مباشرة بعد هزيمة حزب الأصالة والمعاصرة في معركة الانتخابات التشريعية الجزئية التي أجريت في دائرة جليز-النخيل، والتي كان التنافس فيها على أشده بين وكيلة لائحة حزب البام ووكيل حزب البيجيدي، استعاد أحمد المتصدق مقعده، بينما قرر قياديو البام البحث عن موطئ قدم آخر في عالم كرة القدم، خاصة بعد أن مني وكيل الحزب في انتخابات طنجة بخسارة مماثلة أمام حزب البيجيدي بحصة لا تقبل الجدل. في اليوم الموالي، فاز البام في انتخابات تكوين المكتب المسير للوداد البيضاوي، حيث اكتسح حزب الأصالة والمعاصرة المناصب وخفف بالتالي على قيادييه هول الصدمة المزدوجة في ملاعب السياسة بمراكش وطنجة، بينما عانى عادل الدفوف، وكيل لائحة البام في طنجة، من مضاعفات هزائم فريقه اتحاد طنجة الذي ساهم وضعه في أسفل الترتيب في خسارة الرئيس أمام خصومه، وانتقلت الخسارة السياسية إلى ملعب مرشان لتأخذ أبعادا أخرى أدت إلى اندلاع أعمال شغب امتدت إلى شوارع طنجة. توقعت استطلاعات الرأي في طنجة هزيمة الرئيس «البامي»، نسبة إلى البام وليس إلى باناما، نظرا إلى تراجع نتائج اتحاد طنجة وعجزه عن مجاراة الدورات الأولى من البطولة، لهذا كان رئيس الرشاد البرنوصي صريحا مع مدرب الفريق أثناء جلسة التفاوض حين طلب منه تحقيق الانتصارات في الفترة التي تسبق الانتخابات التشريعية وأثناء الحملة، وقال: لا أريد أن أدخل غمار الانتخابات وفريقي يعاني في المراتب الأخيرة، حينها سيواجهني الناخبون بالسؤال المحرج: لماذا فشلت في تدبير شأن فريق وتسعى إلى تدبير شأن مدينة؟ قبل ظهور البام، كان الاتحاد الدستوري هو الحزب المغربي الأكثر توغلا في عوالم الكرة، بل إن المعطي بوعبيد، الوزير جمع بين الوزارة الأولى ووزارة العدل ورئاسة الرجاء البيضاوي، بينما كان رفيق دربه عبد اللطيف السملالي وزيرا للشباب والرياضة وكاتبا عاما للرجاء وتقلد عبد العزيز لمسيوي مناصب متعددة، إضافة إلى أسماء أخرى في الوداد كمحمد لمحمدي وفرق أخرى، قبل أن يقتحم حزب التجمع الوطني للأحرار هذا العالم من خلال مجموعة من المسيرين الذين تحولوا إلى رؤساء أندية بدعم من الدولة، فيما كانت الأحزاب التقدمية تتقدم باحتشام نحو الكرة، مع بعض الاستثناءات كعبد الرحمن اليوسفي الذي ترأس الطاس في لحظات الميلاد العسيرة. الوجود البامي قوي في الكرة، مقابل تراجع بقية الأحزاب في الوقت الذي يدير فيه حزب العدالة والتنمية ظهره لفضاءات «غير طاهرة»، يجد تفسيره في جاذبية الكرة الساحرة التي تجلب ملايين المهووسين بدورانها حول نفسها، إذ يمكن لمباراة أن تستقطب أضعاف ما يستقطبه زعيم سياسي، لذا انخرط كثير من قياديي حزب الأصالة والمعاصرة في هذا الهوس الكروي، حيث يجلس في غرفة قيادة شباب الريف الحسيمي القيادي إلياس العماري، ويوجد خمسة «باميين» في الوداد البيضاوي وفي أندية عديدة من اتحاد طنجة إلى نهضة الزمامرة. يركض السياسيون نحو عوالم الكرة أملا في استقطاب أصوات لا تدغدغ مشاعرها الخطب النارية للزعماء السياسيين، بل تحولهم أهداف وقناطر صغيرة وتمريرات ساحرة إلى سكارى وما هم بسكارى، لذا فطن الأصالة والمعاصرة إلى هذا المنحى المفضي إلى وجدان فئة واسعة من الرياضيين، فاستنفر الحزب جراره ليشرع في حرث فدادين الكرة أملا في إصابة سياسية، وحين تتأخر الغلة يلجأ الباميون إلى السقي بالأذرع المحورية، لأنه في السياسة الغاية تبرر الوسيلة.