انسحب الوفد المغربي، الذي ترأسه عبد الإله بنكيران يوم الجمعة المنصرم، من مراسيم تشييع جنازة أحمد بن بلة، الرئيس السابق للجزائر، بمقبرة «العالية» في الجزائر قبل نهايتها، وذلك احتجاجا على وجود زعيم «البوليساريو» محمد بن عبد العزيز الذي حضر إلى هذه الجنازة ووقف بالقرب من الرئيس التونسي منصف المرزوقي. وقد شوهد بنكيران، الذي كان في مقدمة الجنازة، وهو ينسحب بعدما تحدث إليه أحد مرافقيه، فيما خلف هذا الانسحاب المغربي غضبا وسط المسؤولين الجزائريين. وفي تفسيره لأسباب الانسحاب، قال مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والرسمي باسم الحكومة، في تصريح ل«المساء» «إن الوفد المغربي قام بواجب العزاء من البداية إلى النهاية وفق التقاليد المعمول بها، ولما علم بوجود قيادة الجمهورية الوهمية في وضعية بروتوكولية، قرر الانسحاب انسجاما مع موقفه المبدئي الرافض لتزكية وضعية الجمهورية الوهمية». وحول جدوى الانسحاب من زيارة كان هدفها الحضور لمراسيم جنازة، أوضح الناطق الرسمي باسم الحكومة أن الوفد المغربي قام بواجبه كاملا وكان في وداعه الوزير الأول الجزائري، وأنه لقي اهتماما خاصا أثناء الزيارة. وأكد مصطفى الخلفي أن الحكومة المغربية ستواصل مسلسل التقارب في الإطار المغاربي وأن قضية الصحراء المغربية تتم معالجتها في إطار الأممالمتحدة. وقد أوردت وكالة المغرب العربي للأنباء قصاصة اكتفت فيها بالقول إن الوفد المغربي توجه إلى مقبرة «العالية» التي ووري جثمان الفقيد ثراها؛ وإنه بمجرد وصوله اكتشف الحضور البروتوكولي لوفد من «البوليساريو» كان يقوده محمد بن عبد العزيز؛ وأمام هذا الوضع، انسحب الوفد المغربي على الفور قبل أن يتوجه إلى مطار الجزائر العاصمة». الانسحاب من الجنازة لم يعلم به جميع أفراد الوفد المغربي الذي سافر إلى الجزائر، وفق ما أكده الزعيم اليساري بنسعيد آيت إيدر الذي قال ل»المساء» إنه لم يعلم بموضوع الانسحاب من الجنازة إلا بعد عودته إلى المغرب من خلال ما نشرته وكالة المغرب العربي للأنباء، موضحا أنه لم يكن بإمكانه هو وسعيد بونعيلات التوجه رفقة الوفد المغربي إلى مقدمة الجنازة بسبب الازدحام والأمطار، ومن ثم لم يعلم بالخبر وهو في الجزائر؛ فبعد مراسيم الدفن عاد إلى المطار، وكان في وداع الوفد المغربي الوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى وبعض الوزراء الجزائريين الآخرين وعبد العزيز بلخادم، رئيس حزب جبهة التحرير الوطنية بالجزائر. وحول موقفه من انسحاب الوفد المغربي، أكد آيت إيدر أنه لا يحبذ فكرة الانسحاب لأن الحدث والمكان معا غير مناسبين، وأن ذلك سوف يزيد من التشويش على العلاقات بين المغرب والجزائر، خصوصا وأن الزيارة لا علاقة لها بالسياسة بل بجنازة رجل صديق للمغرب ووحدوي. واعتبر آيت إيدر أن حضور أعضاء «البوليساريو» لتشييع جنازة «بن بلة» هو نفاق لا غير لأنهم يعرفون مواقف بن بلة منهم وأنه لا يوافقهم في أطروحاتهم الانفصالية، موضحا أن لا أهمية لهذا الحضور وأنه كان الأولى أن يتم تجاهله وعدم ذكره. يذكر أن الوفد المغربي -الذي كان يتكون من رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ومستشار الملك الطيب الفاسي الفهري وبعض رموز الحركة الوطنية، من بينهم عبد الرحمان اليوسفي ومحمد بن سعيد آيت إيدر وسعيد بونعيلات- عند وصوله إلى الجزائر العاصمة٬ توجه إلى قصر الشعب لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان أحمد بن بلة، ثم وقعت عناصره في دفتر التعازي، لتتوجه بعدها إلى حفل غداء أقامته السلطات الجزائرية على شرف الوفود القادمة من كل من المغرب وتونس وموريتانيا.