فجر رئيس الاتحاد الوطني لصغار المنعشين العقاريين، أحمد بوحميد، مساء أول أمس بمقر ولاية الدارالبيضاء، فضيحة في وجه وزير الإسكان والتعمير وسياسة المدينة، نبيل بنعبد الله، عندما كشف أن هناك منعشين عقاريين اضطروا إلى دفع رشاوى من أجل قضاء أغراضهم، مضيفا خلال لقاء حول سياسة المدينة احتضنته الدار البيضاء، أول أمس، أن مثل هذه السلوكات المتعلقة بالفساد والرشوة لا تشجع على الاستثمار. وخلفت تصريحات بوحميد ردود فعل قوية داخل القاعة من طرف الحاضرين، ضمنهم عمدة المدينة محمد ساجد، الوالي محمد بوسعيد وشفيق بنكيران، رئيس الجهة، إضافة إلى مستشارين جماعيين ورؤساء جمعيات مدنية، فيما التزم نبيل بنعبد الله الصمت في هذه القضية، غير أنه قال فيما بعد، خلال ندوة صحفية عقدها على هامش لقائه بمنتخبين وفعاليات المدينة، في إطار النقاش المفتوح حول سياسة المدينة، «إن أمام وزارة الإسكان خيارين للتعامل مع الملفات المتعلقة بالفساد الإداري، فإما أنها ستتحول إلى قاضي التحقيق وهذا ليس دورها، وإما أنها ستسعى إلى حل المشاكل المطروحة في إعداد التراب الوطني وسياسة المدينة والإسكان وتتبنى الإصلاحات التي ستضمن الشفافية وتحارب الفساد والرشوة، وإنني أفضل الاقتراح الثاني، لأنني لا أفضل العودة إلى الوراء». وأضاف نبيل بنعبد الله أن «اختياره للاقتراح الثاني لا يمنع من التوجه نحو القضاء إذا ثبت بالملموس أن هناك فسادا إداريا»، وقال: «لو توفرت وسائل الإثبات فإننا لن نتردد في التوجه إلى القضاء، وإن الأساس هو مراجعة المساطر على مستوى التعمير التي تؤدي إلى انتشار الفساد في هذا المجال». وعن المشاكل المرتبطة بملف سكان المدينة القديمة، أكد نبيل بن عبد الله أنه «لحد الساعة لا يوجد إطار قانوني يجبر السكان على مغادرة منازلهم، وأن السلطات العمومية تكون مجبرة في بعض الأحيان على إرغام العائلات على الخروج من منازلها خوفا من وقوع ضحايا، وذلك في إطار حماية أرواح المواطنين»، وقال إن «الملفات المرتبطة بالدور الآيلة للسقوط تتطلب حلولا استعجالية، وذلك بإخلاء السكان من منازلهم المهددة بالانهيار وتتكلف الدولة بإسكانهم في البرامج السكنية المتوفرة حاليا أو إعادة إسكانهم في المنطقة ذاتها بعد إعادة بناء المنازل من جديد». وأضح وزير الإسكان أن «تحقيق نتائج سياسة المدينة لن تظهر في سنة أو سنتين، ولكن الأمر يحتاج إلى سنوات طويلة، وأنه حان الوقت لكي يكون هناك تصور شامل بين جميع الوزارات في الحكومة في تدبير العقار». وتحول الحوار الجهوي حول سياسة المدينة في الدارالبيضاء إلى ما يشبه جلسات الاستماع، إذ أدخل المستشارون الجماعيون وفعاليات المجتمع المدني البيضاء إلى غرفة الإنعاش، وطالبوا الحكومة بالتدخل العاجل لإعادة الروح لهذه المدينة التي توجد في حالة خطر. وفي هذا السياق، قال محمد القادري، رئيس مقاطعة المعاريف، إن «المدينة في حاجة إلى تسهيل المساطر الإدارية للتشجيع على الاستثمار»، في حين أن مصطفى الحايا، رئيس مقاطعة مولاي رشيد، أكد أن «هناك أيادي خفية»، وطالب بمد المنتخبين بصلاحيات واسعة. وأكد كمال الديساوي، رئيس مقاطعة سيدي بليوط، أن مركز المدينة بدوره أصبح مهمشا، وقال إن «الدارالبيضاء تنادي يا وطناه، وإذا كان الوزير وصل إلى هذا الاجتماع متأخرا بسبب الاكتظاظ الكبير في الشوارع، فإننا نعيش هذا المشكل يوميا». وأبرز أحمد بريجة، رئيس مقاطعة سيدي مومن، أنه «لابد من الإسراع في وتيرة محاربة السكن غير اللائق». ووجه عبد العالي مستور، رسائل شديدة اللهجة إلى الحكومة، مؤكدا أن هناك خياران، فإما أن تتدخل الدولة بشكل قوي في الدارالبيضاء، أو أن تترك المجال للوبيات لكي تتحكم في المدينة، وتساءل «هل قررت الدولة أن توقف المافيا من حكم المدن؟».