جاء تقرير اللجنة البرلمانية حول السجون المغربية ك«صفعة» قوية لمندوبية السجون، التي حرصت، على امتداد الشهور الماضية، على توزيع بلاغات ترسم صورة «وردية» عن السجون المغربية.. كان اختيار اللجنة «عكاشة» في الدارالبيضاء ذكيا، بحكم أن هذا السجن يضمّ سجناء من شرائح اجتماعية مختلفة، تتقاسم الزنازين في ظروف متباينة. كشف التقرير أن مراحيض سجن «عكاشة» موجودة قرب مكان النوم وبشكل يتيح لباقي النزلاء «التفرج» على من يريدون قضاء حاجتهم، كما فضح التقرير بعض السلوكات التي يلجأ إليها المسؤولون من أجل إظهار «حنة اليد» وتزييف الواقع، بعد أن «قرّرت» إدارة السجن إعادة طلاء المطبخ وبعض المرافق قبل زيارة اللجنة بوقت قصير.. وأكد التقرير أن جناح الرجال يضم زنزانة مساحتها ستة أمتار على أربعة تؤوي 30 سجينا، فيما لا يوجد فيها سوى ثمانية أسرّة، وأخرى مساحتها خمسة أمتار على خمسة فيها 29 سجينا.. وهو ما ينطبق، أيضا، على باقي الزنازين، علما أن 56 سجينا يتقاسمون زنزانة من ثلاثة أمتار على خمسة.. زارت اللجنة، أيضا، عبد الحنين بنعلو، المدير السابق للمكتب الوطني للمطارات، الذي تمتع بمعاملة تفضيلية، بعد أن تم وضعه في زنزانة مساحتها ستة أمتار رفقة سجنين فقط، وفي الزنزانة مرحاض بدون باب. ومن بين الحقائق الصادمة التي تحدث عنها التقرير لجوء إدارة سجن «عكاشة» إلى ترحيل عدد من السجناء إلى سجون أخرى، ما ساهم في تخفيف حدة الاكتظاظ في الجناح 4، الذي كان يقطنه 3200 سجين وتقلص العدد إلى 1700 سجينا. وأكد التقرير أن الطاقة الاستيعابية للسجون المغربية لا تتعدى 40 ألفا، في أحسن الأحوال، بينما «يتكدس» فيها، فعليا، 80 ألف سجين، وهو ما يجعل بعض النزلاء يفترشون الأرض وينامون تحت الأسرّة وفوق الرفوف.. حيث تُخصَّص لكل سجين مساحة سجين 1.2 متر مربع، في حين أن المعيار الدولي هو تسعة أمتار.. أمّا الحمام، وحسب تقرير اللجنة، فهو «امتياز» لا يحصل عليه الجميع، وهو بارد شتاء وصيفا، أسبوعي بالنسبة إلى عموم السجناء ويومي ساخن ل«من يدفع أكثر»، في جناح خاص يطلق عليه اسم «أبو ظبي»، حيث يقبع سجناء من طينة خاصة، قادرون على «الدفع». وخصص التقرير فقرة للحدث عن الطعام، وأشار إلى وجود مطبخ واحد يتم فيه إعداد الوجبات لحوالي 7585 نزيلا.. وهي وجبات يتم إعدادها من طرف السجناء دون إخضاعها للمراقبة الصحية، كما أن الحصول على وظيفة في المطبخ لا يتم بالمجان، بل يجب «الدفع» مقابل ذلك. كما أكد التقرير صحة المعلومات التي تحدثت عنها وثيقة صادرة عن هيئة دبلوماسية في المغرب بخصوص المثليين في السجون، وأشار إلى وجود جناح يحمل رقم 6، مخصص لفئة المثليين، بباروكات وأزياء نسائية وأكسسوارات، وأكد أن هؤلاء مجتمعون في زنزانة واحدة تحمل رقم 14، وعاينت اللجنة أن هؤلاء تظهر عليهم جليا علامات التحول و«حركات التأنيث».. وأكد التقرير أن سجون بنهاشم تحولت إلى مدرسة ل«تفريخ» الشواذ والمومسات، مشيرا إلى أن الاكتظاظ المهول الذي تعرفه السجون هو ما يجعل النزيل أو النزيلة يدخل «عاديا» ويخرج في «حالة أخرى»، من فرط تعرضه للاحتكاك وللابتزاز والتحرش والإجبار على ممارسة الجنس، بعد لجوء الإدارة إلى الخلط بين الأحداث والراشدين أو بين السجناء متفاوتي الجنح، كما أضاف أن الحرمان من الخلوة الشرعية يساهم في انتشار ظاهرة الشذوذ.. ولاحظت اللجنة، من خلال زيارتها، اختلاط السجناء تحت الاعتقال الاحتياطي أو أصحاب الإكراه البدني مع أصحاب الجرائم الخطيرة والبسيطة معا، وهو ما يؤدي إلى تحول السجن إلى فضاء مفتوح ل«تعليم» تقنيات الإجرام وإعادة إنتاجه.. ووقفت اللجنة على أن إدارة السجن تعمد إلى حرمان السجناء من بعث رسائلهم وشكاياتهم خارج المؤسسة الجينة، وأكدت أنه غالبا ما يكون مصيرها الإتلاف أو إنزال العقوبات في حالة إذا كانت تحمل انتقادات لإدارة المؤسسة.. علما أن القانون يمنح المعتقلين حق التقدم بتظلماتهم إلى مدير المؤسسة وإلى مدير السجون والسلطات القضائية ولجنة المراقبة الإقليمية، وفق ما هو منصوص عليه في قانون المسطرة الجنائية، إما شفويا أو كتابة. ويمكن المعتقلين أن يطلبوا الاستماع البهيم من طرف السلطات الإدارية أو القضائية بمناسبة الزيارات أو التفتيش، وتتم هذه المقابلة تحت أنظار عون في مكان لا يستطيع معه سماع الحديث ما لم تقرر السلطات الاستغناء عن حضور العون.