برمجت الوكالة الحضرية لتازة في إطار مخطط العمل لعام 2011 دراسات للحفاظ على التراث التاريخي، الثقافي والطبيعي لاقليم تازة. ويتم حاليا إجراء دراسة لإعداد «مخطط لحماية وتأهيل الموقع الطبيعي لرأس الما - سيدي مجابر» بهدف إبراز المؤهلات الطبيعية والسياحية والإمكانيات الثقافية والإنسانية التي تميزه. ويتميز موقع رأس الما، الذي يبعد عن مدينة تازة ب 13 كلم، بوجود مرتفعات جبلية (1100 متر فوق سطح البحر)، ومنبع مائي، وواد (رأس الما)، شلالات، غابات ومغارات. ويعتبر الموقع جزءا من مدار سياحي يشمل عدة مواقع سياحية من بينها سيدي مجابر، باب بودير، مغراوة، باب الزهر إضافة إلى جبل بويبلان. وتقع قرية سيدي مجابر، التي يقطنها 350 شخصا، في سفوح جبال الأطلس المتوسط، على ارتفاع 1200 متر فوق سطح البحر، وتحاذي المنتزه الوطني لتازيكا، وهي مشهورة بمعمارها المميز. ويدرج موقع رأس الما -سيدي مجابر ضمن المدار السياحي لتازة- باب الزهر المصنف كتراث طبيعي وطني. وتسعى الدراسة أيضا إلى تحديد مختلف المؤهلات المرتبطة بالموقع الطبيعي لرأس الما - سيدي مجابر إضافة إلى مجموع الإكراهات التي تعيق تطوره. وترمي الدراسة إلى التوصل إلى مشروع تهيئة خاص بالفضاءات العمومية يتجه إلى تحديد برنامج لمشاريع التجهيزات والأنشطة الكفيلة بإبراز قيمة التراث الطبيعي في هذا الموقع. وأطلقت الوكالة الحضرية أيضا دراسة تهيئة مصبات الوديان التي تعبر مدينة تازة بهدف حماية البيئة وتأهيل المدينة. وبرمجت الوكالة أيضا إطلاق دراسة لتهيئة موقع منبع عين الحمرا (أو عين الرحمة) بالجماعة القروية أجدير في أفق حماية السياحة. وتتميز مياه هذه العين الغنية بمادة الحديد، بتشابهها من حيث الذوق والنكهة بمياه المعدنية للعين الفرنسية فيشي إضافة إلى خصائصها العلاجية لعدة أمراض ماجعلها قبلة لآلاف الزائرين خصوصا في موسمي الصيف والربيع. وبرمجت الوكالة أيضا دراسة لتهيئة غابة قصبة مسون في إطار جهودها لإعادة تأهيل التراث التاريخي والمعماري باعتبار أن تلك القصبة تعتبر إحدى المآثر التاريخية المهمة لإقليم كرسيف. وبرمجت الوكالة في إطار برنامج عملها للفترة مابين 2013-2011 عدة مشاريع حضرية وتطوير مراكز واد أمليل، أكنول، تاهلة، تيزي أوسلي، القرية وغفساي. أن التاريخ العريق لمدينة تازة التي كانت موجودة قبل الفتح الإسلامي بمآت السنين )حسب المؤرخين(، ولعل تسميتها بهذا الاسم هو أنها كانت في الأصل «تيزي» بكسر التاء وتشديد الزاي ومعناها البربري الثنية أي العقبة، ويؤيد هذا أن كل من صعد إلى مكان مرتفع تظهر له هذه الثنايا من كل الجهات، فهناك ثنايا تطل على مكناسة الشرقية، وثنايا تطل على ملوية وثنايا مكناسة الغربية وتمتد بك هذه الثنايا إلى جبل الطواهر ذي المنعرجات والشعاب الوعرة ويؤكد هذا الفهم الدكتور عبد الهادي التازي في كتابه «رسائل مخزنية» ص 12 حيث يقول: «وإذا كانت كلمة تازي تعني بالفارسية معنى (عربيا) فإنها عندنا نسبة لتازة التي هي تعريب للفظ «تزا» الزناتية التي تؤدي معنى الثنايا، والواقف بأعلاها تقابله فعلا الثنايا والمنعرجات من جميع الجهات لقد لعبت مدينة تازة أدوارا هامة في تاريخ المغرب القديم والحديث، فظهرت لأول مرة على المسرح السياسي بعد الفتوحات الإسلامية أيام الدولة الإدريسية، فبعد وفاة المولى إدريس الثاني تولى الحكم بعده ابنه محمد الذي قسم المغرب على إخوانه كرؤساء للنواحي، وكان من نصيب أخيه داوود تازة، ثم دخلها المرابطون سنة 452 ه على يد أبي بكر بن عمر، وفي سنة 529 ه دخلها عبد المؤمن بن علي الموحدي في غزوته الكبرى التي كانت نهاية لدعوة المرابطين. وفي عهد عبد المؤمن بن علي الموحدي تم بناء الشطر الأول من المسجد المعروف بالجامع الكبير سنة خمسمئة واثنين وأربعين هجرية، وفي عهد المرينيين أظيفت إلى المسجد المذكور زيادات مهمة: بلاطات في قبلته، وبلاطان شرقي وغربي مع إصلاح صحنه الذي كان قريب السقوط، وكان الفراغ من بنائه في أواخر شوال سنة 691 للهجرة. تقع مدينة تازة على هضبة ترتفع عن سطح البحر بأزيد من 600 متر، وتمتد على مسافة خمسة كيلومترات تقريبا، وتمتاز بثلاث جهات، ففي الجهة الأولى يوجد حي المحطة، وفي الجهة الثانية المدينةالجديدة، وفي الثالثة المدينة القديمة وآثارها التاريخية.. وفي قلب هذه المآثر يوجد المسجد الكبير أو الجامع الأعظم كما يسميه التازيون، هذا المسجد بدأ الموحدون بناءه في أوائل القرن السادس الهجري، لكنه لم يتم على الشكل الذي ما يزال عليه إلا في عهد المرينيين الذين أتموا شطره الثاني، فأضافوا إليه ست بلاطات وقبة مشرفة على المحراب تعتبر من أهم القباب تصميما وزخرفة وأجملها رونقا وفتونا، وقد وقع تجميل المسجد بثريا فريدة، أمر السلطان أبو يعقوب يوسف المريني بتعليقها سنة 694 هجرية. إن موقع مدينة تازة موقع فريد لكونه صلة وصل بين المنطقة الشرقية والمنطقة الغربية من المغرب من جهة، وبين جبال الريف شمالا والمجموعة الأطلسية ومن ضمنها الأطلس المتوسط جنوبا، فكانت هذه المدينة ممرا ضروريا يفصل ناحيتين متباينتين. وهما سلسلة جبال الريف والأطلس المتوسط، وبقيت هذه الطريق منذ القدم، ذات أهمية كبرى .ولا تخرق الجبال الموجودة غربي مدينة تازة إلا عن طريق الوادي الضيق الذي يجري فيه نهر إيناون. ومن ذلك كان لموقع تازة أهمية عسكرية ذات بال، إذ إنها تستطيع أن تغلق ذلك الممر بين الشرق والغرب. ويكاد دخول مدينة تازة يمتنع من جهات الشمال والغرب والشرق. أما من الجهة الجنوبية الجبلية، فيسهل النفوذ إليها، وذلك ما جعل سكانها يحصنونها بسورين وخندق للدفاع على منابع الماء ومنع الغزو الذي كانت تتعرض له المدينة من طرف القبائل المجاورة وخاصة من قبيلة غياثة عندما كانت تضطرب الأحوال.