تحول اجتماع اللجنة الاستطلاعية لسجن عكاشة، التي شكلتها لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، مساء أول أمس الثلاثاء، للبت في مصير ما سمي بالتقرير الأسود عن السجن، إلى ساحة لتبادل الاتهامات والملاسنات بين الأغلبية والمعارضة. وخيمت أجواء ساخنة ومشحونة على اجتماع أعضاء اللجنة الاستطلاعية، الذي خصص لدراسة إمكانية عرض التقرير، المتضمن لاتهامات لمسؤولين كبار في المندوبية السامية للسجون وبسجن عكاشة بالتورط في شبكات ترويج المخدرات والسجائر، على الجلسة العامة لمجلس النواب. وكشفت مصادر من داخل اللجنة أن سخونة الأجواء ترجمتها النقاشات الحادة التي سادت بين أعضاء اللجنة الاستطلاعية في ظل الضغوط التي تمارس داخل قبة البرلمان ومن خارجه على أعضاء في اللجنة من أجل دفعهم إلى تليين مواقفهم وإقبار التقرير، ومحاولة أعضاء في الأغلبية البرلمانية ضرب التقرير في الصميم بالتشكيك في صحته. ولم يتمكن أعضاء اللجنة الاستطلاعية، في ظل تلك الأجواء الساخنة، الحسم في إمكانية عرض التقرير على الجلسة العامة بالغرفة الأولى من عدمه، مكتفين بطلب أخذ الوقت الكافي للتداول في الصيغة النهائية للتقرير، مع ما يعنيه ذلك من إمكانية إدخال تعديلات عليه، وبالاتفاق على عقد اجتماعات جديدة للحسم في إمكانية العرض. وفيما استبعد مصدر مطلع داخل اللجنة إمكانية عرض التقرير على الجلسة العامة للمجلس خلال الدورة الربيعية الحالية، كشفت مصادر من اللجنة الاستطلاعية عن ضغوطات تمارس على أعضاء في اللجنة، وحسابات ضيقة داخل بعض الفرق البرلمانية في الأغلبية، تدفع في اتجاه إقبار التقرير، مشيرة إلى أن اجتماع أول أمس كشف عن وجود اتفاق لدى أعضاء اللجنة الاستطلاعية على أن هذه الأخيرة «سيدة نفسها وأنها لن تخضع للإملاءات الخارجية». وكان لافتا، خلال الاجتماع الذي امتد ساعات طويلة، تفجير أعضاء في اللجنة قنبلة من العيار الثقيل حينما أكدوا تعرضهم لتهديدات وضغوطات من أجل دفعهم إلى رفع أيديهم عن تقرير اللجنة، فيما أعلن عدد من أعضاء اللجنة عن تضامنهم مع زملائهم، داعين إلى ضرورة إصدار بلاغ بهذا الشأن. من جهة أخرى، وجدت النائبة الحركية مريم ولهان، التي كانت قد شككت في صحة تقرير سجن عكاشة، نفسها في وجه عاصفة من الانتقادات من قبل رئيس اللجنة محمد حنين وزملاء لها. وكانت لجنة مشكلة من 12 نائبا برلمانيا قد قامت باستطلاع ما وراء أسوار السجن المحلي الذي يعتبر من أكبر سجون المملكة من حيث الحجم وعدد السجناء. وقد رصد التقرير عدة اختلالات تشوب المؤسسة السجينة. فيما نفى حفيظ بنهاشم، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ما أورده تقرير المهمة الاستطلاعية، معتبرا أن اللجنة اعتمدت في ذلك على أقوال بعض السجناء فقط، وكذلك على مصادر غير معلومة، مطالبا نواب الأمة بضرورة التدقيق في تلك التصريحات للتأكد من صحتها، وكذا مدى تمثيلية أصحابها لمجموع الساكنة السجنية. بنهاشم نفى وجود حي للامتيازات يسمى أبو ظبي يحفل بالخروقات والتجاوزات، معتبرا أن ما تحدث عنه التقرير بخصوص شبكة ترويج المخدرات مجانب للصواب، «لأنه لم ترد في شأنه معطيات دالة على صحته»، ومشيرا إلى أن المندوبية باشرت بحثا في الموضوع بمجرد اطلاعها على التقرير لقطع الشك باليقين.