مجلس المستشارين يعقد جلسة عمومية غدا الثلاثاء    فلسطين تثمن جهود جلالة الملك من أجل حل أزمة الأموال الفلسطينية المحتجزة لدى إسرائيل    نشر خبر زائف حول مقتل تلميذة يجر شخصين للاعتقال بخنيفرة    الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية: وسائل التواصل الاجتماعي مليئة بالمناكر والتشهير وتحتاج لإصلاح ديني وأخلاقي    بنك المغرب: الأصول الاحتياطية الرسمية تبلغ ما مقداره 369,8 مليار درهم    فريق "الأحرار" يتولّى الدفاع عن الوزيرة بنعلي أمام مجلس الحسابات    المغرب في شراكة للذكاء الاصطناعي    الأستاذ البعمري يكتب: "تهجير الفلسطينيين للمغرب.. الكذبة الكبيرة!"    الغرفة الثانية تقر مدونة الأدوية    بعد إدانته بالإعدام ابتدائيا.. تأجيل المحاكمة الاستئنافية لقاتل "بدر"    شاطئ الحسيمة يلفظ جثة حوت ضخم نافق    المستشفى الحسني يفرض الكمامة على المواطنين    أوزين عن التصويت لصالح قانون الإضراب :"نشرع للوطن وليس لموقع في الوطن"    محامي فؤاد عبد المومني يطالب بتطبيق قانون الصحافة في قضية تدوينة موكله حول زيارة ماكرون    فلسطين تشكر جلالة الملك على حل أزمة الأموال المحتجزة لدى إسرائيل    الفنان عبد الحفيظ الدوزي يصدر أغنيته الجديدة "اش هدا"    المغرب يشارك في المؤتمر العام الثامن للاتحاد العربي للكهرباء بالرياض    طقس بارد وصقيع وضباب وأمطار متفرقة ورياح قوية غداً الثلاثاء    نهضة بركان ينفرد بصدارة البطولة ويواصل الزحف نحو اللقب هذا الموسم    وفاة الفنانة السورية الشابة إنجي مراد في ظروف مأساوية    الندوة الدولية الثالثة حول مصطفى الأزموري (إستيبانيكو) في نيويورك تكرس الروابط الأطلسية بين المغرب وأمريكا    أرقام قياسيها تحققها الصناعة السينمائية المغربية خلال سنة 2024    من كازابلانكا إلى فاس.. أوركسترا مزيكا تُطلق جولتها الموسيقية في المغرب    ترتيب البطولة الاحترافية المغربية للقسم الأول "الدورة 20"    حقيقة إستعانة المغرب بممرضات مصريات    خبراء يحذرون من التأثيرات الخطيرة لسوء استخدام الأدوية والمكملات الغذائية    المغرب يصدر أزيد من 5 آلاف طن من البصل إلى الإمارات    علماء أمريكيون يطورون كاميرا فائقة السرعة تعالج الصور فور التقاطها    تهجير الفلسطينيين مخالف للقانون الدولي ومهدد للسلم والامن الدوليين    الذهب قرب ذروة مع تزايد الطلب على الملاذ آمن بعد خطط رسوم جمركية جديدة    أسعار الغاز الطبيعي ترتفع بأوروبا    البرتغالي "ألكسندر دوس سانتوس" مدربا جديدا للجيش الملكي    إقصاء مبكر.. ليفربول يتجرع خسارة مُذلة على يد فريق في أسفل الترتيب    تصفيات كأس إفريقيا للريكبي…المنتخب المغربي يبلغ النهائيات بفوزه على نظيره التونسي    كونسينتريكس تدعم التنمية بجهة فاس    فيلم "دوغ مان" يواصل تصدّر شباك التذاكر في الصالات الأميركية    ترامب يصعّد حرب الرسوم الجمركية    المغرب يقترب من التأهل التاريخي إلى مونديال 2026 بعد إقصاء هذا المنتخب    زريدة خارج أسوار الرجاء صوب الاتحاد الليبي    ترامب: أمريكا قد تفقد صبرها تجاه وقف إطلاق النار في غزة بعد الحالة المتردية لرهائن إسرائيليين    حركة استقلال القبائل تفتح قنوات الاتصال مع إدارة ترامب ووزير خارجية وتطلب فرض عقوبات على النظام الجزائري    السعودية تطيح ب 3 شبكات إجرامية لتهريب المخدرات    بولعجول يرد على "الفحص التقني"    غابة الحوزية: الرئة الخضراء تحت تهديد الانقراض    ترامب مٌصرّ على تهجير الفلسطينيين: ملتزم بشراء غزة وسأعطي أجزاء من القطاع لدول أخرى في المنطقة    بكراوي يهدي "إستوريل" هدفين    تدخل ناجح للوقاية المدنية لإنقاذ مسن بعد سقوطه بسطح منزله في طنجة (فيديو)    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    دراسة: القهوة تقلل خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني    أستاذ بكلية الآداب بتطوان يفوز بالمرتبة الأولى لجائزة الدوحة للكتاب العربي    تطوان شهدت 43 حالة انتحار و10 جرائم قتل خلال سنة 2024    الاتحاد الأوروبي يسمح باستخدام مسحوق حشرات في الأغذية    وداعا للشراهة في تناول الطعام.. دراسة تكشف عن نتائج غير متوقعة    سفيان الشاط يحصل على الدكتوراه بميزة مشرف جدًا مع التوصية بالنشر    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عرفاوي المحجوب
نشر في المساء يوم 28 - 11 - 2008

عن منشورات اتحاد كتاب المغرب وبتعاون ودعم من دائرة الثقافة والإعلام بإمارة عجمان، صدر مؤخرا للشاعر عبد الغني فوزي ديوان شعر تحت عنوان «آت شظايا من رسائلهم»، تحتل فيه تيمة الاحتراق مساحات هائلة، وتمنح نصوصه الشعرية أبعادا درامية، من خلال لغة شعرية هادرة تنزف انزياحات، يشترط القبض على دلالاتها قارئا حاذقا.
غير أن هذا الاحتراق الإبداعي يتغيا الدفء والحرية وكل ما يمنح الذات، أي ذات، نقاء ويسمو بها نحو ما هو طهراني بعد ما يخلصها مما هو مدنس.
ولعل عملية الدخول إلى الكون الشعري، الذي تشكله نصوص هذا المتن الشعري، تغدو مغرية من خلال عتبة عنوانه، والتي تستمد شعريتها من المضمر لا من المعلن، ويمكن البحث عن هذا المضمر في نصوص الديوان اعتمادا على تأويل عميق.
فعلى مستوى العنوان، نجد أنفسنا إزاء جملة يمكن أن نعتبرها نصا شعريا مكثفا، معجما وتركيبا وإيقاعا ودلالة، تعلن فيه الذات الشاعرة عن سباحتها في الزمن وانتمائها إلى الغائبين الذين كانوا يحترقون بالتقسيط في واقع مختل رابطوا في معمعته، ويتعلق الأمر بالفقراء من الناس والموتى من الشعراء، أمثال بدر شاكر السياب وعبد الله راجع وغيرهما من الشعراء الذين كانوا يتآكلون ألما وتشظيا. إلا أن ما يمكن تسجيله حول هذا الاحتراق الذي يدثر نصوص الديوان جميعها والتي يبلغ عددها 52 نصا شعريا هو أن له دواعيَ عدة: بعضها يتمثل في اليتم الذي تحياه الذات الشاعرة وتحياه ذوات أخرى إبداعيه لا تلتفت إليها المؤسسات الثقافية ومدونة النقد المعطوبة، نقرأ في نص «لسان اليتم»:
ماهم / يا سليل نقطة البوح / إن تنكرت المسالك وانتسب الطغاة / لغير صوتك / صوتك المفتون بضلعه/ يؤثث هذا اليتم/ على متكإ خرب.
وبعض هذا الاحتراق يتمثل في التيه الذي ترفل فيه الذات الشاعرة والذي يؤول إلى الألم المسيج لها. نقرأ في نص» كقطر تائه» (ص 47 ):هذا أنا / قطر تائه/ ببال القبضة/ أطبق علي عقدة الكأس/ وأحيا والصمت الطري / في قرار مفض/ للكفن الأزرق.
وتتقد الذات الشاعرة أيضا احتراقا بسبب من يركبون قوارب الموت نحو الموت بإصرار لأن الوطن خذلهم ولفظهم. نقرأ في نص «اشتعال الظلال»:
هاهم يعبرون للموت / دون أثر / يعبرون كانكسار الموج في أفق القوارب/هاهم يتخطون الحياة / بأعوادهم الفتية / فيسقطون ويسقطون / كأن الوطن ظل مقبرة!
كما يتخذ الاحتراق ميسما خاصا عندما تنخرط الذات الشاعرة في فعل الكتابة والتي تشغل حيزا مهما في نصوص الديوان والتي تقربنا من تصور الشاعر للكتابة الإبداعية، نقرأ في نص «اللوح المقبور»: لو تكتبني الأشياء / في همهمتها / أو في انعطافتها الصموتة. ونقرأ في نص «متاع الندم»: لغتي ما استظلت بسقف أو تابوت/كي تلتبس بي هذه الأعمدة /ويجرفني جري الكلام /في رغوته المقيمة.
بيد أن الاحتراق يبلغ مداه بشكل من الأشكال حين يحصل تماس بين ذات الكاتبة وبين البياض، والبياض هنا يحيل على الكتابة التي تمحو الكتابة باعتبار المحو يجدد نسغ الكتابة الشعرية ويجعلها منفتحة على أفق كتابة تشع ألقا وعنفوانا. نقرأ في نص «أصابع»: أحفر في البياض وبه لغتي/ التي تسع كل لوح مقبور/ اللوح الدامغ في أرضه/على مرأى من رغوة العبور.
وبصدد اللغة الشعرية في هذه المجموعة الشعرية، نسجل بعدها الانزياحي على مستوى المجاز والاستعارة والتشبيه، وجنوح الصورة الشعرية نحو التخييل المدهش لما يخلقه من مفاجأة خلال عملية تلقي نصوص الديوان، ونمثل لبعض الصور الشعرية بما يلي: (كانت لمسة منكسرة الحواس - أكتب انسيابي كالزمن الشفيف - كأن الوطن ظل مقبرة – ينتحر قسطنا من الهواء في تفاحة – صمتك ضاج بالمنمنات). ففي هذه الصور نجد مفارقة بين وضع الصورة في النص وبين وضعها في الذهن وهذا ما يسميه «امبسون» بالنمط السادس من الغموض، لكنه غموض تمليه، في نظرنا، طبيعة الشعر كلغة تنأى عن استعمال اللغة المألوفة والمسكوكة.
كما تتغذى هذه اللغة الشعرية من التناص (حتى مطلع الحرف – على العروش الخاوية) ومن الثقافة الشعبية (فلنوقف المصيدة / القصيدة / ولتسرح أيها القارئ مع الواد الواد).
وحري بنا أن نشير كذلك إلى أن اللغة الشعرية التي اجترحها الشاعر في ديوانه تنفتح على التصوف كخطاب يعمق تجربة السفر في الذات والأقاصي، وكلغة تحفل بالجسد والحرف والوجود، وكلغة فيها خيال ورمز وحدس تخترق لغة التداول اليومي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.