فجّر وزير العدل، خلال زيارته لمحاكم الناظور في 24 شتنبر الماضي، قنبلة من العيار الثقيل أثناء مناقشات، مع مجموعة من المحامين الغاضبين في قلب المحكمة الابتدائية، بحضور وفد رفيع المستوى من الأسماء الوازنة في وزارة العدل ومسؤولي محاكم المدينة. «أسوأ محكمة عندنا هي هذه»، يقول وزير العدل والحريات، دون أن يتردد أو يعدّل من كلماته، قبل أن يردف: «إنها منطقة منكوبة».. وما زالت هذه التصريحات تتردد بقوة في مقاهي المدينة، كلما تم فتح ملف القضاء وتراكُم الملفات وتقادم القضايا بسبب تأخر البتّ فيها في محكمة ابتدائية تسير بإيقاع غير عادي. لماذا تحولت محاكم المدينة إلى محاكم منكوبة؟ ولماذا صُنِّفت من قِبل الوزير على أنها أسوأ محاكم في المغرب؟.. في بهو المحكمة الابتدائية، كان الجو غيرَ عاديّ. جل المعنيين بالزيارة في حالة انتظار مسؤول كبير في الحكومة. «مثل هذه الزيارات من قبل وزراء العدل لحاكم الناظور لا تحدث دائما»، صحافي حضر جزءا كبيرا من وقائع الزيارة. وكان عدد من المسؤولين في هذه المحاكم يضعون آخر الترتيبات قبل وصول محامٍ خبر ردهات المحاكم في المغرب وتنقل بين أروقتها. في حين كان رجال الشرطة، بدورهم، يُنهون إجراءاتهم الأمنية لكي تمر الزيارة دون «أعطاب».. في قاعة الجلسات رقم 2 في المحكمة الابتدائية، يطّلع الوزير على المرافق والبنيات، ويقدم مسؤولو المحكمة الأجوبة عن أسئلة الوزير حول الإصلاحات والترميمات ومكيفات الهواء والسطوح والمقاعد.. «القضاء في خدمة المجتمع»، تقول لافتة معلقة في القاعة بشكل يسترعي الانتباه. لكنْ، هل القضاء في الناظور في خدمة المجتمع؟ يتساءل أحد المتتبعين، دون أن يخفي أنه يطرح سؤالا من النوع الاستنكاري. وقرب جهاز «السكانير»، يتوقف الوزير، مرة أخرى، ليسأل. وفي الممر، يطلب من المسؤولين «الرفق» بالمواطن.. قبل أن يقوم وزير العدل والحريات بهذه الزيارة، التي وصفها بالميدانية والاستطلاعية، لمحاكم الناظور، قرر أن يعقد جلسة مع أصحاب البذلة السوداء، وفق ما قالت المصادر. ولأنه وزير العدل فلا يمكنه أن يعقد جلسة عمل من هذا العيار بشكل مفتوح في وجه جميع المحامين، فقد قرر أن تكون فقط مفتوحة في وجه أعضاء مكتب هيئة المحامين، بزعامة نقيبهم. وأكد أحد المحامين الذين حضروا الاجتماع، أن الوزير تداول مع «زملائه» في المهنة لما يقرب أربع ساعات. كاميرا خفية.. في بهو المحكمة الابتدائية في الناظور، وبينما كان وزير العدل والحريات يزور مرافق المحكمة، كان عدد كبير من المحامين ينتظرون الفرصة لكي يتحدثوا إليه عن أوضاع القضاء في المدينة. وبدأ أحدهم في «المرافعة»، لكنّ الوزير أوقفه باستعمال نوع من السلطة الرمزية. «أنا زميل للمحامين»، يقول الوزير، «نعرف المشاكل، وقد اجتمعنا وتأكدنا من المشاكل». إنه يعرف أن السيل قد بلغ الزبى في محاكم المدينة. وقد سبق له، على ما يبدو، أن قرأ تقارير أرسلت إليه حول أوضاع المحاكم وسير الأمور فيها، يسجل مُحامٍ في حديثه إلى «المساء» حول الموضوع. ساعتان ونصف قضاها مصطفى الرميد في زيارته الميدانية للمحكمة. وقال، وهو يرد على «غضب» المحامين، الذين تجمّعوا حوله لسماع جزء من الانطباع الذي خرج به من هذه الزيارة، إنه عمليا قد اتخذ قرارات آنية في عين المكان لإصلاح بعض المرافق والرفق بالمواطن، وهو يلج ردهات المحاكم. وأكد، إضافة إلى ذلك، أنه سيعمل على تزويد المحكمة بالموارد البشرية، سواء القضاة أو النواب أو الموظفين. «الوضع هنا كارثيّ»، يشير أحد المحامين. إنها «أسوأ محكمة عندنا»، يرد الوزير.. وقبل أن يتحول النقاش إلى «غضب» للمحامين، تدخل نقيب الهيئة لتهدئة الوضع. «لقد أعطى السيد الوزير رقم هاتفه المحمول وأرقام هواتف المسؤولين في وزارة العدل»، يقول نقيب المحامين بهيئة الناظور، قبل أن يضيف، بلغة الواثق من تعهدات وزير العدل والحريات، أن 90 في المائة من المطالب ستتحقق، خاصة في ميدان الخصاص.. يتناول الوزير الكلمة مجددا، في مشهد يشبه مشهد النقاشات الساخنة في الجامعة، ويشير إلى أنه طلب من النقيب أن يسجل التزاماته وأن يحاسبه عليها بعد مرور سنة. ويفجر الوزير قنبلة أخرى، وهو يواصل حديثه: «يمكن أن نعتبر هذه المنطقة منكوبة ومنسية، وزد على ذلك من المصطلحات ما تراه ملائما، ووزارة العدل مسؤولة».. اختلالات بعد أن تحدث الوزير دون حدود أو حواجز في «حلقة نقاش» مع زملائه في المهنة، وُضع أمامه ميكروفون القناة الأولى، وقال، بعد أن عدّل من وقفته، وبكثير من الهدوء هذه المرة، إن الزيارة التي قام بها إلى محاكم الناظور زيارة استطلاعية تندرج في إطار عدد من الزيارات التي يقوم بها إلى المحاكم في الجهة، على هامش الندوة الجهوية حول إصلاح منظومة العدالة. ولم يُخفِ الوزير، في تصريحه الرسمي في القناة العمومية الأولى، أن المعطيات التي توفرت لديه تؤكد أن هناك اختلالات. ولم يشر الوزير في الإختلالات التي تحدّث عنها إلا إلى تراكم الملفات أو ما يسمى في معجم المحاكم «المُخلف». وأرجع الوضع إلى نقص الموارد البشرية وضعف تأهيلها وإلى مشكل التحديث، أما المشاكل الأخرى فقد فضل ألا يفصح عنها.. وتسريع الإجراءات والتغلب على المخلف هو من أولويات الوزارة، يختم الوزير تصريحه، قبل أن تنتهي الزيارة وتبقى «قنابلها» المدوية، التي فضل عدد من الذين استمعت إليهم «المساء»، عدم الإدلاء بتصريحات رسمية وبأسماء مكشوفة حولها. فقد أشار مسؤول في نادي القضاة، بينما كانت «المساء» تستقصي وجهة نظر القضاة في هذه التصريحات، إلى أن الأمر يتعلق بتصريح «عابر» وإلى أن الوضع قد تمت تسويته، مؤكدا أن النادي لم يُصْدر بعدُ أيَّ تقرير حول وضع محاكم المدينة، لكنه سجل أن قضاة النادي ينكبّون حاليا على إعداد دراسة مفصلة حول محاكم المغرب. ومن المرتقب أن تتضمن هذه الدراسة تفاصيل عن محاكم الناظور، يورد المصدر نفسه، وأبدى نفسَ التحفظ عدد من المحامين. انتقاذ لقطاع القضاء في مدينة الناظور ينتعش إحساس كبير بالغبن تجاه الإدارات وتجاه موظفيها. ويظهر أن الرأي العام يوجّه سهام النقد بالدرجة الأولى إلى قطاع القضاء. تضيع ملايير الدراهم في ميزانية الدولة بسبب تراكم الملفات وتأخر البتّ فيها، وليس هذا فحسب، يقول المحامي بوطيبي، قبل أن يضيف أن هذا التأخر يؤدي إلى تقادم الملفات، ما ينتهي بإضاعة حقوق المتقاضي، الذي قصد المحكمة طلبا للإنصاف ورد الاعتبار.. فكيف سيكون إحساس مواطن ولج المحكمة بشكاية يطالب فيها بالإنصاف في شكاية جنحية، وخرج منها بملف متقادم؟ إنه الإحساس بالغبن.. خلّفت زيارة الوزير تعليقات مسترسلة على شبكة التواصل الاجتماعي، توجه انتقادات لاذعة للعاملين في القضاء ولبعض من يُقدَّمون على أنهم وسطاء وسماسرة. ولم يسلم بعض المحامين من انتقادات المواطنين. وأرجع تعليق أكثر «نضجا» الوضع إلى التهميش الذي تعانيه منطقة الريف، وقال إن وزراء العدل في الحكومات السابقة لم يزوروا المحاكم التي تعاني من «نقص حاد في الموارد البشرية والتجهيزات، والتي يشتغل فيها ها كل موظف ما يشتغله خمسة من زملائه في المحاكم الأخرى.. إضافة إلى اختناق تام، كما يعاني القضاة الشيء الكثير: كثرة الملفات وسوء المكان.. أما قسم قضاء الأسرة فيستحيي الإنسان من أن يلجه لقضاء مآربه، فبالأحرى أن يشتغل فيه طول حياته».. ضد الوزير لم تنته زيارة الوزير إلى محاكم الناظور ب«قنبلة» تصريحه فقط، بل خلّفت أيضا غاضبين ممن لهم تأثير على سير القضاء. وسارعت النقابة الديمقراطية للعدل، والتي تعتبر من النقابات الوازنة في أوساط موظفي كتابة الضبط، إلى انتقاد الزيارة، واستغربت إلغاء الوزير لقاء كان من المقرر أن يعقده مع مسؤوليه. وقال بيان صادر عن النقابة إن تصريحات وزير العدل تضرب عرض الحائط المجهودات التي يقوم بها هؤلاء الموظفون، ومعهم القضاة. فهل معنى هذا أن الموظفين راضون عن أوضاع محاكم المدينة؟ أشار بيان النقابة إلى أن عددا من الموظفين تعرضوا للشتم من قبل المواطنين مباشرة بعد تصريحات الوزير.
تفاصيل صادمة تفاصيل أخرى صادمة عن واقع المحكمة الابتدائية في المدينة: تتكون مواردها البشرية من 16 قاضيا ورئيس محكمة و70 موظفا ورئيس مصلحة، وسيصبح هذا العدد 65 موظفا، لأنه تمت الاستجابة لطلبي انتقال، إضافة إلى 3 موظفين مقبلين على التقاعد وخمسة لا يحسنون الكتابة، وأسندت إليهم مهام «السخرة».. ويعمل 48 موظفا في المحكمة الابتدائية و13 في قضاء الأسرة. وطبقا لمعطيات شبه رسمية، فقد بلغ مجموع الملفات المخلفة لديها عن سنة 2010 والمسجلة سنة 2011 حوالي 49251 قضية. وتعقد المحكمة الابتدائية حوالي 34 جلسة أسبوعيا، تضاف إليها 4 جلسات بحث، وإلى جانبها أيضا أشغال كتابة الضبط في شعب الصندوق، التبليغ الزجري، التبليغ المدني، التنفيذ الزجري، التنفيذ المدني، السجلان العدلي والتجاري والمصادقة على الوثائق. وسبق للمحامين الغاضبين من الوضع القضائي في المنطقة أن احتجّوا أياما فقط قبل مجيء وزير العدل والحريات. وتقول أرقام أخرى متداوَلة إن كل قاضٍ في ابتدائية الناظور يعالج ما يزيد على 3000 ملف في السنة، فيما لا يتعدى المعدل الوطني 500 ملف لكل قاض.. وأكدت المصادر أن هذا الوضع غير مقبول من الناحية المهنية والأخلاقية. فكثرة الملفات عادة ما تُفقد التركيز وتؤدي إلى الفوضى والتسيب وتؤثر على السير العادي لمجريات العدالة. ويضيف المحامون إلى هذه السمات تراكمَ عدم تحرير الأحكام وبعض الأحكام التي تصدر دون أن يصلها دورها في التحرير إلا بعد مرور سنة.. إنها «المحنة» في المحكمة الابتدائية في القلب النابض لمنطقة الريف. فكيف يمكن حماية مصالح المتقاضين في ظل هذا الوضع؟ وكيف يمكن مهنة المحاماة أن تعيش ظروف الكرامة؟ لقد وعد وزير العدل والحريات بحل ما يقارب 90 في المائة من المشاكل في غضون بداية السنة القادمة. وبالنسبة إلى عدد كبير من المواطنين فإن المحكمة تحطم «الرقم القياسي» في البطء وتأخير الجلسات وتخلف الملفات، في حين أن المحكمة، بهذه الأرقام وبالنظر إلى مواردها البشرية، تعمل بشكل جيد و يتجاوز معدل أحكامها المعدل الوطني مرتين. ويقول موظفو كتابة الضبط إن وزارة العدل هي المسؤولة عن هذا الوضع. فقد وجّهوا عدة مراسلات وأصدروا عددا كبيرا من البلاغات للمطالبة بتعزيز المحكمة بالعنصر البشري، لكنْ دون جدوى.
الهرواشي : جل قاصدي محاكم الناظور يشتكون من بطء الملفات لا أعتقد أن وزير العدل حينما صرّح بأن محكمة الناظور هي الأسوأ في المغرب كان يقصد غير ما قاله. فهو رجل جدّي وقانونيّ وشخصية حكومية مسؤولة، ومن المؤكد أنه انطلق مما تكون وزارته قد توصلت به من شكايات المواطنين، ولجل هذه الملفات وجه مشترك واحد، وهو طول مدتها الزمنية. فيكفيك أن تجلس في قاعة المحكمة وتستمع إلى القاضي وهو ينطق برقم الملف المعروض عليه لتشكك في سلامة سمعك. فحينما تسمع ملف عدد كذا سنة 2000، مثلا، أو أبعد من ذلك بكثير، يعني أن هذا الملف مكث 12 سنة في رفوف المحكمة دون الفصل فيه. فالمشتكي في هذه الحالة إما أن يكون ميتا أو انتقل إلى السكن في بلاد أخرى أو أصيب بالإحباط.. هنا نتكلم فقط عن ملفات الجنحيّ العادي، التي نجدها تتراكم باستمرار دون أي تدخل ممن يهمّهم الأمر. وتزيد التأجيلات طويلة المدى للملفات في تراكمها. وكما يقولون: من تراكمت عليه الأوقات ينتهي تاركا للصلاة.. وشخصيا أرى أن السبب الأول في تراكم الملفات يعود إلى انعدام المقرر في ملفات الجنحي العادي. على الأقل في المرحلة الابتدائية، إذ إن القاضي الذي يبتّ في الملف اليوم ليس هو الذي يبتّ فيه بعد غد، ولهذا نري أن القاضي يتجنب، قدْر الإمكان، «الغرق» في ملف عمره أكثر من 10 سنوات، ويزداد تضخما ووزنا بين جلسة وأخرى، ما يجعل القاضي يؤجله إلى جلسة لا تقل مدتها على سبعة أشهر أو سنة في بعض الأحيان.. وأحيانا أخرى نجد أن قاضيا تتبع مسار ملف وكوّن لديه قناعة تامة عن الحكم الذي يراه عادلا فيه، وفجأة يسقط في يد قاض آخر، فيقرر إعادة النظر فيه من جديد.. وهذا ما يسبب اليأس للمشتكي، فيعتقد أن هناك من «يتآمر» على قضيته وحقوقه، ويسارع إلى رفع شكايات إلى عدة جهات.. ويعود السبب الثاني، على ما أعتقد، إلى المتقاضين أنفسهم، بمساهمتهم في تعطيل المسطرة وتأخير تجهيز الملفات، إذ نجد أن المشتكي حينما يخبره محاميه أن قضيته ضعيفة جدا وميؤوس من نتيجتها، يطلب منه إطالتها قدر الإمكان. وهذا ليس في صالح العدالة التي ننشدها جميعا. فاعل جمعوي وإعلامي
بوطيبي : حقوق المتقاضي وملايير الدراهم تضيع وعمل كتابة الضبط «كارثة» لا تسمى الوقائع «كارثية» إلا إذا كانت محدثة لأضرار مادية ومعنوية تلحق بالإنسان وممتلكاته. وحماية هذه الحقوق والممتلكات موكولة إلى القضاء، الممثل من طرف المحاكم، بمختلف أنواعها ودرجاتها، وهو ما يعرف بالجهاز القضائي. وقد سميّ الجهاز لكونه يستوعب عدة أعضاء، وهو ما يطلق عليه في لغة القانون «التنظيم القضائي»، الذي قسم المحاكم إلى مكاتب وشعب وأقسام، وهو ما يعرف باسم جهاز كتابة الضبط، الذي يعمل في استقلالية تامة عن عمل القضاة. وعليه، يكون نظام تسيير المحاكم موكولا إلى هذا الجهاز، الذي يعمل في استقلالية تامة عن عمل القضاة. وعليه يكون نظام تسيير المحاكم موكولا إلى هذا الجهاز، فهو الذي يتلقى مقالات الدعاوى والشكايات والطلبات من المواطنين والوكلاء المعتمدين ليقوم بتسجيلها وترتيبها وعرضها على القضاة للبت فيها، كل حسب اختصاصه. فالاختصاصات الموكولة إلى المحاكم متنوعة بتنوعها وبتنوع أقسامها، وعليه يتم استقبال قاصدي هذه المحاكم من طرف موظفي كتابة الضبط وتعرَض نوازلهم وطلباتهم على من يجب من المسؤولين، المتمثلين في الرؤساء ووكلاء الملك والقضاة، بعد ااتخاذ عدة إجراءات إدارية وتضمينها في عدة سجلات تطلق عليها عدة أسماء أصبحت متجاوَزة في هذا العصر، حتى إن بعض المسؤولين السابقين أصدر في حقها منشورا أطلق عليه اسم تنظيم مصلحة كتابة الضبط بواسطة السجلات.. ولتحقيق استقلالية القضاء على مستوى كتابة الضبط، لا بد من توفير من يعمل في هذا الميدان من الموظفين وتحسين ظروف العمل ورصد المعدات المطلوبة ومواكبة التطور التكنولوجيّ في ميدان الإعلاميات. وعلى مستوى العمل القضائي، يجب حث القضاة على التقليل من الغوص في شكليات الدعاوى والتهرب من البت في جوهر النوازل، تحت ذريعة العيوب الشكلية، وبالأخص تلك التي لا تؤثر على جوهرها. وعليه فحينما وصفت المحكمة الابتدائية في الناظور ب»الكارثة»، لم يُقصد من هذا الكلام سوى عمل كتابة الضبط، التي أضحت شبهَ عاجزة عن أداء عملها في الوقت المطلوب، لندرة موظفيها ولعدم التوفر على الوسائل التقنية، المتمثلة في الحواسيب وبرامجها، والتي وإنْ توفرت في بعض المكاتب لا تستعمل لجهل الولوج إليها.. وهذا ما أدى إلى تراكم ملفات القضايا، بمختلف أنواعها، وبقائها في الرفوف بدون إنجاز، وبالأخص ما يتم تسجيله في النيابة العامة من شكايات ومحاضر، وكذلك الأحكام الجنحية، التي لا تصفى في غالب الأحيان إلا بتطبيق أمد التقادم الجنحيّ، الذي يشكل معضلة حقيقية تنجم عنه إضاعة حقوق المتقاضي الذي ينشد العدالة، ويؤدي، بالتالي، إلى إهدار ملايير الدراهم، التي يمكن أن تنساب في ميزانية الدولة، وهذا في الواقع «كارثة» ليست ككل الكوارث. محامٍ في هيئة الناظور