ترأس الملك محمد السادس، أول أمس الثلاثاء بالرباط، افتتاح الدروس الحسنية الرمضانية. وألقى الدرس الافتتاحي أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، في موضوع «الثوابت الدينية للمملكة المغربية وجذورها في عمل السلف الصالح». وبعد أن ذكر هذه الثوابت حسب ترتيب ظهورها في التاريخ، انتقل الوزير إلى الحديث عن «إمارة المؤمنين باعتبارها أجل هذه الثوابت وأعظمها منزلة». ولدى تطرقه إلى الثابت الثاني، وهو المذهب الفقهي، أكد التوفيق أن «المذاهب كلها اتفقت على المكانة الأساسية لمصدري الفقه، القرآن الكريم والسنة النبوية الغراء، وتميز مذهب عن الآخر في عدد الآليات المستعملة في الاستنباط من هذين الأصلين وترتيبهما في الأهمية»، أما الثابت الثالث فيطرح، حسب الوزير، سؤالا مفاده «كيف يمكن إحسان العبادة بتحقيق الانسجام بين الظاهر والباطن»، مشيرا إلى أن «التصوف خرج أول ما خرج من طائفة أوائل الزهاد، وذلك قبل التقاء الفكر الإسلامي بفلسفة اليونان وروحانية الهنود»، كما تطرق التوفيق بالدرس والتحليل للثابت الرابع وهو العقيدة الأشعرية. ولم يخل درس الوزير من «رسائل مشفرة» بخصوص الجدل الدائر اليوم في المجتمع المغربي بين دعاة الحريات الفردية والداعين إلى الحفاظ على الهوية، حيث أكد التوفيق، في هذا السياق، أنه «لا مبرر شرعيا في السياق المغربي للخوف على الدين أو التخوف منه، ما دامت تؤطره هذه الثوابت»، مشيرا إلى أن «هاتين الحالتين تصدران عن شعور سلبي ومن هنا تأتي أهمية سؤال الحرية». وخلص المحاضر إلى أنه من «غير المفيد إعادة الكلام عن الثوابت الدينية إلى طاولة الاختيارات ولاسيما في الجانب العقدي والمذهبي، لأن ذلك سيعيدها إلى درجة الصفر أي إلى جذورها في السياسة» مشددا على أن «الضرورة تقتضي نوعا من مأسسة هذه الثوابت، حيث إنه بفضل توجيهات أمير المؤمنين تم قطع أشواط في هذا الاتجاه، وذلك بإصدار عدد من الضوابط القانونية التي تهم الشأن الديني، وجاء الدستور الأخير ليكرسها في جانب مؤسسة إمارة المؤمنين واختصاصها في تدبير هذا الشأن». وعلى هذا الأساس، يؤكد التوفيق أن آفاق النموذج المغربي في علاقة الدين بالسياسة يقوم على التوازي بين المؤسسات السياسية والثوابت الدينية وحماية تلك الثوابت بالدستور، مشددا على أن «المهمة الأساسية التي تبقى في مواكبة هذه السيرورة التاريخية هي مهمة العلماء في شرح الثوابت شرحا دينيا سياسيا واضحا، في ضوء الأثر والتاريخ والمقاصد ومقتضى التنزيل على حال العصر».