ما يزال الغموض يكتنف الدوافع الحقيقية التي تقف وراء أعمال التخريب التي استهدفت المقبرة المسيحية في شارع الحسن الثاني في الرباط، والتي طالت أزيدَ من سبعة قبور تعرّضت لإزاحة لوحات إسمنتية لتسهيل عملية الوصول إلى النعوش، فيما لوحظ أن بعض هذه اللوحات تمّت إعادتها إلى مكانها في وقت سابق. ولجأت السلطات، بعد شيوع خبر عملية التخريب، إلى وضع حراسة على المدفن الأروبي، تتمثل في رجل أمن وعون سلطة يقوم بالتدقيق في هويات الوافدين على المقبرة، في الوقت الذي أعطيت تعليمات صارمة بتشديد المراقبة على باقي المقابر المسيحية في العاصمة ومنع ولوج أي شخص غريب إليها. ورجّحت ولاية الرباط أن تكون هذه الأعمال التخريبية مرتبطة بأشخاص متسكعين (ميخالة) يتاجرون في المعادن، وأشارت إلى أن التحريات والأبحاث الأولية التي بوشرت في الموضوع تحت إشراف النيابة العامة تميل إلى فرضية أن تكون القبور قد تعرّضت للتخريب في محاولة لانتزاع المعادن التي تستعمل في تزيين القبور، خاصة معدن النحاس. وأكدت الولاية أن الضرر لحق بنصبين كما تم تحطيم ثلاث واجهات تغطي القبور. ووفق المعلومات التي حصلت عليها «المساء» من عين المكان، فإن منفذي العملية قاموا بالتسلسل إلى المقبرة المحاذية لحي العكاري قبل القيام بإزاحة واجهات حجرية من أجل التسلل إلى المدافن العائلية التي توجد داخل أقبية، وهناك جرَت محاولة إخراج بعض النعوش من مكانها، وفق ما أكدت إحدى الفرنسيات التي زارت المقبرة صباح أمس، والتي أكدت ل»المساء» أن والدتها هي من أخبرتها بما وقع في المقبرة لتقرر المجيء من أجل تفقد قبور أفراد من عائلتها. وأضافت المتحدثتة ذاتُها أن الأمر قد يكون مرتبطا بمحاولة السطو على بعض الحلي والمجوهرات الثمينة من داخل القبور، خاصة أن بعض المسيحيين يتم دفنهم مع بعض المتعلقات الخاصة بهم، والتي تكون لها قيمة مالية كبيرة، علما أن هذه الظاهرة انتشرت في الجزائر بشكل كبير في الآونة الأخيرة، بعد أن تعرّضَ عدد كبير من قبور المسحيين للعبث بهدف سرقة المجوهرات المُفترَضة. وكشفت زيارة المقبرة عن اختفاء عدة نصب رخامية ومعدنية، فيما تعرّضت بعض المقابر لإتلاف واضح، في الوقت دخلت عناصر من الشرطة القضائية التابعة لولاية أمن الرباط على الخط في التحقيقات التي تم فتحها من أجل تحديد هوية المتورطين في هذا الحادث.