بعد المعارك التي خاضها وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، حول دفاتر التحملات في القطب العمومي، والتهديد بالاستقالة من منصبه في حال ما إذا لم يتم تنزيل مضامينها، أصبح واضحا أن هناك تراجعا كبيرا عن تلك المضامين في الصيغة الجديدة التي صارت عليها تلك الدفاتر بعد أن عهد بها رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران إلى لجنة حكومية خاصة يترأسها وزير آخر هو نبيل بنعبد الله الذي يدير حقيبة السكنى. التعديلات التي ظهرت حتى الآن على الدفاتر الجديدة التي خضعت للمراجعة تتحدث عن الحفاظ على الموقع الحالي الذي تحتله اللغة الفرنسية في شبكة البرامج، وعن تقليص المساحة التي كانت ممنوحة في الدفاتر السابقة للقضايا الدينية، وعن ظهور رئيس الحكومة في الإعلام العمومي فقط عندما يكون الأمر ضروريا،.. مما يعني أن الدفاتر المقبلة التي ستطبق في القطب العمومي للسمعي البصري ليست هي الدفاتر التي وضعها وزير الاتصال؛ ورغم الحديث عن التوافق وغيره من التعابير التي ترمي إلى تخفيف ثقل التراجعات، فإن الأمر يتعلق بدفاتر جديدة وضعتها اللجنة الحكومية التي كلفت بمراجعتها. كان واضحا أن تشكيل لجنة لمراجعة تلك الدفاتر وإعطاء رئاستها لنبيل بنعبد الله، الذي سبق أن فشل في إصلاح الإعلام العمومي عندما كان وزيرا للاتصال، هو بمثابة انتصار لتيار محافظ يريد تأبيد هذه الرداءة التي تطبع أداء الإعلام العمومي وتأبيد وضع غير شفاف في عمل شركات الإنتاج؛ كما أن التراجعات المسجلة في الدفاتر الجديدة هي هزيمة فعلية للوزير الوصي حاليا على هذا القطاع، إذ تأكد للرأي العام الوطني اليوم أن صلاحيات «مرؤوسين» في القنوات العمومية هي أقوى من صلاحيات «الرئيس» الذي صوت عليه المغاربة في انتخابات لم يطعن فيها أحد، بل لاحظنا -أكثر من هذا- كيف هاجم هؤلاء «المرؤوسون» في خرجات إعلامية رؤساءهم أمام المغاربة وعادوا إلى مناصبهم سالمين دون أن يمسهم سوء.