دعا راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم في تونس، إلى «تشديد القبضة» الأمنية و«التصدي بالوسائل القانونية» لمجموعات محسوبة على التيار السلفي الجهادي هاجمت الجمعة الفائت مقر السفارة الأمريكية في العاصمة احتجاجا على عرض فيلم مسيء للإسلام أنتج في الولاياتالمتحدة. وقتل أربعة محتجين وأصيب 49 آخرون بجروح و91 شرطيا خلال مواجهات بين قوات الأمن ومتشددين دينيين هاجموا مقر السفارة الأمريكية في العاصمة التونسية. وقال الغنوشي إن «هؤلاء لا يمثلون خطرا على النهضة فقط بل على الحريات العامة في البلاد وعلى أمنها لذلك ينبغي للجميع التصدي لهم بالوسائل القانونية (...) وتشديد القبضة والإلحاح على النظام لأنه وقع إخلال به ووقع استخدام سيء للحرية من طرف مجموعات لا تؤمن بالحرية». وأضاف في مقابلة لوكالة فرانس برس، «لما تجاوزوا القانون الجمعة الماضي وأرادوا أن يهددوا صورة تونس ومصالحها وقوانينها تصدت لهم الدولة وقتلت واعتقلت منهم». وأكد أن «تونس تعيش مرحلة من مراحل الانتقال الديموقراطي الذي هو ليس مسارا صاعدا باستمرار، يصعد أحيانا وينزل أحيانا والمهم كيف نوفق بين ضرورات الحرية وضرورات النظام»، معتبرا أنه «يوم الجمعة الماضي تم تجاوز ضرورات الحرية». وتوقع الغنوشي أن «يستفيد حراس الثورة (التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي) من هذا الحدث (مهاجمة السفارة الأمريكية) من أجل سد هذه الثغرة التي تسرب منها هؤلاء وأخذ الدروس المناسبة». واستبعد تكرار أحداث مشابهة في تونس لتلك التي وقعت الجمعة الماضي. وقال إن «البوليس أخذ الدرس مما حدث ولا أعتقد أن ما حدث سيتكرر». وتابع «أن نعتقل منهم بالجملة بتهمة الانتماء (إلى التيار السلفي الجهادي) فذلك غير قانوني. هؤلاء ليسوا فوق القانون والقانون يسري عليهم كما يسري على غيرهم. لسنا في حرب مع أفكار أو تنظيمات نحن في حرب مع من يتجاوز القانون سواء كان إسلاميا أو علمانيا». وأكد الغنوشي أن «حركة النهضة لن تحاكم الناس على أفكارهم بل على أفعالهم، ولذلك لما تجاوزوا القانون في بئر علي بن خليفة، لم تقف الحكومة مكتوفة الأيدي فضربت وقتلت منهم اثنين واعتقلت آخرين ما زالوا إلى الآن معتقلين». ويشير الغنوشي بذلك إلى مقتل شابين تونسيين من أصل ثلاثة تبادلوا إطلاق النار مع وحدات من الجيش والشرطة في الأول والثاني من فبراير الماضي قرب بلدة «بئر علي بن خليفة» من ولاية صفاقس (وسط شرق). وقال راشد الغنوشي إن المجموعات السلفية المتورطة في مهاجمة السفارة الأمريكية «ليست منتوجا نهضويا (لحركة النهضة) بل منتوج بن علي، أعطتهم النهضة الحرية كما أعطتها لغيرهم وهؤلاء سواء في عهد حكومة النهضة أو الحكومات السابقة ارتكبوا تجاوزات للحرية». وأشار إلى أن هذه المجموعات «استفادت من الثورة التي أطلقت سراحهم فاستفادوا من الحرية لكنهم تجاوزوا حدود القانون، ووجهوا ضربة مؤلمة للثورة وأعطوا رسالة تقول إن الثورة معناها فوضى وعنف واعتداء على الدبلوماسيين». وحول ما اعتبره مراقبون «تراخيا» من الشرطة التونسية في اعتقال أبو عياض، زعيم تيار السلفية الجهادية في تونس والمتهم بالضلوع في مهاجمة السفارة الأمريكية، قال الغنوشي إن «أسامة بن لادن ظل عدة سنوات طليقا والمخابرات الدولية تبحث عنه. ليس عجبا أن يختفي أحد (أبو عياض) والبوليس يلاحقه لكن سيظل يلاحقه حتى يقبض عليه». وبشأن الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها الصحيفة الفرنسية الأسبوعية شارلي إيبدو، قال الغنوشي «لم ندع إلى النزول إلى الشارع (للاحتجاج) لكن عبرنا عن سخطنا على الرسومات التي تنال من معتقدات المسلمين وتحض على الكراهية والحرب». وأضاف «نحن دعونا المسلمين إلى ألا يقع استدراجهم إلى هذا الفخ وأن يدافعوا عن قرآنهم ونبيهم بالوسائل الإيجابية وأن يكتبوا روايات ويؤلفوا أغاني وينتجوا أفلاما وأعمالا فنية تظهر الحضارة الإسلامية في ثوب جميل بدل الصراخ وارتكاب أعمال عنيفة، فهذا لا يخدم الإسلام بل أعداء الإسلام». ودعا راشد الغنوشي إلى «حوار في الأممالمتحدة لإيجاد حل للاعتداء على المقدسات والتوفيق بين حرية التعبير وحرية الآخرين في عدم المس بمعتقداتهم»، متوقعا أن «يفضي الحوار إلى سن قانون يضمن التوفيق بين حرية التعبير وحماية المقدسات».