في خطوة غير متوقعة، استمعت المفتشية العامة لوزارة العدل بالرباط، أول أمس الاثنين، إلى القاضي ياسين مخلي، رئيس جمعية نادي قضاة المغرب على خلفية تصريح سابق أدلى به ل«المساء» عندما تحدث عن «وجود سجون إدارية بالمملكة لا تخضع لقرارات القضاة» وذلك ردا على المندوب العام لإدارة السجون الذي حمل مسؤولية اكتظاظ السجون إلى القضاة. وعلمت «المساء» أن مدة الاستماع إلى المسؤول القضائي استغرقت خمس ساعات داخل قاعة بوزارة العدل. وبخصوص تفاصيل الاستماع إليه أكد مخلي في اتصال هاتفي مع «المساء» صباح أمس الثلاثاء، أن المفتشية العامة لوزارة العدل، لم تخبره بمضمون الاستدعاء، حيث توجه من مدينة تاونات إلى وزارة العدل بالرباط، وأثناء جلوسه أمام المفتش العام للوزارة وقاضيين ملحقين، قام المفتش العام بتلاوة مقال «المساء» على أنظار القضاة. وحسب تفاصيل الاستماع، تقدم مخلي بدفوع شكلية، أوضح فيها أن الاستماع إلى رئاسة نادي القضاة بخصوص تصريحه ل«المساء» يعد خرقا سافرا للدستور وخصوصا الفصل 111 منه، كما اعتبر أن الإشعار بالحضور إلى الرباط، لم يتضمن موضوع الدعوى، «وهو خرق سافر لحقوق الدفاع من أجل الإطلاع على القضية قبل التوجه إلى وزارة العدل» يقول مخلي. وأوضح مخلي أن «وزير العدل لا صفة له قانونيا ولا دستوريا» في استدعاء رئيس جمعية مهنية للقضاة، مضيفا «وأنا لازلت أقول إن وزارة العدل تتحمل مسؤولية عدم تفعيل قرارات القضاة بخصوص السجون الإدارية». وفي ما يتعلق بموضوع التصريح ل«المساء» فقد تم التأكيد حسب مخلي، على أنه إلى وقت قريب جدا كانت هناك سجون إدارية غير نظامية، وأن المندوب العام لإدارة السجون نفسه أقر بذلك في البيان الصادر عنه، وأكد أنه منذ تاريخ تسلمها من وزارة الداخلية، وهي بصدد ملاءمتها لقانون السجون، وأن وزارة العدل تتحمل مسؤولية عدم تفعيل تقارير قضاة تطبيق العقوبات حول السجون الإدارية لعدة سنوات، وأن ملامسة هذا الموضوع يدخل ضمن أهداف نادي قضاة المغرب، والتي تروم الدفاع عن الحقوق الفردية والجماعية للمواطنين طبقا للمادة 4 من القانون الأساسي. وأضاف مخلي في حديثه ل«المساء» أن المكتب التنفيذي سبق له أن أصدر بيانا يطالب فيه بأنسنة ظروف الاعتقال والوضع تحت الحراسة النظرية وأماكن الاحتفاظ بالأجانب. وفيما يتعلق بموضوع واجب تحفظ القضاة على التصريحات الصحفية، فقد تم التأكيد على أن نادي قضاة المغرب يتبنى المقاربة الحقوقية الكونية بهذا الخصوص، وكذا التأويل الديمقراطي والسليم للدستور، كما أوضح أن واجب تحفظ القضاة يلزمهم أن يكونوا متحفظين في التعليق على الأحكام ومسودة الحكم أو أي مشاريع والمقترحات أو موضوع متنازع عليه من المحتمل أن ينظر فيه أمام المحكمة، أو خارج النطاق القضائي أو المحاكم الأخرى، كما أنه يحظر على القضاة إفشاء أسرار المداولات وإبداء أي تعليقات حول الدعاوى قيد النظر. وأحدث هذا الاستماع موجهة غضب وسط القضاة، حيث أصدر المكتب التنفيذي بيانا، أكد فيه تضامنه مع رئيس الجمعية، وأوضح نائبه محمد عنبر في اتصال مع «المساء» أن الاستماع يأتي للتشويش على الوقفة المقرر خوضها من قبل قضاة المغرب، أمام محكمة النقض يوم السبت المقبل للمطالبة باستقلال السلطة القضائية عن وزارة العدل.