لن تكون مهمة عبد الإله بنكيران سهلة وهو يمثل يوم الإثنين القادم أمام مجلس النواب في أول جلسة مساءلة لرئيس الحكومة في ظل دستور المملكة الجديد، في ظل عزم فرق الأغلبية محاسبته على السياسات المتبعة من قبل حكومته في مجال التشغيل ومحاربة الريع. يأتي ذلك في وقت كشفت فيه مصادر مطلعة ل«المساء» أن رئيس الحكومة طالب برلمانيي أغلبيته بمجلس النواب ب«عدم محاباته» أو«التساهل» معه خلال جلسة المساءلة، مؤكدا لهم أن «لا خطوط حمراء» لطرح أسئلتهم. وحسب مصادر الجريدة، فإن بنكيران حث رؤساء فرق الأغلبية بالغرفة الأولى، خلال اجتماع جمعه بهم الأسبوع الماضي خلال التداول في القانون التنظيمي للتعيين في الوظائف السامية، على ممارسة دورهم الرقابي دون تحفظ، بل إحراجه خلال جلسة يوم الإثنين القادم. ونقلت المصادر ذاتها عن رئيس الحكومة قوله:«سولوني فاش ما بغيتو، وأنا غادي نجاوب، وحرجوني في جميع الأمور التي تحتاج إلى توضيح أو تفسير أو مقاربة أو تدبير»، مشيرة إلى أن قائد الأغلبية الحكومية الحالية حث برلمانيي الأغلبية على لعب دورهم كممثلين للأمة واسترجاع المصداقية، وعلى عدم محاباته، ومساءلته مساءلة حقيقية. إلى ذلك، علمت «المساء» أن رؤساء فرق الأغلبية بمجلس النواب سيتداولون، اليوم الجمعة، خلال اجتماعهم، في المحاور الأساسية لمساءلة رئيس الحكومة. وحسب مصادر من الأغلبية، فإن موضوعي التشغيل واقتصاد الريع سيكونان محورين رئيسين لأسئلة فرق الأغلبية، مشيرة إلى أن هذه الأخيرة حصرت مجموعة من المحاور، التي ستتم إثارتها خلال جلسات مساءلة رئيس الحكومة الشهرية بمجلس النواب، وتأتي في مقدمتها الإضرابات التي تعرفها العديد من القطاعات، والحوار الاجتماعي، والمرأة ودورها، والسياسة الخارجية، وقضية الصحراء المغربية، وصناديق التقاعد، فضلا عن القطاع الفلاحي، والنمو الاقتصادي، والوعاء الضريبي. وينتظر أن تتحدد، خلال اجتماع فرق الأغلبية اليوم، الفرق التي ستقوم بمهمة مساءلة بنكيران، وتلك التي ستقوم بالتعقيب على جوابه، في إطار تنسيقي، وفق ما كشف عنه محمد مبديع، رئيس الفريق الحركي بالغرفة الأولى، مشيرا إلى أن فرق الأغلبية ستتناوب على مساءلة رئيس الحكومة خلال جلسات المساءلة التي ستكون شهرية. رئيس الفريق الحركي اعتبر في اتصال مع «المساء» أن «جلسة يوم الإثنين تشكل انطلاقة لمسلسل تنزيل الدستور، ومناسبة لإعطاء إشارات قوية بخصوص التحولين السياسي والديمقراطي اللذين يعيشهما المغرب، في إطار حكومة جديدة يقودها رئيس يتمتع بمواصفات ومسؤوليات جديدة. كما أنها مناسبة للبرلمان للقطع مع ممارسات الماضي». من جهة أخرى، ذكرت مصادر برلمانية أن جلسة مساءلة بنكيران، طبقا لما ينص عليه الدستور من «عرض رئيس الحكومة أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، إما بمبادرة منه، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو من أغلبية أعضاء مجلس المستشارين»، ستستمر لمدة زمنية تتراوح بين ساعة ونصف وساعتين تخصص لطرح أسئلة فرق الأغلبية والمعارضة، ورد رئيس الحكومة وتعقيب الفرق. واستنادا إلى المصادر عينها، سيخصص مبدئيا نحو 50 دقيقة لفرق الأغلبية، و40 دقيقة لفرق المعارضة، في حين سيستفيد بنكيران من نحو 45 دقيقة لتقديم توضيحات وبسط سياسة حكومته بخصوص القضايا التي ستثار. وفيما لم تستبعد مصادر برلمانية أن يخضع بنكيران لمساءلة قوية بخصوص التصريحات التي يدلي بها والاتهامات التي ظل يوزعها على باقي خصومه السياسيين، والتي لم تستثن محيط المؤسسة الملكية، أكد قيادي استقلالي أن فريقه بالغرفة الأولى سيركز بشكل رئيسي على محوري التشغيل واقتصاد الريع، وقال في اتصال مع الجريدة إن «التشغيل سيكون محورا أساسيا لمساءلتنا لأنه لا ي مكن لرئيس الحكومة أن يتحلل من التزامات حكومة عباس الفاسي فيما يخص توظيف المعطلين وفق المرسوم الصادر عنها، إذ لا يعقل لحزب بعد قيادته الحكومة أن يتنكر لمواقفه من قضية المعطلين، بعد أن كان في عهد الحكومة السابقة يعلن عن تأييد مطالبهم، بل إن وزير الدولة عبد الله باها أعلن عن مساندته لهم خلال اقتحام المقر العام لحزب الاستقلال». وأضاف «نريد أن نسائل رئيس الحكومة عن سياسة الحكومة لمحاربة اقتصاد الريع وهل الأمر سيقتصر على «الكريمات»، في حين يضرب جدار من الصمت عن المستفيدين من مناجم الذهب والفضة».