يبدو أن بنك المغرب رضخ لضغوط البنوك التقليدية في مسألة الترخيص للبنوك الإسلامية بمزاولة مهامها في المغرب، فقد كشفت مصادر مطلعة ل«المساء» أنه سيقتصر على منح رخصتي ن للبنوك الإسلامية انطلاقا من السنة المقبلة، وذلك في إجراء احترازي يروم الإدخال التدريجي لهذا النوع من البنوك في منظومة القطاع المالي الوطني حتى لا تتأثر باقي البنوك من المنافسة. وقالت المصادر ذاتها إن مخاوف عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، من تراجع أداء البنوك التقليدية نتيجة المنافسة القوية التي يمكن أن تشكلها البنوك الإسلامية دفعته إلى التفكير في التعامل باحتراز مع الملف، وفتح المجال أمام هذا النوع من البنوك بطريقة تدريجية ستمكن البنوك الأخرى من الاستئناس بالمعاملات البنكية الإسلامية. وأضافت المصادر أن التقرير الأخير لوكالة التصنيف الائتماني «ستاندارد أند بورز»، والذي أوصت خلاله بعدم فتح المجال أمام البنوك الإسلامية بشكل كلي وفجائي، عزز توجهات بنك المغرب، حيث اعتبر الجواهري أن المغرب غير مجبر على منح عدد كبير من الرخص في وقت ضيق. ويبقى بنك «فيصل الإسلامي» والتجاري وفا بنك من أبرز البنوك المرشحة للظفر بأول رخصتين للبنوك الإسلامية في المغرب، حسب المصادر نفسها، حيث تؤكد المعطيات الأولية أن البنكين عقدا لقاءات مكثفة مع والي بنك المغرب من أجل دراسة وبحث طريقة اشتغالهما، بالإضافة إلى التوزيع الجغرافي للوكالات التي سيتم فتحها. وكانت بعض البنوك الإسلامية أبدت مخاوفها من لجوء بنك المغرب إلى تعقيد المساطر المنظمة لعملها من خلال تمرير بعض المضامين التعجيزية في القانون البنكي الجديد الذي ينضم نشاط البنوك التشاركية. وقالت هذه المصادر ل«المساء»، إن مضامين القانون البنكي الجديد المعروض حاليا على أنظار الأمانة العامة للحكومة تعكس بالملموس أن هناك نية لدى السلطات المغربية من أجل إقبار تجربة البنوك الإسلامية في مهدها، خاصة أن الجهات التي سهرت على وضع القوانين المنظمة لنشاط البنوك التشاركية حاولت اعتماد صيغة مغربية جديدة تختلف كثيرا عما هو معمول به في دول أخرى. وأضافت المصادر ذاتها أن تجربة المنتوجات البديلة التي أطلقتها مجموعة من البنوك المغربية سابقا خير دليل على الفشل الذي يمكن أن تواجهه البنوك الإسلامية الجديدة في المغرب، مؤكدة أن بعض الجهات تحارب بجميع الطرق النظام المصرفي الإسلامي وتعتبره منافسا للبنوك الكلاسيكية، التي تسعى للمحافظة على كعكتها في سوق القروض. ووفقا لتقرير أعدته وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني، من المتوقع أن يتضاعف حجم قطاع التمويل الإسلامي العالمي خلال الفترة الممتدة بين عامي 2011 و2015 في ظل الاهتمام المتزايد الذي بات يحظى به باعتباره بديلاً حقيقياً للتمويل التقليدي. وقال ستيوارت أندرسون، العضو المنتدب والمدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني: «لقد أدت الأزمة العالمية التي عصفت بقطاع التمويل التقليدي إلى تزايد الاهتمام بالتمويل الإسلامي كبديل موثوق، والمصدرون والمستثمرون أدركوا أنه ليس هناك من اختلاف جوهري في ميزان الربح والمخاطرة بين هذين النوعين من التمويل. وتتوقع ستاندرد آند بورز أن ينمو حجم قطاع التمويل الإسلامي العالمي، البالغ حاليا تريليون دولار، بنسبة 20 في المائة سنوياً خلال الفترة بين 2011-2015 ليزداد حجمه بمقدار الضعف على مدى هذه الفترة.