ينتظر أن تجد الحكومة نفسها في مأزق حقيقي بعدما رفضت الولاياتالمتحدةالأمريكية الاستجابة لطلبات العروض التي تقدّمَ بها المغرب لاقتناء كميات من القمح الليّن، وهو ما يؤشر على بوادر أزمة حقيقية ونقص حاد في الدقيق والخبز خلال الشهور المقبلة. وحسب مصدر موثوق من المكتب الوطني للحبوب والقطاني، فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية رفضت بيع قمحها للمغرب، حيث لم يتلق المكتب أي عروض في المناقصة التي طرحها مؤخرا من أجل شراء ما يقارب 300 ألف طن من القمح الليّن الأمريكي ضمن اتفاق لتعريفات جمركية تفضيلية. وقال المصدر ذاته ل«المساء» إن التوجه الأمريكي بعدم الاستجابة لطلبات شراء القمح يعود بالأساس إلى تراجع المحاصيل التي تأثرت كثيرا بموجة الجفاف التي ضربت الولاياتالمتحدةالأمريكية، مؤكدا أنه من المنتظر أن تتبع جميع الدول المنتجة للقمح سياسة شد الحزام من أجل ادخار محاصيلها من القمح في وقت تشير التوقعات إلى ارتفاع أسعار هذه المادة الأساسية إلى مستويات غير مسبوقة. ولم يستبعد المصدر أن ترفض فرنسا بيع جزء من محاصيلها من القمح للمغرب، مشيرا إلى أنه في أحسن الظروف ستلجأ الحكومة الفرنسية إلى تقليص الحصص التي تخصصها عادة لأسواق المغرب العربي، غير أن ذلك لن يكفيّ لسد الخصاص الكبير الذي تعانيه السوق المغربية. ومن شأن ارتفاع الأسعار العالمية للقمح دفع الحكومة إلى الزيادة في أسعار الدقيق والخبز، خاصة في ظل التراجع الكبير لمخزونات الحبوب، والتي لا تتعدى حاليا شهرين من حاجيات المطاحن الصناعية.. وكان المكتب الوطني للحبوب قد شكّل خلية أزمة لمواجهة الظرفية الحالية، وتدرس اللجنة حاليا الحلول البديلة لضمان تزويد السوق الوطنية بالحبوب في الشهور المقبلة، خاصة مع عزوف واضح للدول المنتجة عن بيع محاصيلها، نتيجة الجفاف الذي ضرب الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا، اللتين تعتبران أكبر مزود للسوق الدولية بالحبوب. وقال رئيس بورصة المنتجات الزراعية في فيينا، جوزيف ديتريتش، في نهاية الأسبوع الماضي، إن المخاوف تتصاعد بشأن إمدادات الحبوب على مستوى العالم. ونقلت وكالة الأنباء النمساوية عن ديتريتش قوله إنه «سيتم استنفاد صوامع الحبوب الممتلئة تماما في أنحاء العالم بسبب قلة المحاصيل هذا العام». وأضاف: «الوضع هذا العام حرج للغاية، حتى وإن لم يتمّ الانتهاء بعدُ من حصاد المحاصيل الزراعية في المناطق الشمالية من العالم». وعبّر البنك الدولي عبر عن قلقه إزاء ارتفاع أسعار الغذاء العالمية نتيجة لتقلبات الأحوال المناخية، بما في ذلك الجفاف غير الطبيعي الذي يجتاح الولاياتالمتحدة٬ إضافة إلى الأوضاع الحالية للمحاصيل في المناطق الأخرى المنتجة للحبوب وتأثيرها على الفقراء، الذين يظلون الفئة الأكثر تضررا من ارتفاع أسعار هذه المواد الأساسية.