أرخى التوتر الذي طبع، منذ شهور، علاقة الجماعة الحضرية لمدينة القنيطرة، التي يقودها حزب العدالة والتنمية، وأحمد الموساوي، الوالي السابق لجهة الغرب الشراردة بني احسن، بظلاله على حفل تنصيب إدريس خزاني واليا جديدا على نفس الجهة، والذي أشرف عليه، أول أمس، عبد الله باها، وزير الدولة في حكومة بنكيران. وتضمنت الكلمة التي ألقاها عبد الله باها في هذا الحفل «رسائل مشفرة» عدة إلى الوالي الجديد، حملت في طياتها وصايا ونصائح وإرشادات، بدت كإشارات مُوجَّهة للفت انتباه إدريس خزاني إلى «هفوات» سلفه وتفادي السقوط في نفس أخطائه، التي كانت سببا في إشعال فتيل حرب خفية بين الموساوي وبين حزب العدالة والتنمية في القنيطرة، ساهم في تأجيجها بعض صناع القرار في الجهة، حيث تشير جهات عليمة بأصابع الاتهام في تحريك خيوط هذا الصراع من بعيد إلى يوسف السعيدي، الكاتب العام للولاية، الذي شوهد، في أكثر من مرة، يمارس لعبة التنس في وقت كانت مسيرات قاطني الأكواخ القصديرية تجوب شوارع وأزقة منطقة «أولاد امبارك» احتجاجا على التماطل في الاستجابة لمطالبهم. وإذا كان أحمد الموساوي قد حظي بثناء وزير الدولة، الذي نوّه بعطائه، فإن ذلك، وفق العديد من المتتبعين، لا يعدو أن يكون مجرد محاباة جرت عليها العادة في مثل هذه المناسبات، وإلا كيف سيتم تفسير تنقيل الوالي الموساوي في هذا الظرف بالذات، وهو الذي لم يُكمل السنة والنصف في هذا المنصب، خلافا لباقي المسؤولين الذين تعاقبوا على تسيير شؤون الولاية في فترات سابقة، تتساءل المصادر نفسها. فقد وصل صدى حدة الخلافات التي اندلعت بين الموساوي وبين مجلس القنيطرة إلى قبة البرلمان، حينما وجه البرلماني عزيز الكرماط، رئيس شعبة الداخلية والجهوية والجماعات المحلية في الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية، انتقادات ضمنية للوالي السابق، خلال مناقشته الميزانية العامة لوزارتي الداخلية والسكنى والتعمير، وعاب عليه، بشكل غير مباشر، ضعف انخراطه في محاربة السكن العشوائي والوقوف وراء تعثر برنامج «مدينة القنيطرة بدون صفيح». كما سبق لعزيز رباح، وزير التجهيز والنقل، الذي يرأس مجلس القنيطرة، أن شكا لعبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، العراقيل والعقبات التي يضعها والي الجهة أمام المستثمرين، إلى الحد الذي دفع هؤلاء إلى تحويل مشاريعهم نحو مدن أخرى. واستحضارا لكل ذلك، كان طبيعيا أن يتوجه عبد الله باها، في معظم فقرات خطابه، للوالي خزاني، حيث حثه على إعطاء الأولوية للتنمية والحرص على خلق الظروف الملائمة للاستثمار وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المنشودة وإيلاء الاهتمام للتشغيل واحترام كرامة الإنسان وإرساء دعائم الجهوية المتقدمة، مشددا على أهمية تضافر جهود جميع الفاعلين من أجل تنمية الجهة وتحسين مستوى عيش ساكنتها. كما دعا باها إلى التركيز على إعادة الاعتبار إلى قيمة العمل وتقدير جهود العاملين وتشجيع المستثمرين، قبل أن يستطرد، في محاولة منه لجبر خاطر الموساوي، «صحيح أن العطاء لن يرضيّ الجميع، فالوالي مثل القاضي، فئة تفرح بحكمه وأخرى تغضب منه». ومن كواليس مراسيم تنصيب والي الجهة الجديد منعُ العديد من النشطاء الجمعويين من ولوج قاعة هذا الحفل، الذي تم تنظيمه في قصر البلدية عوض مبنى الولاية. كما حاصرت عناصر الأمن عون سلطة سابقاً كان يتأهب لتسليم رسالة إلى إدريس خزاني يكشف فيها «تلاعب» العديد من المسؤولين في الولاية، في حين سُمح لعشرات النساء، اللواتي استقدمتهن إحدى المستشارات الجماعيات من حي عشوائي، لتهنئة الوالي الجديد بالزغاريد والتصفيقات.