الرباط محمد الرسمي قال محمد الساسي، أستاذ العلوم السياسية والقيادي بالحزب الاشتراكي الموحد، إن «إصلاح قانون الصحافة أصبح مسألة ضرورية في المرحلة الحالية، حتى لا يستمر الاعتداء على حرية الصحافة باستخدام نصوص القانون، في الحرب غير المعلنة التي تقودها الدولة على جزء من الصحافة المستقلة، في ظل غياب رغبة سياسية واضحة من المسؤولين في إصلاح القطاع». وأضاف الساسي، الذي كان يتحدث خلال ندوة من تنظيم منظمة حريات الإعلام والتعبير حول مشروع قانون الصحافة أول أمس بالرباط، أنه على الرغم من وجود قانون للصحافة في المغرب، فإن العلاقة بين الدولة والصحفيين تنبني على أساس «ميثاق عرفي»، يعوض في غالب الأحيان ميثاق أخلاقيات المهنة المتعارف عليها دوليا، «مما يعني أن أي مواجهة بين الدولة وجريدة ما هو بمثابة خرق لهذا الميثاق العرفي». وقدم الساسي ما اعتبره «بنودا» لهذا الميثاق العرفي، بناء على المحاكمات السابقة، التي تعرضت لها مجموعة من الصحف المستقلة، والتي أجملها في عدم المساس بالنظام الملكي والبنية الاقتصادية المرتبطة به، والابتعاد عن كل ما يمس بالمسؤولين السامين في الدولة والجيش، مع ضرورة ربط قنوات اتصال مع دوائر صنع القرار، من أجل جس نبضها كلما تعلق الأمر بأحد الخطوط الحمراء. أما المواجهة المباشرة بين الدولة والصحافة المستقلة، فقد تمثلت حسب الساسي في «الاعتداءات المجهولة التي تعرض لها مجموعة من الصحفيين، ومنع الإشهار عن الصحف المشاكسة للسلطة، مقابل منح بعض الصحف الموالية دعما عموميا دون سند قانوني، بل وصل الأمر إلى حد دخول السلطة كمساهم في رأسمال مجموعة من المنابر الإعلامية من أجل التأثير على خطها التحريري». وختم الساسي تدخله بالتأكيد على عدم توفر الشروط الدستورية من أجل إصلاح قانون الصحافة، «أهمها غياب التنصيص على حرية المعتقد في الدستور الجديد، وهي التي تعتبر أساسا لباقي الحريات الأخرى، إضافة إلى عدم الحسم في مسألة سمو القوانين الدولية على نظيرتها الوطنية، وأخيرا تبعية القضاء الذي ينتظر منه البت في القضايا المرفوعة على الجسم الصحفي». من جهته، كشف نور الدين مفتاح، رئيس فيدرالية الناشرين، أنه تم الاتفاق على أغلب بنود قانون الصحافة مع الحكومة، وأنه في طريقه إلى سلك المساطر التشريعية المعتمدة، معربا عن أمله في أن يمتلك البرلمانيون الجرأة أثناء مناقشة هذا المشروع، عوض الإصرار على عرقلة إصلاح هذا القانون الذي تأخر كثيرا. واعتبر مفتاح أن قانون الصحافة لم يكن في السابق من أولويات الفيدرالية، لأن أي شخص كان بإمكانه أن يتابع صحفيا بواسطة القانون الجنائي عوض قانون الصحافة، «وهو ما كان يجعل هذا الأخير غير ذي جدوى، إلا أن القانون المقبل سينص على أنه لا يمكن متابعة أي صحفي في جرائم النشر إلا عبر قانون الصحافة». يذكر أن قانون الصحافة عرف مجموعة من التعديلات كان آخرها قبل عشر سنوات، والتي نصت على الحق في الإعلام، لكنها احتفظت بمجموعة من العقوبات السالبة للحرية، وهو ما يطالب المهنيون بإلغائه في القانون الجديد، الذي يرتقب صدوره خلال الأسابيع المقبلة.