عاد عباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال، ليدخل على الخط في الصراع الدائر حاليا حول منصب الأمانة العامة بين حميد شباط وعبد الواحد الفاسي، بعد أن غاب لفترة عقب الكلمة التي ألقاها في المؤتمر السادس عشر، والتي كادت تتسبب في مواجهة مفتوحة بين الطرفين. واختار الفاسي الإفطار الرمضاني الذي نظمته مساء أول أمس الأربعاء العصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية بأحد مطاعم الرباط، ليعلن بشكل علني أن عبد الواحد الفاسي هو من «سيحمل المشعل» بعد مغادرته قيادة الحزب في 22 شتنبر القادم. وتفنن الفاسي في الترويج لترشيح نجل مؤسس الحزب، واصفا إياه بالرجل «النزيه» و«المستقيم» ورجل المرحلة، دون أن يغفل الغمز إلى ما جرى ليلة المؤتمر، حينما كاد حديثه عن «الاستقامة» أن يتسبب في مواجهة مفتوحة بين الاستقلاليين، بعد أن أثار كلامه حفيظة شباط وأنصاره. الفاسي أبدى استغرابه من ذلك بنبرة تهكمية بالقول: «واش بغونا نحيدو كلمة الاستقامة من القاموس المغربي؟». وفيما يشبه خطبة الوداع، خلال فطور «صلة رحم»، الذي حضره نحو 120 استقلاليا، من أبرزهم أعضاء في اللجنة التنفيذية كنزار البركة ورشيد أفيلال ولطيفة بناني سميرس، والوزير عبد الطيف معزوز، كشف الأمين العام أنه سيغادر سفينة الحزب وهو مرتاح الضمير، وغير متخوف على مستقبله ووحدته، دون أن يغفل أن يوجه رسائل إلى منتقدي رئاسته للحكومة السابقة، معتبرا أن حكومته حققت مقارنة مع الحكومات السابقة أفضل النتائج، رغم الإكراهات الاقتصادية التي اعترضتها. من جهته، عبر عبد الواحد الفاسي عن تشبثه بترشيحه، الذي يلقى دعما من طرف رئيس العصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية لحسن مادي، والكاتب العام العربي الشرقاوي، معتبرا أن الصراع يدور بين من يرومون استعمال المؤسسات لقضاء مصالحهم أو الدفاع عنها، وبين من لديهم غيرة على ثوابت البلاد ومصلحة الوطن والحزب. الفاسي جدد دعوته إلى الاستقلاليين لتحكيم الضمير والعقل في هذه المرحلة من أجل مصلحة الحزب والمغرب، دون أن ينسى تقطير الشمع على خصومه بالقول: «كلنا أبناء علال الفاسي..احنا المرضيين وفينا الآخرين». وفي الوقت الذي كشفت مصادر استقلالية عن عقد لقاء وصف بالسري ببيت الأمين العام مساء اليوم الجمعة من أجل ترتيب معسكر «آل الفاسي» أوراقه لإدارة الأنفاس الأخيرة من سباق الأمانة العامة، بدأت تتكشف يوما بعد آخر معالم مخطط معسكر الفاسي لسحب البساط من تحت أقدام غريمه ومهاجمته في عقر داره. وحسب مصادر مطلعة على كواليس البيت الاستقلالي، فإن أنصار الفاسي يتجهون حاليا إلى إحداث اختراق جديد لقلعة شباط، من خلال التركيز على إحداث اختراق جديد في الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، بعد أن نجح الأمر في الشبيبة الاستقلالية، من خلال خلق تيار داخله. مصادر «المساء» اعتبرت أن حالة من التذبذب تسود أوساط قياديي الذراع النقابي للحزب، تعكسها عودة القيادية خديجة الزومي إلى بيت الطاعة بمقاطعتها لتجمع نحو 550 من أعضاء المجلس الوطني بالدار البيضاء الأحد الفائت، وهو ما يعني تراجعها عن دعمها للفاسي، وباضطراراها ل«بوس راس شباط»، في إشارة واضحة إلى تكفيرها عن خطأ قيادتها للانقلاب عليه.مقابل ذلك أعلنت عائلة الكاتب العام الأسبق للاتحاد العام عبد الرزاق أفيلال وما تبقى من أتباعه داخل النقابة عزمهم مناصرة الفاسي في صراعه مع شباط. إلى ذلك، تحول الاجتماع المصيري للجنة التنفيذية للحزب، المنعقد زوال أول أمس الأربعاء بالمركز العام، إلى ساحة لتبادل الملاسنات بين الفاسي ومنافسه. ولم تمنع أجواء التوافق، التي مكنت من الاتفاق على تاريخ 22 شتنبر لعقد المجلس الوطني وانتخاب الأمين العام، من اندلاع حرب كلامية ونقاشات حادة بين شباط والفاسي وبين هذا الأخير ونزار البركة. شباط ذهب بعيدا في محاولته استفزاز غريمه السياسي حينما ثار في وجهه قائلا: «انت بعدا ما شي استقلالي.. وما تصلح تكون حتى كاتب دائرة»، قبل أن يضيف: «ما عمرك غادي تكون أمين عام وباش ما بغيتي». تحد سيواجهه الفاسي بالقول: «سنرى والصناديق بيننا».