استطاعت فعاليات جمعوية وسياسية خلال ندوة تحت عنوان «مقريصات والتحديات التنموية» وضع الأصبع على مكامن الاختلالات التي تعرفها جماعة مقريصات التابعة لإقليم وزان، والأسباب التي كانت وراء تدهور المنطقة من جميع النواحي، وبالتالي وضع تشخيص لواقع الحال بهذه المنطقة التي يعتبرها السكان من المناطق المهملة من طرف المسؤولين، سواء المحليين أو من طرف العمالة التابعة لها أو حتى من وكالة تنمية أقاليم الشمال. وتأتي هذه الندوة التي نظمت بدار الشباب القدس، بهدف خلق تواصل بين مكونات المجتمع المدني، سواء الجمعيات التنموية والتعاونيات والفاعلين والمتدخلين في مجال التنمية من منتخبين جماعيين وبرلمانيين، حيث بلغ عدد الحضور حوالي 120 مشاركا ومشاركة، وشهدت الندوة حضور نائبين برلمانيين، هما عبد العزيز لشهب عن حزب الاستقلال وعبد الحليم العلاوي عن حزب العدالة والتنمية، و 6 مستشارين جماعيين وممثل عن نيابة التعليم بإقليم وزان، إضافة إلى 10 جمعيات تنموية و5 تعاونيات، لكن الندوة سجلت غياب مسؤولي المصالح الخارجية للوزارات بإقليم وزان باستثناء نيابة التعليم، واعتذار رئيس المجلس القروي عن الحضور لالتزامات مهنية. وافتتحت الندوة بعرض للأستاذ الجامعي علي شعباني، بعنوان «مظاهر علاقة الإنسان بمحيطه الاجتماعي والبيئي»، حيث تناول فيه الصعوبات التي يصطدم بها أبناء المنطقة خلال العودة إلى أصولهم الجغرافية والتراثية، وربط علاقات مع محيطهم، إذ أكد أنه لا يمكن تنمية منطقة ما بدون وجود علاقة ترابط بين أبنائها، خاصة الذين هاجروا والذين عاشوا في فترات معينة من حياتهم في عزلة اقتصادية وثقافية. وخلص أستاذ علم الاجتماع، إلى أن هذه الهجرة نتج عنها فصل الإنسان المهاجر عن محيطه الطبيعي والاجتماعي الأصلي، وهو الانفصال الذي أدى إلى تدمير مجموعة من القيم التي حملها من موطنه الأصلي والتي أصبح يتعاطى معها بشكل سلبي باعتبارها نتاج واقع مهمش ومتخلف. أما العرض الثاني فخصصه المهندس محمد اليماني، مدير مشروع التنمية المندمجة لحوض واد لاو، لدور المجتمع المدني والتنظيمات المهنية في الرفع من وتيرة التنمية المحلية وإدماجها في محيطها الجهوي، حيث تطرق في البداية إلى بعض الإشكالات المرتبطة بالوعي الجماعي بأهمية التنمية، مؤكدا أنها عمل جماعي يجب أن يقوم به السياسي والنقابي والفاعل الجمعوي والفلاح والمرأة.. وقدم اليماني مجموعة من الإحصاءات تتعلق بجماعة مقريصات من حيث السكان والمساحات الزراعية والأراضي غير المستغلة، والتي أظهرت واقع الحال بمقريصات في مجموعة من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ليخلص بعد ذلك إلى رصد المعيقات والإكراهات التي تواجه التنمية بمقريصات والتي أجملها في ضعف الدخل الفلاحي للساكنة، وهشاشة البنية التحتية، وضعف مساحات الاستغلاليات الزراعية، وكذا الاستغلال المفرط للأراضي وتدهور الغطاء الغابوي، وسيادة تربية الماعز بالطرق التقليدية، وانتشار زراعة القنب الهندي والمشاكل التي تخلفها على مستوى استنزاف التربة وخطرها على مصادر المياه وكذا على المساحات الغابوية. وتمخضت عن الندوة عدة توصيات، من ضمنها ضرورة تعزيز جسور التواصل بين أبناء المنطقة وبين كل مكونات المجتمع المدني بمقريصات، والقيام بتشخيص على مستوى المنطقة بمشاركة كل الفاعلين والمتدخلين والساكنة المحلية، والتحسيس بأهمية الانتظام داخل الجمعيات والتعاونيات وتأهيلها، وخلق بنك مقترحات مشاريع تهم كل المجالات التنموية وتقديمها إلى الجهات الممولة.