قررت محكمة الاستئناف، وهي تبدأ النظر في ملف رئيس اتحادي سابق لجماعة قروية بضواحي صفرو، أول أمس الاثنين، وضعه رهن الاعتقال الاحتياطي، وإحالته على السجن المحلي عين قادوس. وقالت المصادر إن قاضي التحقيق في المحكمة، أخبر الرئيس السابق لجماعة أهل سيدي لحسن، بأنه متابع بناء على ما تضمنه تقرير للمجلس الجهوي للحسابات، وعلى شكاية وضعتها ضده رئيسة الجماعة الحالية، التي تنتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة، قادمة إليه من حزب الاتحاد الاشتراكي. ووجه قاضي التحقيق، وفق مصادر مطلعة، إلى الرئيس الاتحادي السابق للجماعة، فؤاد فضل الله، تهما تتعلق بتبديد المال العام وإخفاء سندات والتزوير في وثائق إدارية وعمومية والغدر. وكان الرئيس المعتقل يشغل كاتبا إقليميا سابقا لحزب الاتحاد الاشتراكي بالمدينة، وتم طرده ليلتحق بحزب الاستقلال ثم بحزب الأصالة والمعاصرة، قبل أن يعود إلى حزب الاتحاد الاشتراكي، وتسند إليه صفة نائب الكاتب الإقليمي للحزب. ويزاول فؤاد فضل الله مهنة أستاذ للغة العربية في إعدادية واد الذهب بمدينة صفرو، ويتولى صفة نائب الكاتب الإقليمي للاتحاد الاشتراكي بالإقليم، كما أنه يترأس تجمعا لجمعيات آباء وأولياء التلاميذ بالمدينة. وتعيش الجماعة القروية لأهل سيدي لحسن صراعات طاحنة. وتعاقب على هذه الجماعة، التي أحدثت في سنة 2002، منذ سنة 2004 إلى سنة 2009، ثلاثة رؤساء، أحدهم تم توقيفه من قبل وزارة الداخلية في مناسبتين، وتم تشكيل لجنة خاصة ترأستها السلطة المحلية لتسيير شؤون الجماعة. وقضى حكم قضائي نهائي في حق أحدهم بالعقوبة الحبسية موقوفة التنفيذ، وفقد الأهلية الانتخابية. وتولت امرأة (آسية مهليل)، في الانتخابات الجماعية الأخيرة، رئاسة الجماعة. وقد سبق لرئيسة الجماعة، التي اشتكت بالرئيس السابق للجماعة، أن وضعت تحت الحراسة النظرية، في قضية تهجير نحو الخارج، اتهمت فيها بالنصب والاحتيال، وتقرر الإفراج عنها بعد ذلك. وأدت الاختلالات في تدبير شؤون هذه الجماعة القروية إلى إغراقها بالديون، حد الحجز على السيارة الوحيدة التي تملكها. ووجدت الرئيسة الحالية صعوبة في الاحتفاظ بها، قبل أن تلجأ إلى ثقافة جمع التبرعات من أجل أداء ما بذمة الجماعة وإنقاذ السيارة من قبضة الحجز. وأشار تقرير للمجلس الجهوي للحسابات، تم إعداده في فبراير 2010 ، إلى أن رئيس الجماعة أصدر في الفترة ما بين 2004 و2005 عددا كبيرا من سندات طلب لا تعبأ بالطرق التي يحددها القانون. ولا تتضمن هذه السندات إلا اسم الجماعة والممون المستفيد ونوع وكميات المشتريات، وتتجاهل التنزيل المالي والثمن الأحادي ومجموع الثمن لكل نوع والثمن الإجمالي. وتحدث القضاة عن إصدار سندات طلب في مقاهي مدينة صفرو وليس بمقر الجماعة. وقال إن هذه السندات لا تخضع للمنافسة بطلب عروض ثلاثة ممونين على الأقل. ولاحظ القضاة وجود «رغبة شديدة» في استهلاك الاعتمادات المفتوحة بمختلف أبواب ميزانية الجماعة. وزجت هذه السندات بالجماعة في متاهات الأحكام القضائية لفائدة المزودين. ووجدت الجماعة في الآونة الأخيرة صعوبات في تسديد ما بذمتها بسبب ضعف الإمكانيات. وتعذر على قضاة المجلس الجهوي للحسابات بفاس الاطلاع على وثائق تتعلق بمصاريف الجماعة. إذ أوضح التقرير بأن رؤساء الجماعة السابقين فضلوا الاحتفاظ بهذه الوثائق الإدارية لأنفسهم، بالرغم من أنه يجب أن تبقى داخل جدران الجماعة. واضطر القضاة إلى اللجوء إلى بعض «الجهات الخارجية» من أجل الحصول على هذه الوثائق. وذكر التقرير، الذي سبق ل«المساء» أن نشرت تفاصيله، بأن الرئيس المعتقل على ذمة التحقيق (فؤاد فضل الله) عمد في سنة 2004 رفقة أحد نوابه إلى القيام بجولات ميدانية في بعض الدواوير لاستخلاص مبالغ مالية، وحررت للعائلات وثائق تفيد فيها استعمالها الماء الشروب في الأغراض المنزلية فقط، إلا أن هذه الأسر لم تستفد من ربطها بشبكة هذه المادة. فيما أسندت عملية توزيع الماء الصالح للشرب بدواوير الجماعة إلى جمعيات خاصة. وعاينت لجنة القضاة وجود نقص في طبيعة وكميات أشغال دار للسكنى كانت الجماعة وراء تهيئتها (بدوار البواديس)، خلافا لما يشير إليه سند الطلب. إذ وجدوا أن البناية لا تتوفر سوى على 5 سياجات للنوافذ بمساحة أقل مما تضمنه سند الطلب الذي نص على إحداث 6 نوافذ. كما تطرق التقرير إلى وجود نقص في الصباغة داخل الدار وخارجها. واتضح للجنة القضاة أن قناتين لصرف مياه الأمطار تعرضتا للسرقة. وقامت الجماعة بصرف أموال من أجل إنجاز ممر بأحد الدواوير بالمنطقة (دوار ظهر الخروب)، لكن اللجنة تبين لها بأن الأبعاد والقياسات المنجزة تخالف ما تضمنه سند الطلب. وطالت السرقة أيضا الأسلاك الخارجية للخط الهاتفي الملحق بمصالح الجماعة. وقد عمدت رئاسة الجماعة (في عهد الرئيس ح.ج) إلى تغيير جهاز الهاتف السلكي بآخر لا سلكي، لكن الرئيس فضل أن يضعه رهن إشارة مقر سكناه وليس بمقر الجماعة، وقد استغل الخط الهاتفي لما يقرب من سنة، ولم يحضره إلى مقر الجماعة إلا مع قرب أجل تبادل السلط بينه وبين الرئيسة الجديدة للجماعة. ونفس الاستغلال طال أحد حواسيب الجماعة وتوابعه. إذ لم يتم إرجاع الحاسوب إلا مع اقتراب أجل تسليم «المشعل» إلى الرئيسة الجديدة التي كانت تنتمي إلى الاتحاد الاشتراكي قبل أن تقرر الالتحاق بحزب الأصالة والمعاصرة. وأسفرت المراقبة أيضا عن عدم وجود طاولة مستديرة من الحجم الكبير كانت موضوعة بقاعة اجتماعات الجماعة. وقال قضاة المجلس الجهوي للحسابات إن هذه الطاولة تعرضت للضياع في ظروف غامضة.