سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحبابي: الحكومة الفرنسية أخبرتنا بأن منظمة أجنبية هي التي اختطفت المهدي قال إن عبد الرحيم بوعبيد كتب رسالة إلى الرئيس الفرنسي دوغول باسم أم المهدي بنبركة
حقائق تنشر لأول مرة على لسان محمد الحبابي، «الشيوعي» الذي أسس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية رفقة المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد، دون أن يتخلى عن صداقته لمستشاري الحسن الثاني وجنرالاته الأقوياء. فوق كرسي اعتراف «المساء»، يتحدث أستاذ الاقتصاد عن علاقته بالجنرالين القادري والدليمي وبإدريس البصري، وكيف جمع بين علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد لتأسيس الكتلة الوطنية، ثم اتصل بالقصر الملكي لتشكيل حكومة الكتلة في 1971؛ ويتطرق الحبابي إلى علاقة الاتحاديين بالانقلاب على الحسن الثاني سنة 1972. ويميط اللثام عن أسرار غير معروفة في قضية المهدي بنبركة، وكيف خطط رفقة اليازغي لاختطاف «قتلة» المهدي، وكيف سجنه الحسن الثاني رفقة بوعبيد واليازغي بعد رفضهم الاستفتاء حول الصحراء سنة 1981. - كيف توصلتم في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بخبر اختطاف المهدي بنبركة؟ أخبرنا محمد الطاهري، ممثل «الاتحاد» حينها في باريس، بأنه كان على موعد مع المهدي للذهاب إلى المسرح، وأن المهدي تغيب عن الموعد، ولم يكن له وجود لدى معارفه في باريس. - ألم يكن التهامي الأزموري، الطالب الذي كان المهدي قد كلفه بإنجاز بحث حول حركات التحرر لاستثماره في فيلم «باسطا» والذي كان رفقة المهدي أثناء اختطافه، هو أول من أخبركم؟ لا، الأزموري اختبأ يومها في بيته، ولم يقم بأي اتصال أو إجراء إلا في اليوم الموالي. - ما الذي قمتم به كاتحاديين بعدما تناهى إلى علمكم خبر اختطاف المهدي بنبركة يوم 29 أكتوبر 1965؟ أنا كنت حينها مدير جريدة «ليبيراسيون»، فكتبت مقالا بعنوان: «حرروا المهدي»، لأنه كانت قد وصلتني حينها بعض المعلومات تقول إن المهدي تم نقله عبر طائرة من باريس إلى وجدة وتم تسليمه إلى الجنرال الشلواطي، الذي كان حينها عاملا على وجدة. ثم وصلتني معلومات أخرى تقول إن المهدي تم نقله إلى فيلا في حي أكدال بالرباط. - ما الذي قمت به بعد توصلك بهذه المعطيات؟ استقللت سيارة رفقة الحبيب الشرقاوي وذهبنا إلى فيلا في حي أكدال بالرباط، حمنا حولها وسألنا من كان بجوارها، لكننا لم نعثر على أي أثر للمهدي. - هل كنت مستعدا لاقتحام الفيلا في حالة ما لو كان قد تأكد لكم وجود المهدي داخلها؟ لا، كنا فقط نريد أن نتأكد مما إذا كان هناك أثر للمهدي في هذه الفيلا، وبعد ذلك كنا سنحدد ما الذي سنقوم به. لكننا وجدنا أن الفيلا خالية ولا أثر لبشر فيها. - هل حملت مسؤولية اختطاف المهدي بنبركة حينها للمغرب أم لجهة أخرى؟ الأمور لم تكن بالنسبة إلي في البداية على قدر كبير من الوضوح. لكنني عرفت، لاحقا، أن من نظم عملية الاختطاف هو وزير الداخلية الفرنسي روجيه فري، وبالطريقة التي سبق له أن اختطف بها، من ميونيخ بألمانيا، الكولونيل أنطوان أركود، أحد أكبر معارضي نظام الجنرال دوغول. إلا أن الشيء الوحيد الذي استجد في اختطاف المهدي بنبركة هو حضور الطالب التهامي الأزموري أثناء مداهمة لويس سوشون وروجي فواتو (مسؤولان من تجريدة الأمن العادية في باريس) اللذين أخبرا المهدي بأنهما من البوليس الفرنسي، وجاءا خصيصا لحمايته من اختطاف وشيك سيتعرض له، لذلك صعد معهما المهدي دون تردد إلى السيارة، خصوصا وأن المهدي كان حديث عهد بمحاولة اختطاف تعرض لها في جينيف. - ما هو أول إجراء قمتم به في «الاتحاد» بعدما تأكد لكم اختطاف المهدي؟ اتصل عبد الرحيم بوعبيد بوالدة المهدي بنبركة، وطلب منها أن تكاتب الرئيس الفرنسي شارل دوغول وتطلب منه أن يكشف عن مصير المهدي ويعمل على تخليصه من مختطفيه. وقد تكلف عبد الرحيم بكتابة تلك الرسالة. بعد أسبوع على ذلك، أجاب دوغول أم المهدي يخبرها بأنه أعطى أوامره بالتحري في ما جرى للمهدي، مؤكدا لها أن حقيقة اختطاف ابنها سيكشف عنه بالتفاصيل. حينها، كان دوغول يهيئ لخوض الانتخابات الرئاسية في فرنسا، وقد راسل الحسن الثاني وطالبه بإبعاد الجنرال أوفقير من منصب وزير الداخلية وتقديمه إلى المحاكمة لتورطه في اختطاف المهدي على الأراضي الفرنسية، لكن الحسن الثاني أجابه بالرفض. كما كاتب دوغول وزير داخليته روجيه فري يطلب منه إجراء بحث للكشف عن مصير المهدي. ولم يكن دوغول، إلى حدود ذلك الوقت، يعرف أن روجيه فري هو من نظم عملية الاختطاف رفقة جاك فوكار، المستشار بقصر الإيليزيه، وسيعلن (دوغول) في ندوة صحفية لاحقة أن جهات فرنسية ساهمت في اختطاف المهدي بنبركة، لكن مشاركتها بسيطة وحقيرة. - هل أصدرتم بيانا في الموضوع؟ نعم، أصدرنا بيانا موقعا بتاريخ 1 نونبر 1965. من جملة ما قلناه فيه أن «الحكومة الفرنسية أخبرتنا بأنه لا علاقة للبوليس ولا لجهاز الاستخبارات «دي إس تي» الفرنسي، من قريب أو بعيد، باختطاف المهدي بنبركة»، وأن «الحكومة الفرنسية تقول إنها متيقنة بأن منظمة أجنبية هي التي قامت باختطافه». ولم تقل لنا الحكومة إن هذه المنظمة مغربية. - ألم تحاولوا في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الاتصال بالحسن الثاني، لاستفساره حول مدى تورط وزير داخليته أوفقير في اختطاف المهدي؟ لا، لأن العلاقة بيننا كانت قد عرفت نوعا من البرود؛ فبعد اللقاء الذي جرى بين الملك وعبد الرحيم بوعبيد، في أبريل 1965، والذي عرض فيه الحسن الثاني على عبد الرحيم أن يقود «الاتحادُ» حكومة منسجمة يكون عبد الرحيم رئيسها والمهدي وزير الخارجية فيها، عاد عبد الرحيم للاتصال بالحسن الثاني في غشت من نفس السنة، إلا أن الملك بدأ يماطله، وعندما اقترب شهر شتنبر الذي كان قد تم الاتفاق بين الملك و«الاتحاد» على تنظيم الانتخابات خلاله، قال الحسن الثاني لعبد الرحيم: أنا منشغل بالإعداد للقمة العربية في فاس، والتي انعقدت في شتنبر 1965، لكن في أكتوبر، وهو الشهر الذي اختطف فيه المهدي، لم يعد الحسن الثاني يرد على اتصالات عبد الرحيم.