يعيش المغرب، في هذه الأيام، موجة حر غير مسبوقة، لذا وجب أخد الحيطة والحذر على مستويَين في الجسم، الأول خارجي، ويتمثل في استعمال وسائل حماية الجسم من الخارج، بارتداء القبعات ووسائل أخرى، والثاني على المستوى الداخلي للجسم، حيث يجب الاهتمام بالنظام الغذائي الجيّد، الذي يقينا، قدْر الإمكان، من فقدان نسبة الماء.. وينطلق دلك من تجنب الاكثار من الأغذية التي تتطلب نسبة ماء كبيرة خلال فترة مرورها بالجهاز الهضمي حتى امتصاصها، كما أن المحافظة على نسبة الماء في الجسم لا تتطلب فقط شرب الماء، بل كذلك التعود على أغذية تحتوي على نسبة عالية من هذه المادة الحيوية، وهي الفواكه الخضر والعصير الطبيعي، وأقول الطبيعي لأن للعصير المُصنَّع مفعولا عكسيا، حيث يرفع حاجيات الجسم من الماء. كما أن هناك بعض الأشخاص يدّعون أنهم ينسون شرب الماء حتى يشعروا بالعطش الشديد، وهذا خطأ.. ويمكن تحفيز الصغار، كما الكبار، على شرب الماء خلال فترة تواجدهم في المنزل بوضع قنينة ماء مصحوبة بكأس فوق المائدة، لأن هده التجربة أعطت نتائج جيدة، حيث يتذكر الكبير والصغير أن عليهم شرب الماء.. وإذا كانت القنينة قريبة وفي المتناول، فإننا نتعود على شرب الماء في المرحلة الأولى من العطش وقبل الوصول إلى العطش الشديد.. وكما يقول المثل «بيّن لْما يْبانْ لعطشان».. كما أن الاستفادة من الماء تزداد إذا ما احترمنا آداب شرب الماء، فالكثيرون يعرفون هذه الآداب، لكنْ لظروف ما لا يطبقونها، فيضيع الأجر والشرب بطريقة غير صحية، لأن آداب شرب الماء جاءت لخدمة الجسد.. ففيما يخصّ الأجر وعند اتباع سنة الرسول (ص) في شرب الماء نفوز بخمسين حسنة فقط في ثانيتين، كيف ذلك؟.. نحن نعلم أنّ الحسنة بعشرة أمثالها، إذا أردنا الشرب أولا وجب الجلوس لماذا؟ عند الشرب واقفاً يسقط السائل بعنف إلى قعر المعدة ويصدمها.. ويؤدي تكرار هذه العملية مع طول الزمن، إلى استرخاء المعدة وهبوطها وما يلي ذلك من عسرفي الهضم، ففي وضعية الوقوف يكون الجهاز العصبي متوتراً، حيث يقع عليه عبء السيطرة على جميع عضلات الجسم لتقوم بعملية التوازن والوقوف منتصباً، وهي عملية دقيقة يشترك فيها الجهاز العصبي والعضلي في آن واحد، مما يُفقِد الإنسان شعوره بالهدوء والطمأنينة العضوية، التي تُعتبَر من أهمّ الشروط اللازم توفرها لابتلاع الماء، وهذه الطمأنينة تتوفر للإنسان في وضعية الجلوس، حيث تكون الجملة العصبية والعضلية في حالة من الهدوء والاسترخاء وتزداد قابلية الجهاز الهضمي لاستقبال الماء وامتصاصه وتمثله بشكل صحيح.. ويؤدي شرب الماء في وضعية الوقوف إلى حدوث انعكاسات عصبية شديدة تقوم بها نهايات العصب المنتشرة في بطانة المعدة، والمعروفة بالعصب الحائر، وهذه الانعكاسات العصبية قد تؤدي إلى إطلاق شرارة النهي العصبي الخطيرة، مما يؤدي إلى توقف مفاجئ لعمل العصب الحائر، الذي يغذي عضلة القلب، فيتوقف القلب، محدثاَ الإغماء، كما يهدد الاستمرار على عادة الشرب وقوفاً سلامة جدران المعدة، وينذر بإمكانية حدوث تقرحات فيها.. وترافق عملية حفظ التوازن أثناء الوقوف تشنجات عضلية في المرء تعيق مرور الطعام بسهولة إلى المعدة. وقد تُحدِث، في بعض الأحيان، آلاماً شديدة تضطرب معها وظيفة الجهاز الهضمي، ولكن كان شُرب النبي -صلى الله عليه وسلم- واقفاً لسبب اضطراري منعه من الجلوس، مثل الزحام المعهود في المشاعر المقدسة، وليس على سبيل العادة والدوام، فقد شرب -صلى الله عليه وسلم- قائماً من زمزم ذات مرة ليبيّن لأمته أن الأمر مُستحَبّ وليس واجبا.. بهده العادة نكسب حسنة. ثانيا بأخذ الإناء باليد اليمنى نكسب كذلك حسنة. ثالثا قول «بسم الله»، فقد بيّنت الدراسات الحديثة أن هناك فرقا كبيرا بين مكونات الماء في إناء ذكر عليه اسم الله وإناء لم يذكر عليه اسم الله، شأنه في ذلك شأن الذبيحة الإسلامية.. وبذكر اسم الله نكسب حسنة. رابعا الشرب على ثلاث دفعات، إذ إن المسؤول عن الإشعار بالعطش هو الكبد، وعند إتمام الشرب دفعة واحدة يتساقط الماء بطريقة مفاجئة إلى الكبد، فيحدث تليفا كبديا، أمّا إذا تم على ثلاثة مرات فتعمل الأولى على إنذار الكبد وإشعاره أن الماء قادم، فيستعد بابتلاله وليونه، فلا يسبب أي مشكل فيه، ففي ذلك حسنة. خامسا: أن نحمد الله، وبدلك نكون قد فزنا بخمس حسنات، وبما أن الحسنة بعشرة أمثالها فتصبح خمسين حسنة.. وإضافة إلى الجانب الصحي، هناك أمور بسيطة يمكن أن تسبب لنا المشاكل إذا ما أهملناها، كما يمكن أن ترفع كفاءة الجسم إذا تعوّدنا عليها.. ومن الأفضل شرب ماء ذي حرارة عادية وليس الماء البارد، لأنه الماء كلما برد أكثر كلما أضرّ بالمعدة، لماذا؟ لأنه يؤثر بشدة على الأخيرة وعلى كفاءتها، إذ يؤدي إلى انقباض الشعيرات الدموية في المعدة. كما أن الماء البارد لا يتم امتصاصه ولا يقبله الجسم حتى تعدَّل حرارتُه إلى 36 درجة، ولهذا السبب معروف أن الشاي يروي العطش أكثر من الماء البارد، ولا يجب أن نعتقد أننا إذا شربنا مرة واحدة وبكمية كبيرة نؤمّن حاجياتنا اليومية من الماء.. لأنك إذا شربت كمية كبيرة فإن الجسم يأخذ حاجته الفورية ويخرج الباقي عن طريق البول والعرق.. لذا وجب الشرب على امتداد اليوم، وأفضل وقت لذلك هو ما بين الوجبات. يُتبع