أثارت تصريحات رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، بشأن كيفية التعاطي مع ملفات الفساد استغرابا واستياء عميقين لدى الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، المعروفة اختصارا ب«ترانسبارنسي المغرب». وأكد عبد الصمد صدوق، الكاتب العام للجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، في تصريح ل«المساء»، أن «ما صرّح به رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، شكّل بالنسبة إلينا صدمة، حيث كنا ننتظر أن تواجه الحكومة بحزم آفة الرشوة ولوبيات الفساد، فإذا برئيس الحكومة يفتح الباب أمام الإفلات من العقاب، وهذ مسألة غير مقبولة».. وأوضح صدوق أن «ترانسبارنسي المغرب أكدت، في وقت سابق، أنها استقبلت بإيجابية نشر لائحة مأذونيات النقل وفتح بعض ملفات الفساد، وقلنا إن تلك الخطوة تُشكّل إشارة إيجابية، لكن تأكيد بنكيران، في أكثر من مرة، على فلسفة «عفا الله عما سلف» يُشكّل توجها خطيرا، لأنه تصريح رسمي من لدن رئيس الحكومة». وطالبت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، من خلال بيان صادر عن مكتبها التنفيذي، الحكومة بتوضيح موقفها وسياستها في مجال محاربة الرشوة وبالتعجيل بوضع إستراتيجية واضحة ومتّفَق عليها لمحاربة هذه الآفة، تشمل الردع القضائي بدون انتقاء وإصلاح التشريع وتمتيع هيئات المراقبة والتفتيش بالصلاحيات اللازمة ووسائل العمل الضرورية وتنفيذ جميع الالتزامات الدولية والدستورية في هذا المجال. وفي ردها على تصريح بنكيران، الذي قال فيه «عفا الله عما سلف ومن عاد ينتقم الله منه».. شدّدت «ترانسبارنسي المغرب» على أن الإفلات من العقاب هو أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تفشي الرشوة والفساد في بلادنا وأن تنفيذ القانون ليس حقا في مِلك الحكومة بل واجبا دستوريا وسياسيا وأخلاقيا، يأتي على رأس ارتباط المسؤولية بالمساءلة. وعبّرت الجمعية عن أسفها العميق لما سمّته «الخلط الذي جاء في هذه التصريحات بين نظام الأجور في الوظيفة العمومية وتفشي الرشوة في الإدارات العمومية ونهب المال العمومي واقتصاد الريع وتطلع المواطنات والمواطنين إلى العيش الأفضل، واعتبارها ضمنيا من أسباب أو من تجليات الرشوة في بلادنا». واعتبرت الجمعية أن التصريحات التي أدلى بها عبد الإله بنكيران، في حواره على قناة «الجزيرة»، كانت غامضة في تحليل هذه الآفة لما تسمح به من تبريرات لتطبيع التعامل معها وما يؤشر به من تعامل حكومي ليّن مع المتعاطين لجرائمها. وأشارت إلى أن «تفكيك منظومة الفساد السائدة في بلادنا ووضع حد للإفلات من العقاب كان وما يزال على رأس المطالب المُلحّة للحركة الاجتماعية في بلادنا»، وأكدت أن استفحال الرشوة يؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني بتقليص الاستثمار المنتج وتقويض المنافسة الشريفة وتعطيل تنافسية المقاولات وتعميق الفقر وتهديد السلم الاجتماعي وتخريب البناء الديمقراطي.