اتسعت مؤخرا تجارة بيع العطور المقلدة في الأسواق المغربية، وعرفت رواجا كبيرا في أسواق المدن الكبرى (البيضاء، الرباط، فاس..)، وكذا إقبالا واسعا، خاصة من لدن الشباب والمراهقين والنساء، نظرا لأسعارها الزهيدة التي تناسب القدرة الشرائية المتدنية للمواطنين، الذين يغفلون الجودة التي غالبا ما تغيب مع الثمن الزهيد، ومن ثمة لا يكلف الواحد منهم نفسه السؤال أو البحث عن المخاطر الصحية التي يمكن أن تتسبب فيها تلك المنتوجات، خاصة مع غياب التوعية في هذا المجال. أظهرت دراسة بريطانية حديثة أن رش بعض أنواع العطور المركبة على الرقبة وتعرضها لأشعة الشمس قد يتسبب في ظهور بقع عليها لا يمكن إزالتها إلا بالليزر، فيما بينت دراسة في اسكتلندا مدى تأثير مخاطر تلك العطور على المرأة الحامل وتأثيرها السلبي على الجنين، وخصوصا في الفترة مابين (8-12) أسبوعا من بداية نمو الجنين، فضلا عن تأثيرها على إنتاج الحيوانات المنوية لأنها تبطل نشاط عمل منشطات الذكورة لدى الأطفال، وخاصة العطور المركزة منها، ولاسيما أن نسبة 90% من النساء يستعملن تلك العطور عند بداية زواجهن. أصبحت الأسواق البيضاوية تعج بحركة غير عادية، ناتجة عن انتشار نوع جديد من التجارة، والمرتبطة أساسا بالعطور المقلدة، حيث يسارع العاملون في هذه المحال إلى تقديم خدماتهم من أجل استقطاب الزبون، هذا الأخير الذي بمجرد ولوجه للمحل التجاري، يستلم قائمة تضم أسماء أشهر العطور العالمية، من أجل مساعدته على اختيار عطره المفضل، ثم يشرع العامل في عملية خلطه بشكل مباشر أمام أعين الزبون، وذلك بمزج زيت العطر المركز مع الماء المقطر، ثم يضيف الكحول ليحصل على عطر مشابه إلى حد كبير للعطر الأصلي. إقبال كبير عزت نوال، صاحبة محل لبيع العطور، سبب اختيارها للعطر المقلد إلى عدم وجود عطور أصلية، تحمل ماركات عالمية معروفة في الأسواق المحلية، الشيء الذي جعل غالبية باعة العطور يلجؤون إلى تركيبها محليا بمقادير معينة ليصبح بعد ذلك العطر باهظُ السعر في متناول الجميع. من جهته، قال خالد إنه لا يهتم بمنشأ العطر وجودته بقدر اهتمامه برائحته وسعره المناسب لقدرته الشرائية المتدنية، فهو يستخدم عطرا مقلدا، بسبب ارتفاع أسعار العطور الأصلية، وإن كانت رائحة هذا الأخير تدوم لفترة أطول مقارنة بالمقلدة، والتي تزول بعد فترة قصيرة من وضعها. إلى ذلك، قال بائع العطور «علي» إن باعة العطور يحققون أرباحا كبيرة من خلال تجارتهم في العطور المقلدة التي يتم تركيبها محليا، فضلا عن أن هناك من الباعة المتجولين خاصة، من يقوم بتصنيع روائح عطور لماركات شهيرة ويبيعها بأسعار متدنية. قارورة عطر ب20 درهما العمل بمحل لبيع العطور يتطلب ما يقرب من أسبوع كامل من التدريب، وحول أسماء العطور التي تعرف إقبالا كبيرا، تقول سميرة -بائعة عطور بالبيضاء- إنها «دوتشيكافانا» و»نايت بلو» و»نينا ريتشي» و»أمور أمور» و»كلولتر»، إضافة إلى بعض العطور المرتبطة بالفصول الموسمية مثل «إبنوز» و»بوازون دبور» و»شانيل 19» أو «شانيل 5». وأضافت سميرة أن الفتيات هن الأكثر ارتيادا لمحلات بيع العطور وإقبالا على هذه الأخيرة، خاصة التي لا يتجاوز ثمنها20 درهما، في حين تصل أسعار العطور الفرنسية المستوردة إلى200 درهم لقنينة العطر الصغيرة، وتقدم بأشكال وأحجام مختلفة، تبعا للقدرة الشرائية للمشترين الذين تختلف أذواقهم أيضا، فمنهم من يفضل اقتناء العطر المقلد لسعره المنخفض فيما يختار آخرون شراء العطر الأصلي، حتى وإن ارتفع ثمنه، لجودته التي تجعله يدوم طويلا بخلاف العطر المقلد. العطور الشرقية والأوروبية عن مصدر المكونات المستعملة في تحضير هذه العطور ومدى اقترابها من تلك الأصلية، يوضح محمد – صاحب محل تجاري- «يقوم البائع باستيراد زيوت العطور المركزة من بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا وإسبانيا وإنجلترا، بوصفها أساس التركيبة، وإن كانت بدورها زيوتا مقلدة للأصلية، ويخلطها بمكونات أخرى ليحصل على عطر قريب إلى حد ما من العطر الأصلي في رائحته فقط وليس في جودته». ويواصل حديثه قائلا إن هناك نوعين من العطور؛ الشرقية والأوروبية، حيث تتميز العطور الشرقية بغلبة النكهات القوية عليها، مثل المسك والعنبر والعود، لكنها تبقى الأقل رواجا في المغرب على الأقل، أمام رواج الفرنسية الأصل منها، والتي نتصدر قائمة المبيعات بالمغرب. تحذيرات خبراء الصحة حذر خبراء الصحة من استخدام العطور المقلدة، لكونها تتسبب في حساسية الجلد، وتهيجه وأيضا ظهور بقع عليه، كما أكدت مجموعة من الدراسات الأمريكية التي أنجزت لهذا الغرض أن المواد الكيميائية الداخلة في صناعة العطور تحتوي على سموم ومواد سرطانية قد تؤدي إلى عيوب خلقية واضطرابات في الجهاز التنفسي.