لعبة «الحياة الثانية» تعد من أشهر الألعاب الافتراضية ثلاثية الأبعاد على شبكة الأنترنيت، تتيح للمقيمين داخلها اختيار اسم مستعار وشكلا خارجيا جديدا ليبدأ بعدها في زيارة عالم الحياة الافتراضية. ويتمتع أعضاء الموقع بإمكانات توطيد الصداقات وتشييد المنازل وتأسيس مكاتب للأعمال، كما يمارسون الرياضة ويشاهدون الأفلام السينمائية.. بعد أن توافق على قوانين اللعبة، تجد نفسك أمام عدد كبير من الجزر والمحلات والمطاعم، وتزور بلا قيود مجموعة من الشركات التجارية والمؤسسات، تجاوز عددها ال67 شركة. عندما تختار الانتقال إلى الحياة الثانية، لا تحتاج سوى اسم ولقب جديد وتستغني عن شكلك الحالي لتختار سحنة أخرى شقراء أو بيضاء وسط تشكيلة منوعة من الوجوه يطلق عليها «افاتار». لا وجود لأسماء عربية في لائحة الأسماء، وبذلك تجد نفسك في النهاية مضطرا إلى انتحال صفة غربية رغم أنك مغربي... التسجيل في الحياة الثانية مجاني ويتم بطريقة سريعة باستعمال كلمة سرية، ليتم بعدها تحميل البرنامج على الحاسوب بالارتباط مع شبكة الأنترنيت، لتكتشف شخصيتك الافتراضية بعدها عالما آخر داخل الدولة التي تختارها وتصل مجانا إلى أي مكان في العالم، كما بإمكانك أن تمتلك قطعة أرض افتراضية وبناء فيلا واضعا قوانينك الخاصة التي تلزم الآخرين باتباعها أثناء زيارتك، ولك حرية تأجيرها أو بيعها. مباشرة بعد التسجيل، يرحب بك العالم الجديد الذي يضم 11 مليون شخص اختاروا الانضمام إلى الحياة الثانية دون بطاقة هوية بأعرافها واقتصادها وثقافتها الخاصة وبوضعية اجتماعية توفرها لنفسك بفضل الأدوات التي تتيحها اللعبة التي تجعل المتسجل فيها يبني الحياة التي لم ينجح في الحصول عليها في الواقع، والتعبير بحرية عن أفكاره دون أن تطاله أية متابعة قانونية.. اتسعت شهرة اللعبة عام 2006 بعد أن قررت مجموعة من الشركات العالمية العملاقة الانضمام إلى الحياة الثانية كشركة «بي إم»، المعلوماتية وتويوتا وديل ووكالة رويترز بعد أن تنجح في شراء جزر خاصة بها تتجاوز مساحتها 66 مترا مربعا، تنشئ عليها مبان خاصة من أجل تحقيق أهداف تلك المؤسسات، كالتسويق والتوعية والخدمات المتنوعة.. وبلغ ناتج الدخل القومي للحياة الثانية في شتنبر 2008 ما يفوق 184 مليون دولار أمريكي، وهو ما شجع السويد وجزر المالديف على فتح سفارة بالموقع دون أن تشرف على تسليم الجوازات والتأشيرات والاكتفاء بالتعريف بثقافة البلد، إضافة إلى معرض للفن وصور وحقائق عن البلدين مرفوقة بمقطوعات موسيقية محلية.. افتتحت وكالة رويترز للأنباء مقرها في الحياة الثانية، تبث من خلاله آخر أخبار العالم وتنظم فيه مؤتمرات صحفية منتظمة عبر شبكة مراسليها المنتشرين في مختلف نقاط العالم لمناقشة العديد من القضايا الدولية الراهنة، وقامت هيئة الإذاعة البريطانية بأول بث متزامن لبرنامج «المال» على التلفزيون ليشاهده الملايين، كما وفرت الوكالة شاشات عرض أخبار مجانية لسكان الحياة الثانية يحملونها معهم وينصبونها أينما شاؤوا لمتابعة آخر الأخبار العالمية في عامل مواز للعالم الحقيقي الذي نعيشه. قبل خمس سنوات، أطلق مهندسو شركة «ليندن لاب» موقع «الحياة الثانية»، وبعد تجريب الموقع لمدة شهرين، قررت الإدارة إدخال تعديلات لغوية عليه وإدارته من سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة. قبل سنتين، قامت رويترز بنقل وقائع مؤتمر دافوس الاقتصادي في الحياة الثانية، على مدار كل ساعة، ينضاف عشرون ألف شخص جديد. وتتيح اللعبة للشخص التحكم في حركته من خلال لوحة مفاتيح الحاسوب والتحرك بحرية.. تتيح لك مفاتيح اللعبة اختيار الدولة التي تفضل التواجد بها.. تتيح مدينة نيويورك مزيجا متنوعا من إمكانيات استكشاف العديد من الأماكن ومرافق المدينة والتجول داخلها بلا تأشيرة.. إذا أردت متابعة دراستك الجامعية، لست بحاجة إلى دفع رسوم الفصول، إذ بوسعك اختيار ما يزيد على 70 جامعة معروفة عالميا قررت فتح أبوابها أمام الجميع في الحياة الثانية، تتيح من خلالها مناهجها ومقرراتها التعليمية، وافتتحت جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس جزيرة خاصة بطلاب دراسات الأفلام الرقمية. كونك مقيما في موقع الحياة الثانية، يعني أنه بمقدورك شراء ملابس بمحلات الملابس الافتراضية تتلاءم مع صورتك الشخصية التي اخترتها، ومع طبيعة الأنشطة التي تنوي مزاولتها. العملة الموحدة المتداولة هي الليندن دولار. تخضع التعاملات المالية لنظام دقيق لصرف العملات؛ إذ إن كل دولار يساوي نحو 270 ليندن دولار حسب متغيرات السوق المالية الافتراضية، ويقدّر محللو الأسواق العالمية حركة التداولات التجارية داخل هذا الاقتصاد الافتراضي بنحو مليوني دولار يوميًّا. داخل إحدى صالات الألعاب، يقترب شاب أشقر يدعى جون أولوفين بشكل عفوي، يبدو مترددا في البداية، لكنه سرعان ما يسألك بإنجليزية سليمة: «لو سمحت، هل بإمكانك أن تشرح لي كيف ألعب البيلياردو؟»، لك مطلق الحرية في تجنب الإجابة أو محاولة مساعدته لتنتهي التجربة بربط علاقة صداقة معه.. وبمجرد ما تجيب أحدهم عن اسم بلدك، تتباين ردود الفعل بين الترحيب بك واستفسارك عنها، وبين التلفظ بكلمات عنصرية يذهب المسلمون والعرب دائما ضحيتها.. وتعرض موقع الكعبة قبل أشهر لهجوم تخريبي حيث ترك مرتكبوه رسالتهم: «لقد سئمنا من وجود المسلمين في الحياة الثانية، يكفي اضطرارنا إلى الحياة معكم في الواقع.. يجب أن تغادروا هذا العالم فورا».