ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المساء تزور المدرسة المغربية الوحيدة في مليلية المحتلة
تأسست قبل 60 سنة ويعاني تلاميذها وأطرها من تعسفات سلطات الاحتلال
نشر في المساء يوم 20 - 09 - 2012

تزامنت زيارة «المساء» للمؤسسة التعليمية المغربية الوحيدة بمليلية المحتلة يوم 17 شتنبر 2012، مع احتفال السلطات
الاستعمارية الإسبانية بالذكرى 515 لاحتلال مليلية يوم 17 شتنبر 1497، لكن في تحدّ جريء فتحت المؤسسة أبوابها واستقبل الأساتذة تلامذتهم، وصدحوا بالنشيد الوطني قبل أن يلتحقوا بأقسامهم للتعبير عن ولائهم لوطنهم... رغم القيود الثقيلة المفروضة على القادمين من خارج مليلية والمراقبة الدقيقة التي يخضعون لها ولما يحملونه أثناء دخولهم والتحاقهم بالمؤسسة.
كان من حسن الحظ أن تزامنت زيارتنا للمؤسسة مع احتفال الإسبان بما يعتبرونه ذكرى احتلال مليلية حيث كانت هذه الأخيرة ساكنة وصامتة وشوارعها خالية ومحلاتها التجارية مغلقة، وتمكنا من ولوج معبري بني انصار المغربي والحدود الوهمية بباب مليلية بدون عناء، لعدم وجود طوابير الممارسين للتهريب المعيشي، وبعد أن أدلينا بجوازي سفرنا المتضمن لتأشيرة السفر للحرس الحدودي الإسباني، أنا ومرافقي مدير المؤسسة التعليمية المغربية التي قرر طاقمها الإداري وأطرها التربوية الاشتغال في هذا اليوم بالذات للتحدي والتعبير عن مغربية مليلية السليبة والتمسك بالهوية الوطنية.
وصلنا إلى المؤسسة التي كان يرفرف على سطحها العلم الوطني وبجانبه العلم الإسباني، ثم ولجنا المؤسسة التي كانت تملؤها الحيوية والنشاط بحضور الطاقم الإداري والأطر التربوية والتلاميذ والتلميذات.
تجمع التلاميذ صفوفا، صغارا وكبارا من مختلف المستويات، تحت إشراف أساتذتهم بقيادة مديرهم في الساحة وسط المؤسسة، أمام سبورة ضخمة تحمل النشيد الوطني, مزينة بصورة الملك محمد السادس والأميرة لالة سلمى وولي عهده الأمير مولاي الحسن، وصدحوا بالنشيد الوطني بقوة وحماس، وأكدوا على شعار المملكة رافعين أياديهم إلى الأعلى بقوة وعزيمة. «نحن نؤمن بمغربية مليلية ونعتبرها ثغرا محتلا، وفي إطار التحدي للاستعمار فتحنا المؤسسة تعبيرا عن مغربيتنا ومغربية المدينة ونكافح بشكل كبير حتى نتحدى إدارة وتلاميذ وأساتذة حواجز الاستعمار»، يؤكد عبد القادر طلحة مدير المؤسسة.
الطلبة المسلمون بمليلية
مقر الطلبة المغاربة المسلمين بمليلية هو المؤسسة التعليمية المغربية الوحيدة بمدينة مليلية المحتلة والتي يؤمها عدد من الأطفال أبناء الأسر المغربية بالثغر المحتل وعددهم يتزايد في الوقت الذي تتقلص فيه طاقة المؤسسة الاستيعابية، وهو الوضع الذي سيطرح مشاكل مستقبلا. تم تشييد المؤسسة سنة 1952 على أساس مركز لإيواء الطلبة المغاربة على أرض أهدتها بلدية مليلية، وتحولت إلى مؤسسة تعليمية للتدريس سنة 1960. تقع المؤسسة وسط مدينة مليلية على بعد 5 كيلومترات من الحدود الوهمية بني انصار وباب مليلية التي تبعد عن مدينة الناظور بحوالي 12 كيلومترا. وتبلغ مساحة المؤسسة 1817 مترا مربعا.
ويشار إلى أن المؤسسة لا تتوفر على ملعب لممارسة التربية البدنية ويضطر التلاميذ إلى التنقل تحت إشراف أساتذتهم إلى ملعب جميل وعصري بعيد عن المؤسسة، وضعته السلطات الإسبانية بمليلية تحت تصرفها.
وسط الثغر المحتل
تستقبل المؤسسة المغربية بالثغر المحتل، خلال الموسم الدراسي الحالي حوالي 750 تلميذا بمختلف الأسلاك التعليمية من التعليم الأولي والتعليم الابتدائي والسلكين الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي، يقطن 90 في المائة منهم بمدينة مليلية البالغ عدد سكانها حوالي 70 ألف نسمة حسب الإحصائيات الإسبانية لسنة 2007، فيما تمثل نسبة 10 في المائة تلاميذا يأتون من ضواحيها من بلدات إقليم الناظور من «بني نصار» و«فرخانة» و«ماري واري» و«باريتشينو»، بل منهم من ولد بمليلية بحكم أن مستشفى مليلية أقرب من مستشفى الحسني بالناظور.
ويضم الفوج الأول من التعليم الأولي 36 طفلا منهم 14 إناثا فيما ينتظر تسجيل مثل هذا العدد من الجدد، ويبلغ عدد تلاميذ التعليم الابتدائي 378 تلميذا موزعين على مختلف المستويات، 47 تلميذا بالقسم الأول (دون احتساب التلاميذ الجدد حيث عملية التسجيل ما زالت مستمرة)، و69 بالقسم الثاني و51 تلميذا بالقسم الثالث و63 تلميذا بالقسم الرابع، و64 تلميذا بالقسم الخامس و84 تلميذا بالقسم السادس. ويصل عدد التلاميذ الذين يتابعون دراستهم بالثانوي الإعدادي إلى 134 تلميذا موزعين على الأولى إعدادي ب52 تلميذا والثانية ب46 تلميذا والثالثة ب36 تلميذا، فيما يبلغ عدد تلاميذ الثانوي التأهيلي 77 تلميذا موزعين على الجذع المشترك ب38 تلميذا و21 بالأولى بكالوريا و18 بالثانية بكالوريا.
تتوفر بناية المؤسسة على 20 حجرة دراسية، انطلق بها التعليم الابتدائي سنة 1960، ثم التعليم الثانوي الإعدادي سنة 1991، فيما انطلق التعليم الأولي سنة 1998 ولم ينطلق بها التعليم الثانوي التأهيلي إلا سنة 2000. وبلغ عدد التلاميذ خلال الموسم الماضي حوالي 700 تلميذ بجميع الأسلاك. ويبلغ عدد الموظفين بالمؤسسة التعليمية المغربية 59 من بينهم 6 أطر إدارية وتربوية، و16 أستاذة وأستاذا بالتعليم الابتدائي و11 أستاذا بالتعليم الإعدادي و10 أساتذة بالتعليم التأهيلي و13 عونا.
تخضع المؤسسة لجدول العطل الرسمية المغربية، يضاف إليها أربعة أيام لأربع عطل إسبانية، عيد وطني إسباني, عيد الدستور الإسباني, وعيدان دينيان إسبانيين، بعد أن نجحت إدارة المؤسسة في فرضه رغم المعاناة التي يكابدها الأطفال والأساتذة عند الدخول إلى الثغر المحتل للالتحاق بالمؤسسة أيام حفلات الإسبان حيث تكون المدينة مشلولة والحدود الوهمية مغلقة، ويجدون صعوبة في الولوج إلى المدينة.
ومن جهة أخرى، تطالب إدارة المؤسسة السلطات الإسبانية بتمديد فترة دخول التلاميذ المغاربة لإكمال الموسم الدراسي، إلى 20 يوليوز واجتياز الامتحانات الإشهادية خلافا لما هو عليه الحال عند الإسبان الذين تغلق ابواب مؤسساتهم مع 30 يونيو، وهي وضعية تتطلب مجهودات إضافية من الإدارة بسلوك مساطر متعبة لحلّ الإشكالية. كما تجد إدارة المؤسسة صعوبات في إدخال العتاد المدرسي إلا بعد إجراءات متعبة تتكرر كلما توفرت للمؤسسة أدوات ووسائل من المفروض إيصالها من الناظور إلى داخل مليلية.
ومن المفارقات العجيبة أن المؤسسة الثانوية غير محصية وغير مسجلة بلوائح المؤسسات التعليمية العمومية بوزارة التربية الوطنية المغربية، وتسلم الشواهد باسم الثانوية التأهيلية «عثمان بن عفان» بالناظور كما لو كانت فرعية تابعة لها.
كما تجدر الإشارة إلى أن بعض الآباء الإسبان المتزوجين من مغربيات يختارون المؤسسة المغربية لتمكين أبنائهم من متابعة الدراسة بها، كما يؤكد المدير ذلك، لأنها أكثر انضباطا ويرغبون في تعلم اللغة العربية بهدف ممارسة مهنة الترجمة في المستقبل، حيث إنها مضمونة ومربحة، حيث إن ترجمة وثيقة بسيطة في مليلية بحوالي 50 أورو وقد تصل العملية إلى 150 أورو للوثيقة، يشتغلون مترجمين في الحدود إضافة إلى تشغيلهم في الحرس الحدودي بحكم توفرهم على أكثر من ثلاث لغات.
ومن جهة أخرى, تخرج من المؤسسة عدد من الأطر المغاربة يشتغلون الآن في المحاماة أو أصبحوا أساتذة جامعيين، ومن بينهم قنصل يمثل إسبانيا في إحدى الدول الأوروبية.
معاناة يومية
يعاني أطفال المؤسسة المغربية بالثغر المحتل والأساتذة المغاربة العاملون بها يوميا في عبور المعبرين المغربي «بني انصار» والإسباني «باب مليلية» للوصول إلى المؤسسة حيث يضطر بعضهم لقطع مسافة 34 كلم يوميا بين الذهاب والإياب، إضافة إلى ساعات من الانتظار عند المعبرين إلى جانب طوابير من الممارسين للتهريب المعيشي والذين يتجاوز عددهم الألف يوميا.
قيود ثقيلة مفروضة على القادمين من خارج مليلية ومراقبة دقيقة يخضعون لها ولما يحملونه أثناء دخولهم والتحاقهم بالمؤسسة، بل يمنع الحرس الحدودي الإسباني حتى محافظ تمنح من محسنين لأطفال المؤسسة من المعوزين، كما وقع ذلك يوم 17 فبراير من السنة الماضية حين منعت السلطات الحدودية عبد القادر طلحة مدير المؤسسة من إدخال محافظ ممنوحة لأيتام بالمؤسسة بمناسبة «يوم اليتيم» وتسبب المنع في إشعال نار احتجاجات قوية من جمعيات مدنية دامت أكثر من ساعتين وأغلقت الحدود الوهمية ب«باب مليلية»، ورضخت السلطات الإسبانية وسمحت بدخولها. كما تتجاهل السلطات أمن المؤسسة وتأمين خروج ودخول التلاميذ من المؤسسة وإليها كما تفعل ذلك مع المؤسسات التعليمية الإسبانية ولا تتدخل إلا عند مشكل طرأ لأحد التلاميذ الحاملين للجنسية الإسبانية إذا ما تقدم بشكاية.
يتوفر التلاميذ القاطنون بضواحي مليلية، ببني نصار وفرخانة وبريتشينو وماري واري المسجلين بالمؤسسة بحكم أنها الأقرب لمنازلهم، على بطاقة خاصة «بطاقة التلميذ» تحمل في ركن خطين باللونين الأحمر والأخضر يرمزان للراية الوطنية، وفي الركن المقابل خطين باللونين الأصفر والأحمر يرمزان للراية الإسبانية، وتحمل صورة التلميذ موقعة من مدير المؤسسة والسلطات الإسبانية التي تسلم لها لوائح التلاميذ المسجلين بالمؤسسة، كما يتوفر الأساتذة على «بطاقة الأستاذ» على نفس النمط، تخول لهم الدخول إلى مليلية في أيام العمل فقط، وفي غيرها يعتبرون أجانب عليهم الإدلاء بجواز سفر وتأشيرة دخول.
يقول عبد القادر طلحة مدير مؤسسة الطلبة المغاربة المسلمين بمليلية: «أكون عند المعبرين على الساعة الخامسة والنصف صباحا، حتى أتمكن من الوصول إلى المؤسسة في الوقت المطلوب ولا أغادرها إلا في حدود الساعة الخامسة مساء، ونفس المعاناة يكابدها الأساتذة»، ثم يواصل حديثه حول المصاريف التي تتطلبها الوضعية, إذ يضطر البعض إلى ركوب سيارة أجرة بعد ولوجه المدينة المحتلة للوصول إلى المؤسسة بحوالي 32 درهما وفي الحافلة أورو واحد، أو يستعمل سيارته ويتحمل مصاريفها، وتكون الطامة الكبرى إن هو ارتكب مخالفة في السير، «في هذه الحالة سيخصص أجره أو أكثر لتسديدها»، وهذا الوضع يحتم عليهم قطع مسافة يومية محددة في 34 كلم يوميا.
ويشير بأسف شديد إلى أن العاملين بهذه المؤسسة لا يتقاضون أي تعويض من الوزارة خلافا لما يجري مع زملائهم في باقي الوطن إلا من تعويضات محلية لا تكفي حتى مصاريف التنقل، بل المؤسسة غير مسجلة بسجلات وزارة التربية الوطنية. «نطالب المسؤولين في الوزارة بالالتفات إلى وضعية المؤسسة ومستقبلها وكذا وضعيتنا الإدارية والمالية ومراعاة التضحية والمعاناة التي تصاحب مهمتنا التربوية والتعليمية خدمة لوطننا وأبناء وطننا».
طاقم هذه المؤسسة التي لها خصوصياتها، له هو كذلك خصوصياته، وهم أشبه ببعثة تشتغل في ظروف خاصة وأهداف خاصة تروم حماية الهوية المغربية وتلقين الوطنية وتعليم اللغة العربية لأطفال يدرسون في مناخ وأجواء غير تلك التي هي متوفرة لإخوانهم، بعثة جديرة باهتمام خاص من طرف المسؤولين على العملية التربوية التعليمية، كما تتطلب المؤسسة عناية خاصة بعد تزايد طلبات الأسر المغربية والعائدين من ديار المهجر بل حتى بعض الإسبانيين لتسجيل أبنائهم بها، ويجب التفكير في إنشاء مؤسسات أخرى ببعض الأراضي المحبسة، كما جاء على لسان بعض المليليين المغاربة. إداريون وأساتذة لُقِّبوا من طرف المسؤولين المحليين والزملاء في المهنة، بالمناضلين والمجاهدين لما يقدمونه من خدمات بتفان رغم الإكراهات اليومية.
أنشطة في الاتجاهين
يشارك تلاميذ مؤسسة «مقر الطلبة المغاربة المسلمين بمليلية» في العديد من الأنشطة الرياضة والثقافية والتربوية انطلاقا من الأندية التي تتوفر عليها المؤسسة، سواء مع المؤسسات التعليمية الإسبانية أو المغربية. وتنظم كلّ سنة تظاهرات رياضية تشارك فيها فرق المؤسسة المغربية في كرة القدم وفي العدو الريفي ذكورا وإناثا، حيث أحرزت على العديد من الكؤوس. كما تنظم المؤسسة سنويا كأس الصداقة الإسبانية.
ويشارك تلاميذ المؤسسة الصغار في حفل سنوي يتعلق بالعلوم الطبيعية والبيئة ويتميزون بالانضباط أكثر من غيرهم بخلاف الإسبان الذين يتميز أطفالهم بالشغب والحرية المبالغة، «استطعنا أن نزاوج بين التربية المغربية الأصيلة والطرق التربوية الحديثة دون إفساد سلوك الطفل «.
أما على الصعيد الإقليمي بنيابة الناظور، فتشارك المؤسسة في حفل آخر السنة، بعروض مسرحية وأنشطة بيئية ومنتوجات من فن الطرز بنادي الطرز والطبخ خاص بالفتيات. وتخوض إقصائيات كرة القدم الصغيرة أو العادية، ذكورا وإناثا. كما ينظم النادي الثقافي للمؤسسة، سنويا، تظاهرتين ثقافيتين بين مستويات الأقسام الخامسة والسادسة لتهييئهم للامتحانات الإشهادية، كما عرض نادي المسرح مسرحيتين نالتا تنويه لجنة التحكيم التابعة للأكاديمية الجهوية للجهة الشرقية بميزة مشرف جدا, ويتعلق الأمر بمسرحية «أصدقاء الشجرة» و«أضرار الرشوة» وهناك إعداد مسرحية أخرى للسنة المقبلة تتعلق بالتراث الفكري الحضاري الإسلامي من خلال شخصيات تاريخية ويشرف على إنجازها سعيد المرس أستاذ الفلسفة بالمؤسسة.
إعادة بناء المؤسسة لتأهيلها
لا بدّ من التفكير في مستقبل هذه المؤسسة التي تطورت، بعد أن عرفت تراجعا خطيرا وإهمالا كبيرا سواء من حيث صيانة البناية أو تسيير شؤونها أو استقطاب تلاميذ آخرين، والاستجابة لطلبات جديدة خاصة بعد عودة العديد من المهاجرين العاملين بإسبانيا نتيجة الأزمة الخانقة التي تعرفها أوروبا، حيث استطاع المدير الذي يوجد على مشارف التقاعد إصلاح بنايتها وبنيتها التحتية، بعد أن كانت مجرد خربة، وإعادة صباغة جدرانها وتجديد شبابيك نوافذها وإضافة مرافق صحية وقاعات إضافية وخزانة تحمل اسم واضع علم الاجتماع «ابن خلدون» وتضم مجموعة من الكتب المدرسية والمراجع باللغة العربية والمناجد والقواميس، وقاعة متعددة الوسائط مجهزة بالوسائل البيداغوجية والديداكتيكية لفائدة التلاميذ والأساتذة منها 14 حاسوبا و10 أجهزة تلفاز وآلات التسجيل، كما تمكن من تجهيز بعض القاعات بمقاعد وكراسي فردية خاصة بدل القديمة المزدوجة بفضل علاقاته الشخصية مع مسؤولي بعض المؤسسات.
أضفى المدير الذي ما زال ينتظر تسميته في هذه المهمة رغم أنه قضى أكثر من 6 سنوات في إدارته وتعويضاته المستحقة رغم العديد من المراسلات للوزارة المعنية، أضفى على مؤسسة مقر الطلبة المغاربة المسلمين بمليلية حلة جديدة تستهوي الأطفال والآباء والأمهات وأولياء أمورهم الذين يرافقونهم صباحا ويعودون لتسلمهم في منتصف النهار أو مساء، وبجهود واستشارات فريق إداري وتربوي شهد له بالكفاءة وحسن المعاملة والعمل الجماعي التشاركي, وعبروا عن تمسكهم به وطالبوا بالاحتفاظ به كمدير للمؤسسة.
وذكر عبد القادر طلحة مدير المؤسسة بضرورة التفكير في مشروع إعادة بناء المؤسسة الذي قدم سنة 2003 دراسة جدية من طرف أحد المهندسين المعماريين، ويتعلق الأمر ب26 حجرة للأقسام العادية و5 حجرات للأقسام العلمية وخزانة وإدارة ومطعم و3 مرافق صحية ومساكن وساحة وتجهيزات في الماء والكهرباء وشبكة موحدة للاتصالات، وحددت كلفة الأشغال في حوالي 34 مليون درهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.