تزايدت وتيرة الانفلاتات الأمنية في الآونة الأخيرة بشكل مخيف في مختلف المدن، إذ أصبح المواطنون عرضة للاعتداءات حتى أمام بيوتهم، كما حصل للفتاة التي توفيت هذا الأسبوع في الدارالبيضاء بعدما تعرضت للاعتداء عليها من طرف مجرميْن أرادا سرقتها ودفعاها إلى عرض الشارع حيث دهستها شاحنة. وفي جميع المدن والأحياء، أصبحت ظاهرة اعتراض سبيل المواطنين مشهدا يوميا، بل هناك أحياء أصبحت مرتعا للمجرمين الذين يهددون المواطنين حتى في بيوتهم بالسيوف والسكاكين وأمام الجميع، كأنهم في منطقة غير خاضعة لأية سلطة أمنية تردعهم. المواطنون لم يعودوا يقبلون باستمرار هذا الوضع الذي يهدد بالتفاقم أكثر في غياب الأمن والمراقبة، وباتوا يفكرون في اللجوء إلى تشكيل لجان شعبية لحماية أنفسهم وفرض نوع من الأمن في الأحياء التي تشهد انفلاتا في الجريمة. لكن الأجهزة الأمنية مطلوب منها التحلي باليقظة لحماية المواطنين وأرواحهم وإعادة الطمأنينة إلى سكان العديد من الأحياء التي أصبحت تعيش تحت التهديد المستمر من طرف المجرمين والمنحرفين. موضوع الإجرام لا بد أن يجر إلى الحديث عن المقاربة التي تنهجها الدولة داخل السجون، لأن السجون لم تعد مدرسة لإدماج السجناء في المجتمع، بحيث يدخل المعتقل إلى السجن لكي يخرج ربما أكثر استعدادا لارتكاب أبشع الجرائم، نتيجة غياب أي تكوين يخضع له داخل السجن ويمكنه من إعادة الاندماج في المجتمع من جديد، إذ أصبحت السجون مقرات للعقاب ومحاضن ينتشر فيها استعمال المخدرات بدون مراقبة، مما يجعل بعض السجناء، حتى غير المنحرفين منهم، يتعرضون لنوع من التدريب النفسي على إتيان الجريمة، الأمر الذي يعطينا الكثير من حالات العود، إلى درجة أن المواطنين أصبحوا يتعاملون مع السجين السابق ليس كشخص تائب عائد إلى المجتمع بل كمجرم خطير يشكل تهديدا قائما ومستمرا للمجتمع.