بعد زيارته كلا من السعودية والأردن، حل الملك محمد السادس، مساء أمس الجمعة، بالعاصمة القطرية الدوحة، في أول زيارة رسمية له للإمارة الخليجية، حيث أجرى مباحثات مع أمير قطر، حمد بن خليفة آل ثاني، حول تعزيز التعاون بين البلدين والقضايا ذات الاهتمام المشترك، لكن الجانب الاقتصادي يبقى المهيمن على الزيارة، إذ يطمح المغرب إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين وتحفيز القطريين على الاستثمار في العديد من القطاعات الحيوية بالمغرب، خصوصا أن الإمارة الخليجية الغنية أصبحت محط اهتمام العديد من الدول، التي تتسابق على استقطاب الاستثمارات القطرية، في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر منها العالم. وفي هذا الصدد، قال المكي كوان، سفير مغرب بقطر، إن الزيارة تهدف إلى «وضع الآليات الكفيلة بتنفيذ المشاريع الاستثمارية المهمة، وتفعيل الاتفاقيات الثنائية التي تربط بين البلدين في مختلف المجالات، وعلى رأسها الجوانب الاقتصادية». وتشكل هذه الزيارة، حسب العديد من المراقبين، فرصة لاستكشاف مجالات أخرى للتعاون، خاصة في قطاع الخدمات مثل الهندسة والاتصالات والمالية والتأمينات والتدبير والاستشارة والبنيات التحتية والإنعاش العقاري وتعزيز المبادلات التجارية، خاصة في قطاعات الأدوية والبناء والكهرباء والتغذية والنسيج والجلد والصناعات الكيماوية والبتروكيماويات ومجالات أخرى. تجدر الإشارة إلى أن المغرب وضع إطارا قانونيا ينظم العلاقات الثنائية مع قطر بهدف إنعاش هذا التعاون بشكل أفضل، وإعطاء دينامية لدور مجلس رجال الأعمال المشترك المغربي القطري، وتشجيع إنشاء شراكة مشتركة مغربية قطرية للاستثمار وتكثيف تنظيم معارض المنتوجات الوطنية والمشاركة في المعارض التجارية المنظمة في البلدين. وفي السياق ذاته، أكد رئيس رابطة رجال الأعمال القطريين، الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني، أن المغرب يوفر أفضل الفرص الاستثمارية، وأنه ينعم بالأمن والاستقرار، معربا عن يقينه بأن العديد من رجال الأعمال والمؤسسات في قطر يرغبون في الاستثمار في المملكة، مضيفا أنه «توجد في المغرب فرص كثيرة في مجالات الفلاحة والصناعة والسياحة»، وأن «العديد من رجال الأعمال والمؤسسات في قطر يرغبون في الاستثمار في المغرب». وتشكل الاستثمارات في القطاع السياحي أبرز أوجه التعاون بين البلدين، وفي هذا الإطار تساهم قطر في الهيئة المغربية للاستثمار السياحي، التي أنشئت للاستثمار في القطاع السياحي بالمغرب، خاصة بهدف تطوير منتجعات سياحية جديدة، في إطار الإستراتيجية التنموية الجديدة للقطاع في أفق 2020. وتم بموجب عقد إنشاء هذه الهيئة، ضخ 20.8 مليار درهم (2.5 مليار دولار) على أن تكون مساهمة الشركاء بالتساوي، أي بنسبة 25 في المائة لكل منهم. وتنفيذا للتوصية الصادرة عن اللجنة العليا المشتركة المغربية القطرية، في دورتها الرابعة الخاصة بتشجيع الاستثمار، تم إنشاء شركة مشتركة مغربية قطرية للاستثمار (برأسمال يمكن أن يصل إلى مليار دولار)، من مساهمين في القطاع الخاص بالبلدين بهدف إقامة وتمويل المشاريع ذات الصبغة الاستثمارية وتشجيع تدفق رؤوس الأموال في مختلف القطاعات. ويتعلق الأمر باتفاق يجمع بين وزارة المالية، نيابة عن صندوق مالي سيادي مغربي، سيتم إنشاؤه لاحقا تحت اسم «هيئة استثمار المغرب»، وبين «قطر القابضة»، من أجل إحداث «الهيئة المغربية القطرية للاستثمار»، وفق هندسة جديدة لشركة مختلطة تضم السلطة المغربية أو أي مؤسسة مغربية تملك فيها الحكومة المغربية 50 في المائة أو أكثر من أسهم رأس المال ونفس التركيبة بالنسبة للطرف القطري. وستتولى هذه الهيئة، التي يبلغ رأسمالها مليار دولار مناصفة بين البلدين، الاستثمار أو إنشاء أو المساهمة في مقاولات تنشط في جميع الأنشطة. تجدر الإشارة إلى أن السلطات القطرية أعلنت عن استعدادها لتقديم مبلغ مليار و250 مليون دولار على خمس سنوات لدعم المشاريع التنموية في المغرب، وهو المبلغ الذي يعادل حصتها المقررة في المنحة التي تعهدت بها دول مجلس التعاون الخليجي (قطر والإمارات والسعودية والكويت) البالغة 5 مليارات دولار، ومن المرتقب أن يتم قريبا التوقيع على مذكرة تفاهم بهذا الشأن.