عندما زارها ،مؤخرا، أحد الفرنسيين الذين كانوا يقطنون بها خلال عهد الحماية، بكى بمرارة على ما آلت إليه مقريصات التي كان يسميها الفرنسيون آنذاك بالجنة الصغيرة، وتأسف على ما اقترفته أيادي الفساد التي حولت مقريصات من حديقة خلابة تتميز بمدخلها الذي ترابط فيه أشجار الكالبتوس المتراصة بعناية فائقة، إلى منطقة تتميز الآن بالحفر التي تؤثث كل الأمكنة وبالأوساخ وانعدام النظافة وانتشار المتسولين. تقع جماعة مقريصات على بعد 50 كلم جنوب غرب مدينة الشاون بشمال المغرب، وعلى بعد 62 كلم شمال شرق مدينة وزان، يحدها شمالا مركز سوق الأحدوجنوبا جماعة زومي. كانت مقريصات تابعة لإقليم الشاون منذ إحداثه لكنها منذ السنة الماضية تم ضمها لإقليم وزان التابع لولاية تطوان جهة طنجة تطوان، وتعتبر مقريصات عاصمة قبيلة اغزاوة وهي إحدى القبائل الجبلية التي حاربت المستعمر بضراوة ولعل أغنية الفنان الراحل عبد الصادق شقارة «أطرطاق البارود في عقبة اغزاوة» تشهد على ذلك، وتعرف المنطقة فلاحة متنوعة لكنها تبقى معيشية في أغلب الأحيان، وتتنوع ما بين تربية الماشية وزراعة الخضر والفواكه، خصوصا العنب والتين والبرقوق والزيتون، كما نشطت زراعة القنب الهندي منذ أواخر التسعينيات وكانت تشكل أحد الموارد الأساسية لسكان المنطقة، لكنها عرفت تراجعا مهما على إثر حملات الدولة لمحاربتها في السنين الأخيرة.
مقريصات خارج التغطية عندما صنفت الدولة 360 جماعة قروية اعتبرتها الأكثر فقرا وهشاشة سنة 2005 مع انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، استبشر سكان منطقة مقريصات المتاخمة لجبال الريف خيرا، لكنهم سيفاجؤون بأن إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط لم تدرج جماعة مقريصات ضمن المستفيدين من برنامج محاربة الفقر في الوسط القروي، ومع توالي السنين وبعد مرور أزيد من 6 سنوات على انطلاق المبادرة، خابت آمال الساكنة الفقيرة والمهمشة منذ أن استقل المغرب في 1956 ولم يصل من أموال المبادرة إلا الفتات، حيث يروي بعض سكان المنطقة ل«المساء» والذين عاصروا عهد الحماية، أن الفرنسيين ورغم استغلالهم لخيرات مقريصات، إلا أنهم تركوا وراءهم بنية تحتية لا زالت تقاوم لحد الآن، كالطريق المؤدية لسوق الأحد أو قنطرة «لخمييس» أو البنايات الإدارية بالمركز، لكنها لم تلق العناية بعد أن استقل المغرب حيث همشت المنطقة ولم تستفد من عدة برامج تنموية أقامتها الدولة في مناطق أخرى، وعندما تستفيد من بعض الإصلاحات فإن الكثير من الصفقات تكون مشبوهة كما حدث بمشروع إصلاح السوق الأسبوعي، حيث انتقد شباب المنطقة هذا الحادث عبر صفحتهم بالفيسبوك، عندما نشروا صورة لأرضية السوق التي تهاوت بمجرد هطول الأمطار، مؤخرا، إذ علق أحدهم بأن «سور السوق العظيم بمقريصات سقط وتهاوى معه مشروع الإصلاح الذي كلف 110 ملايين سنتيم، وعقبى للمشاريع الارتجالية الأخرى»، كما تتساءل الساكنة عن دور «وكالة تنمية المناطق الشمالية» و«المبادرة الوطنية للتنمية البشرية» ولماذا لا تستفيد المنطقة من هذه الصناديق، أم يحسبون أن مقريصات «مخاصها حتى خير؟» يقول أحد الغيورين.
التعليم..مشاكل بالجملة تضم جماعة مقريصات 4 مجموعات مدرسية ابتدائية ومدرسة مستقلة واحدة أنشأتها مؤسسة البنك المغربي للتجارة الخارجية، حيث تستقبل هذه المؤسسات حوالي 1600 تلميذ من ضمنها 650 تلميذة، إلا أن المنطقة تعاني من عدة مشاكل أهمها النقص الحاد في الموارد البشرية مما تبرز معه ظاهرة الأقسام المشتركة، بالإضافة إلى النقص في التجهيزات والوسائل التعليمية وكلها عوامل تنعكس على جودة التعليم، وتقترح الأطر التعليمية بالمنطقة بعض الحلول الممكن تحقيقها بتضافر جهود المسؤولين على القطاع وكذا الجماعة القروية، من بينها إحداث مدارس جماعاتية تحتوي على سكن ومطعم بالنسبة للتلاميذ، وتوفير سكن وظيفي للأساتذة بالإضافة إلى النقل المدرسي باعتبار أن التلاميذ يقطنون في دواوير بعيدة عن المركز، أما بالنسبة للتعليم الإعدادي والثانوي التأهيلي، فمقريصات لا تتوفر حاليا سوى على إعدادية واحدة يكتظ فيها 1023 من تلامذة الإعدادي والثانوي، حيث يبلغ العدد داخل الفصل الواحد ما بين 40 و 50 تلميذا، دون الحديث عن النقص في الأطر التعليمية وكذا التجهيزات المختبرية وغياب مكتبة.
مدرسة «المسقة» ..النموذج لعل بارقة الأمل الوحيدة في هذه المنطقة هي تدشين مدرسة مستقلة نموذجية قرب دوار «المسقة»، والتي أنشئت في سنة 2000 من طرف مؤسسة البنك المغربي للتجارة الخارجية للتربية والبيئة، حيث يقول محمد زويتني، المنسق الإداري للمدرسة، إنه بالإضافة إلى المساعدات التي يتم تقديمها إلى التلاميذ والتلميذات قصد تشجيعهم على التمدرس، تشتمل المؤسسة على تعليم أولي عصري وحجرات كافية وبتجهيزات حديثة مثل الحواسيب والسبورات التفاعلية وفضاء خارجي واسع بشكل جذاب، الشيء الذي ينعكس إيجابا على جودة التعليم بهذه المؤسسة، وهو ما يجعل الآباء وأولياء الأمور يطرحون عدة علامات استفهام مثل «لماذا لا تفكر وزارة التربية الوطنية أو باقي المقاولات المواطنة بأن تحذو حذو مؤسسة البنك المغربي للتجارة الخارجية للتربية والبيئة وتنشىء مؤسسات مشابهة في باقي المداشر بالجماعة؟».
طبيب واحد ل 80 مريضا خلال يوم تتوفر جماعة مقريصات على مركز طبي واحد أسس منذ سنة 1979 بطاقم يتيم لا يفوق عدده طبيبا واحدا و3 ممرضات، يستقبل أكثر من 40 مريضا في اليوم وأزيد من 80 مريضا كل يوم ثلاثاء الذي يصادف السوق الأسبوعي لمقريصات، الشيء الذي تطرح معه جودة الخدمات بهذا المركز، ويشتمل هذا الأخير كذلك على دار للولادة تتوفر على سريرين فقط، مما تضطر معه غالبية حالات الولادة بالمنطقة إلى الاستشفاء بمدينة شفشاون أو وزان، مع ما يستتبع ذلك من معاناة ومضاعفات صحية تتكبدها النساء الحوامل وأسرهن، ويروي شباب المنطقة عن عدة حالات من الولادات التي تمت داخل سيارات أقلت نساء حوامل إلى مستشفيات المدينة القريبة من مقريصات، بعد أن استحال على الطبيب توليدهن بالمركز الذي لا يتوفر على جميع المرافق والتجهيزات الضرورية لمثل هذه العمليات، وتساءلوا في نفس الآن عن مآل سيارة الإسعاف التي وعدت بها مقريصات من طرف المشرفين على المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
خصاص في المؤسسات الاجتماعية رغم وعي أغلبية سكان المنطقة بضرورة تدريس بناتهن، إلا أن الطاقة الاستيعابية الضعيفة لدار الطالبة لا تفي بجميع الطلبات مما يساهم في الهدر المدرسي للتلميذات، حيث لا تتعدى الطاقة الاستيعابية للمؤسسة 80 سريرا، أما بالنسبة للذكور فالأمر سيان، حيث لا يفوق عدد الأسرَة 60 سريرا، وبالنسبة لمركز التربية والتكوين التابع للتعاون الوطني أو ما يصطلح عليه في المنطقة بالنادي النسوي، فإن استفادة نساء المنطقة تكاد تكون منعدمة لأن خدمات هذا المركز لا يستفيد منها سوى 27 مستفيدة من مختلف الدواوير، يتم تأطيرهن من طرف مؤطرة واحدة فقط، بالإضافة إلى النقص الحاد في التجهيزات والمعدات الضرورية لتنشيط الورشات، ناهيك عن مشاكل في تسويق منتجات النادي. وعند الحديث عن مؤسسات الترفيه بمقريصات، فإن جل فعاليات المجتمع المدني بالمنطقة تؤكد أن أطفال وشباب مقريصات والدواوير المحيطة بها لا ينعمون بالوقت الثالث مثل باقي أفراد هذا المجتمع، حيث يقول محمد زويتني، وهو من رجال التعليم وفاعل جمعوي نشيط بالمنطقة، بأن مقريصات لا توجد بها سوى بناية مهترئة لمؤسسة «دار الشباب» مقترنة بغياب حاد للتجهيزات وأدوات التنشيط الضرورية، مع نقص في عدد الأطر المؤهلة والمكونة، وبجانب الدار يوجد ملعب لا يمكن تسميته ب«الرياضي» لأن مواصفاته يمكن أن تصلح لشيء آخر غير الرياضة، ويضيف آخر أن هذا الجانب بمقريصات يعاني من سكتة ثقافية وترفيهية قاتلة، فالمكتبة الوحيدة التي توجد بالمركز موصدة الأبواب والنوافذ، وكذلك الشأن بالنسبة لباقي المرافق، وهذه الوضعية غير السوية يتحمل فيها الجميع المسؤولية، من مسؤولين لا يبذلون أي جهد لتغيير الواقع وكذا المجتمع المدني وخصوصا فئة الشباب التي تفضل ردهات المقاهي وتعاطي المخدرات بدل خلق أنشطة ثقافية وترفيهية، رغم بعض المحاولات القليلة لتأسيس جمعيات وتنشيط المنطقة من حين لآخر.
العطش يهدد مقريصات رغم الشكايات المتعددة، التي وصل صداها إلى الجرائد الوطنية، إلا أن الماء الصالح للشرب بالمنطقة لا يزال بعيد المنال وينقطع صبيبه خلال 16 ساعة في اليوم خصوصا في فصل الصيف، ناهيك عن النسب المهمة من مادة «الكالكير» المتواجدة به، ورغم الوعود التي تلقاها السكان من طرف فرع المكتب الوطني للماء الصالح للشرب بمقريصات، حيث تم حفر بئر أخرى وصيانة البئر القديمة، إلا أن المشكل لا زال قائما لحد الساعة، أما انقطاع الكهرباء فحدث ولا حرج، حيث تتكرر الانقطاعات بشكل دائم تقريبا بسبب تقادم الشبكة رغم قيام المكتب الوطني للكهرباء باستبدال الشبكة في الآونة الأخيرة، وهو ما يسبب أضرارا مادية جسيمة للساكنة من خلال إتلاف المعدات والأجهزة المنزلية الكهربائية.
المطرح العشوائي يزكم الأنوف رغم صدور قرار من طرف مديرية المياه والغابات بضرورة نقل «المزبلة» أو المطرح العشوائي الذي أقامته الجماعة في قلب غابات العرعار الجميلة، والمتواجد بمحاذاة السكان خصوصا دوار «باب الجباح»، الذي تضررت ساكنته من الروائح الكريهة للمطرح، وتسجيل إصابات مرضية لأطفال المنطقة ناهيك عن تلوث المياه الجوفية، إلا أن كل ذلك لم يجد آذانا صاغية من طرف رئيس الجماعة الذي وعد الساكنة منذ أكثر من سنة بأن المطرح العشوائي للأزبال سيتم نقله إلى موضع آخر بعيدا عن السكان وبمواصفات بيئية سليمة، لكن لا شيء من هذه الوعود رأت النور، حيث صرح أحد المتضررين ل«المساء» بأن تواجد المطرح العشوائي بجانب طريق تعتبر شريانا مهما لسكان دواوير عديدة تريد التسوق من مقريصات أو تقصدها لأغراض إدارية مختلفة، يعتبر سبة في حق هؤلاء والذين وضعوا ثقتهم في منتخبين ليس لديهم همً المحافظة على البيئة وعلى صحة الساكنة، مضيفا أن السكان لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذا التجني على صحة المواطنين، وسيطرقون جميع الأبواب من أجل إبعاد هذه «المزبلة» عن أعين وصحة أبناء مقريصات، كما صرح آخرون بأن مركز مقريصات يعيش منذ مدة على إيقاع انبعاث رائحة كريهة بسبب تعطل قنوات الصرف الصحي، وذلك أمام إدارة المياه والغابات وكذا أمام الشارع الوحيد المؤدي إلى الثانوية والأحياء الأخرى.
السياحة الجبلية ..لا أحد يهتم تمتاز جماعة مقريصات ،بحكم موقعها الجبلي، بمؤهلات طبيعية وأثرية مهمة تجعلها، حسب شباب المنطقة الغيورين على بلدتهم، قطبا سياحيا جذابا من شأنه خلق حركية اقتصادية لتنمية المنطقة، حيث تحتوي مقريصات على معالم أثرية جديرة بالصيانة والترميم كمسجد «أسردون القديم» ومسجد «تيليوان» و«قشلة بني معاوية» و«باب تازمران» و«المسقة»...إلخ، بالإضافة إلى المناظر الطبيعية الجبلية الخلابة المكسية بغطاء غابوي طبيعي يمتد على مساحة كبيرة كغابة «ايزارن» وغابة «جبل امزيز»، وكذا توفر المنطقة على جبال عالية كجبل «المدينة» وجبل «الروضة»، الذي يبلغ ارتفاعه 920 مترا فوق مستوى سطح الأرض، وأودية وشلالات طبيعية مهملة تستحق بعض العناية حيث لو توفرت الإرادة لدى المسؤولين لجذبت مقريصات سياحا أجانب من مختلف بقاع العالم، لكن يبقى ذلك أضغاث أحلام أمام البنية التحتية المهترئة حيث تتميز جميع الطرق المؤدية إلى مقريصات بكثرة الحفر، رغم أنها أصلحت قبل سنوات قليلة، مما يجعل تنقل السيارات أمرا صعبا، بالإضافة إلى غياب إشعاع للمنطقة والتعريف بها من طرف مختلف وسائل الإعلام.
شباب مقريصات بالفيسبوك أسست بعض فعاليات المجتمع المدني بمقريصات صفحة على الموقع الاجتماعي «فيسبوك» تحت اسم «شباب مقريصات من أجل التغيير...معا لنقول كلمتنا»، بلغ عدد المنخرطين بها حوالي 170 فردا، ومن خلال التعاليق المصاحبة لبعض صور المنطقة أو بعض المقالات المنشورة بالجرائد الوطنية حول مقريصات، يتضح مدى تعطش شباب المنطقة إلى أفق آخر لمقريصات، حيث يطالبون الجهات المعنية بتحمل مسؤولياتها تجاه تدني الخدمات على جميع الأصعدة، بدءا من البنية التحتية التي وصفوها ب«المزرية» مرورا بعشوائية التسيير الجماعي، الذي قال عنه أحد الفايسبوكيين إنه «كارثي بكل المقاييس» وانتهاء بالأوضاع الاجتماعية للشباب وللمواطنين بصفة عامة، والتي لخصوها في«الانتشار المهول لآفة البطالة» و«غياب المشاريع المدرة للدخل» والتي من شأنها امتصاص هذه الآفة، على حد قولهم، كما طالبوا في الصفحة ذاتها بتوضيح «الوضع الغامض الذي يلف الميزانيات العامة للجماعة القروية لمقريصات مع محاسبة القيمين عليها»، ووقف ما أسموه «التهميش واللامبالاة اللذين ترزح تحتهما المنطقة منذ سنوات، وهو الشيء الذي شجع خيرة الشباب على هجرة المنطقة وتركها في أيدي الإقطاعيين بدون حسيب أو رقيب» يؤكد أحدهم، كما ناشدوا «التغيير» بالمنطقة والذي قالوا عنه إنه «آت لاريب فيه»، مؤكدين في نفس الوقت على ضرورة تضافر جهود كل الغيورين من أجل إخراج المنطقة من «عنق الزجاجة» ووضعها في «السكة الصحيحة» وفي اتجاه «الإصلاح المنشود» يضيف شباب مقريصات من أجل التغيير عبر الفيسبوك.
التوأمة مع بلدية بلجيكية..الحلم في أواخر شتنبر الماضي تم التوقيع على اتفاقية الشراكة بين جماعة مقريصات وبلدية سان جون مولانبيك البلجيكية بعد مفاوضات واشتغال لمدة سنة تقريبا، حيث توجت بتوأمة الجماعة مع البلدية البلجيكية، ويقول محمد زويتني، عضو جمعية أجيال للتنمية، في هذا الصدد «للحقيقة والتاريخ فإن توقيع هذه الاتفاقية يرجع الفضل فيه إلى أحد شباب المنطقة المقيم بالديار البلجيكية منذ عدة سنوات، لكنه آثر على نفسه تنمية مسقط رأسه مقريصات من خلال إقناع المسؤولين البلجيكيين بتوقيع توأمة مع إحدى أفقر الجماعات المغربية، ويتعلق الأمر بالشريف اطبز، بمساعدة أخيه عبد العظيم المهاجر كذلك للديار البلجيكية»، وتهدف التوأمة، حسب زويتني الذي أشرف على تنظيمها محليا، إلى دعم القطاعات الاجتماعية بالجماعة والمساهمة في تأطير وتكوين أطر الجماعة وتبادل الزيارات قصد الرقي بالعمل الجماعي، بالإضافة إلى تجهيز الجماعة بالمعدات الضرورية للعمل وباقي المؤسسات الاجتماعية الأخرى، حيث من المتوقع أن تساهم البلدية البلجيكية قريبا في تجهيز المركز الصحي لمقريصات، والعمل على تكوين بعض أطر الجماعة عبر بعثات دراسية إلى بلجيكا، كما تفكر بلدية مولانبيك مستقبلا في تجهيز المدارس الابتدائية لمقريصات بوسائل ناجعة لحل مشكل التنقل لدى الأطفال من مقر سكناهم البعيد إلى فصولهم الدراسية.
أستغرب عدم وجود مرافق سياحية في منطقة تتوفر على مناظر طبيعية خلابة - أنت مقيم بالديار البلجيكية منذ سنين، وكنت «عراب» التوأمة التي وقعت، مؤخرا، بين جماعة مقريصات مسقط رأسك وبلدية «مولانبيك سان جون»، كيف جاءت هذه الفكرة؟ كلما زرت مقريصات في العطلة الصيفية من كل سنة إلا وتأسفت على حالها، فقد تحولت إلى مجرد تجمع سكاني يفتقر إلى أبسط مقومات العيش الضرورية، وكذا إلى بنية تحتية جيدة، فشباب المنطقة مثلا يعيشون أزمة خانقة على جميع المستويات، الشيء الذي يدفعهم إلى تعاطي المخدرات والكحول والجلوس بالمقاهي ليل نهار، فمن خلال هذا الواقع المأساوي جاءت الفكرة، فقمت باتصالات ومراسلات إلى وزارة الخارجية والتعاون البلجيكية وكذلك الاتصال بعدة جهات في بروكسيل للاستفسار عن دور البرنامج التعاوني المغربي البلجيكي لتنمية المناطق النائية بالمغرب، وبالفعل دخلت سنة 2009 في تفاوض مع مجموعة من البلديات بمنطقة بروكسيل العاصمة، وتوجت هذه المفاوضات بالحصول على الموافقة المبدئية من طرف بلدية «مولانبيك سان جون» وكذلك بلدية «إيفر»، فجاء الاختيار على بلدية «مولانبيك» بعد مشاورات مع أخي عبد العظيم وكذلك بعض أطر مقريصات.
- وماذا عن الاتفاقية وأهم بنودها ؟ تدخل هذه الاتفاقية التي وقعت نهاية شتنبر الماضي في إطار التعاون المغربي البلجيكي، وهو برنامج يهدف إلى تقديم مساعدات لإنجاز مشاريع تنموية لتحسين الظروف المعيشة لسكان المنطقة، وكذا تكوين موظفي الجماعة القروية وبعض ممثلي المجتمع المدني في مجالات التسيير والتدبير، لكن يبقى كل شيء رهينا بالمسؤولين عن جماعة مقريصات، هل هم مستعدون لمسايرة هذه الاتفاقية والتعاون مع بلدية «مولانبيك»؟ أم أن اهتمامهم بمصالحهم الخاصة أقرب إليهم من حبل وريد الجماعة...فجماعة مقريصات تتوفر على مقومات السياحة الجبلية بحكم ما تزخر به من مناظر طبيعية خلابة، حيث ساهمت في روعة جماليتها طبيعة تضاريسها وتنوع غطائها النباتي والغابوي، وهو ما جعل الوفد البلجيكي الذي زار المنطقة عند توقيعه للاتفاقية يعجب بطبيعة وجمالية المنطقة، واستغرب في نفس الآن لعدم وجود مرافق سياحية لجلب سياح مغاربة وأجانب إلى مقريصات، وأعتقد أن آمال سكان مقريصات معلقة على هذه الاتفاقية في أن تمتد فوائدها على جميع المستويات، والاستفادة من برامج اجتماعية وثقافية ورياضية، بالإضافة إلى برامج استعجالية تخص تأهيل المركز الصحي الذي يعاني الإهمال، وتوسيع وتجهيز دار الطالبة، لكن هذا كله لن يتحقق بدون نيات حسنة من طرف المسؤولين والمنتخبين الجماعيين ومختلف الفاعلين الجمعويين لاحتضان هذا المولود الذي نريده أن يكبر وتكبر معه آمال المقريصيين.
- العديد من أطر مقريصات ساخطة على الوضع بالمنطقة، ما هي الأسباب من وجهة نظرك؟ أعتقد أن اللامبالاة التي يتقنها المنتخبون الجماعيون والبرلمانيون الذين وضع السكان ثقتهم فيهم، واستخفافهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم، هي العائق الكبير أمام تنمية المنطقة، وأثرت بشكل كبير على هذه الجماعة التي أصبح يبكي لحالها العديد من الأطر التي غادرتها كرها...لكني ألوم كذلك الأطر المقريصية التي هجرت المنطقة ولم تعر أي اهتمام يذكر لبلدتها بعد رحيلها عنها، فهذه الأطر الساخطة على الوضع بالمنطقة تتحمل جزءا من المسؤولية فيما آلت إليه الأوضاع، فمن خلال عدم غيرتها على مقريصات تركت المجال أمام السماسرة وأصحاب النيات السيئة للاتجار في خيرات هذه الجماعة ونهب ثرواتها...وبذلك يجب على كل غيور على مقريصات المساهمة في تنمية المنطقة والعمل من أجل إخراجها من مزبلة التاريخ وتحريرها من «مغتصبيها»، وأدعو كل الأطر الشابة ذات النيات الحسنة من أجل قطع الطريق أمام الانتهازيين والترشح لمختلف الاستحقاقات الانتخابية من أجل إنقاذ مقريصات والتعرض لكل من سولت له نفسه التلاعب بمصالح الساكنة.
من أطر مقريصات المهاجرة والمشرف على اتفاقية التوأمة مع بلدية بلجيكية - الشريف اطبز