ارتبطت منطقة قواسم دكالة بمدينة الجديدة برياضة الصيد بالصقور منذ زمن طويل، وأصبح ذكر الصقر بالمنطقة مرتبطا ارتباطا شديدا بهذا الطائر، في هذه الحلقات التي نقدمها بين أيديكم، حاولنا تقريب قراء الجريدة من عوالم هذا «الطائر الحر»، وطقوس رياضة الصيد بمنطقة القواسم الممتدة إلى أولاد عمران. كما حاولنا تتبع جزء من المسار التاريخي لرياضة الصيد بالصقور من شبه الجزيرة العربية إلى المغرب ومنطقة قواسم دكالة بالخصوص. وقد اعتمدنا في إنجاز هذه الحلقات على بعض الكتب والوثائق التاريخية، التي تطرقت لموضوع رياضة الصيد بالصقور، كما حاولنا الاقتراب أكثر من الصقر والصقارين بمنطقة القواسم القريبة من أولاد افرج، واستقينا رواياتهم المباشرة حول هذا الطائر ورياضة الصيد به. قبل أن نخلص إلى المشاكل التي تتخبط فيها هذه الرياضة بالمنطقة وسبل تجاوزها مستقبلا. إن مطلب الاعتناء بهذا الطائر في المغرب ودول الخليج ليس وليد اليوم؛ إذ نلاحظ أن أهل الخليج يتوفرون على الإمكانيات المادية اللازمة، للعناية بهذا الطائر والحفاظ على رياضة الصيد بالصقور؛ باعتبار أن ممارسيها والمهتمين بها في الخليج، هم في الغالب من الأمراء وعلية القوم، ففي كتاب رياضة الصيد بالصقور، تؤكد رسالة لسمو الشيخ زايد بن سلطان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ، أن سموه كان قد اتفق مع مجموعة من الصقارين الذين زاروه سنة 1975 عندما كان في زيارة إلى دولة النمسا، على البحث عن أحسن السبل للمحافظة على هذه الرياضة من الاندثار، وقد توج هذا الاهتمام بالصقر بتنظيم مهرجان كبير للصقور والصقارين يجمع العلماء والخبراء والمهتمين برياضة الصيد بالصقور وطرق الصيد، لتبادل الخبرات والتجارب، ولعل ما وقفت عليه خلال إنجاز هذا البحث، هو الاهتمام البالغ الذي يوليه الخليجيون للصقر ورياضة الصقور؛ حيث تنظم معارض سنوية بالإمارات العربية تؤرخ لهذه الرياضة. أما في المغرب، فإن الصقر ورياضة الصيد بالصقور لازالت تعاني من مشاكل عديدة، بالرغم من بعض المبادرات التي صدرت عن جهات عليا تجاه مربي الصقور بمنطقة القواسم وأولاد عمران، ولازال الصقر يعاني هو ومالكوه من مشاكل قد تجعله ينقرض مستقبلا، فقد أكد الدكتور عبد الهادي التازي في مقالته الشهيرة أنه راسل الجهات المسؤولة سنة 1978 و 1979، من أجل الاهتمام بهذا الطائر، باعتباره معلمة من معالم الحضارة المغربية التي لا تقل إطلاقا عن صومعة حسان، وطلب عبد الهادي التازي من بين ما طلبه من الجهات المعنية، مساعدة السلطات في إنشاء ناد في إطار الجماعة القروية، التي تجعله ضمن سائر الجمعيات التي ينص عليها الظهير الشريف، لتحتفظ بميزانية خاصة بهذا النادي، فإذا ما فعلنا هذا - يقول التازي- فسيمكن لهذه الطيور أن تأكل من اللحم ما تشاء، ومن منطلق هذا النادي سيكون لكم فضل إنشاء أندية مماثلة في المدن المغربية الأخرى». تؤكد رسالة الدكتور عبد الهادي التازي، مدى الاهتمام الذي أولاه هذا المؤرخ الكبير للصقور ولمنطقة القواسم بالخصوص. وتؤكد أن وضعية الصقور و الصقارين لم تكن على ما يرام وتحتاج إلى التفاتة المسؤولين. و في الثمانينيات من القرن الماضي، تكونت أولى الجمعيات المهتمة بالصقور والصيد بها في المغرب، حيث تشكلت جمعيتان؛ أولاها «جمعية الصيد بالصقور القواسم أولاد افرج» وثانيها «جمعية النبلاء المغربية للصقور بمنطقة أولاد عمران و القواسم»، و ستتفرع عن هذه الجمعية ثلاث جمعيات أخرى، وهي «الجمعية المحمدية القاسمية للصيد بالصقور» و«جمعية الصقارين بأولاد افرج» و «جمعية شرفاء القواسم أولاد عمران»، وتفرع هذا العدد من الجمعيات قد يوحي في البداية بأن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح، لكن من خلال لقائنا ببعض الفاعلين في بعض هذه الجمعيات تبين لنا بأن هناك منافسة وحربا غير معلنة، حول شرعية تمثيل الصقارين والصقر بمنطقة دكالة، وهو موضوع فضلنا عدم الخوض فيه في معرض هذه الحلقات على أن نعود إلى معالجته لاحقا. لكن الإشارة إلى وجود مشاكل بين الجمعيات الناشطة في المجال تظل مسألة لابد من ذكرها.