المغرب، كان آخرها اللقاء الذي نظمه مجلس المستشارين الأربعاء الماضي. وكشف عصيد أن مضامين القانون التنظيمي تتحدد في مستويين ضروريين، الأول هو مستوى المرتكزات والمبادئ والتوجهات الكبرى التي ينبغي إرساؤها في ديباجة القانون، كالتنصيص على أن اللغة الأمازيغة لغة جميع المغاربة بدون استثناء، وأن إنصافها يدخل في إطار المصالحة الوطنية، وإحقاق حقوق الإنسان، وربط الأمازيغية بالمشروع الديمقراطي الوطني، وكذا التأكيد على الحفاظ على المكتسبات المتمثلة في إلزامية اللغة الأمازيغية وتوحيدها وتعميمها الأفقي والعمودي، وكتابتها بحرفها الأصلي تيفناغ، كما ينبغي، حسب عصيد، على مختلف الفاعلين السياسيين والمدنيين في هذا الموضوع، تحديد مجالات تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وهي على الخصوص مجالات التعليم والإعلام والفضاء العمومي وواجهات المؤسسات وعلامات التشوير والقضاء، والصحة والإدارة الترابية. وبخصوص احتمال أن يتحول وضع القانون التنظيمي إلى مجال للتجاذبات، أكد عصيد أن النقاش الذي تم مع عدد من الفعاليات السياسية ومنها الحركة الشعبية، وحزب التقدم والاشتراكية، وكذا مع بعض الفعاليات الحقوقية ومنها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وأيضا في مجلس المستشارين، يكشف أن الغالبية العظمى تسير في اتجاه ما نص عليه التصريح الحكومي والخطب الملكية وما تطالب به الحركة الأمازيغية، وهو أن يتم تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في إطار الحفاظ على المكتسبات. وقال عصيد إنه من غير الممكن التعامل مع اللغة الأمازيغية خارج الطابع الرسمي «فاللغة الرسمية تعني لغة المؤسسات ولغة الدولة، ولا يمكن معاملتها بغير ذلك، رغم وجود بعض الأصوات النادرة التي تعبر عن مواقف معاكسة لتلك الثوابت مثل ما عبر عنه الداودي والفاضلي وزيان أو بعض الشخصيات التي لم تواكب النقاش أو الحوار الوطني في هذا الموضوع مند سنوات»، وأضاف عصيد أن مشكلة هذه «الأصوات النشاز أنها تتناقض مع التزامات التنظيمات التي تنتمي إليها، وتتناقض مع ما تقرر في السياسات العمومية بشكل لا رجعة فيه، حيث لا يمكن في كل مرة العودة إلى الوراء وإعادة النظر فيما تم إقراره والعمل به، خاصة أن بعض هؤلاء ومنهم الداودي انطلق في وزارته بالعمل والكتابة بالأمازيغية المعيار وبحرف تيفناغ مما يجعله يعاكس قراراته». إلى ذلك قلل عصيد من التحملات المالية والتدبيرية التي يمكن أن يطرحها تفعيل الأمازيغية، خاصة في بعض الجوانب ومنها فضاءات المؤسسات العمومية وعلامات التشوير، وأكد أن ذلك يجب أن يمر من خلال أجندة معقولة وواقعية، وقال «لا يمكن كتابة كل العلامات الطرقية بالأمازيغية دفعة واحدة ولكن يمكن فعل ذلك في عامين أو ثلاثة»، كما أشار إلى أن تعددية اللغات في الفضاءات العمومية والهوية البصرية للبلاد التي ستتزاحم فيها اللغة العربية والفرنسية والأمازيغية لن يطرح أي مشكل على الإطلاق، وقال «مثلما تعود المغاربة على لغة رسمية وأخرى أجنبية في الفضاء البصري فإنهم سيتقبلون إضافة اللغة الأكثر عراقة على أرض المغرب». إلى ذلك قال عصيد إنه لا يعتقد بوجود جبهة أو تيار يمكن أن يتدخل لفرض تعديلات في القانون التنظيمي الذي من المنتظر أن تنكب عليه الحكومة إلى جانب 19 قانونا تنظيما لا يزال على لائحة الانتظار، وهي التعديلات التي قد تحد من تنزيل الأمازيغية كلغة رسمية بالشكل التي تطالب الحركة الأمازيغية، وقال عصيد إن الأمر يتعلق بمواقف أشخاص فقط، «أشخاص يعانون من تصلب إيديولوجي ولا يتقبلون الديمقراطية الثقافية»، مشددا على أن مسألة تزيل الأمازيغية كلغة رسمية أصبح مسألة وقت فقط، وأن هذه القضية لن تتأثر ببعض التصريحات والمواقف الصادرة عن بعض الشخصيات السياسية، حيث قال عصيد «هؤلاء يؤمنون بالديمقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية غير أنهم يرفضونها في المجال الثقافي واللغوي ما يعكس أزمتهم، لكن في اعتقادي أن التيار العام ومسار التاريخ في هذا الموضوع يسير في اتجاه التسوية النهائية لهذا الملف ومن غير المسموح به، عودة الصراع والصدام بعد أن حسم الدستور في هذه القضية».