في الثلاثين من شتنبر 1980 قصفت طائرات فانتوم إيرانية المفاعل الذري في العراق، وتضرر المفاعل ضررا قليلا. ولم تنجح محاولة التخريب التي تمت على أيدي رجال الموساد أيضا حسب أنباء أجنبية منشورة. آنذاك، استقر رأي رئيس حكومة إسرائيل مناحيم بيغن، حسب تقديرات الوضع، على قصف المفاعل الذري العراقي. بدا ذلك سهلا ولذيذا. بيد أنه إلى حدود تدمير المفاعل وبعده أيضا، واجه بيغن معارضون كثيرون هم وزير الدفاع عيزر وايزمن ونائب رئيس الحكومة يغئال يادين، ورئيس الموساد ورئيس «أمان»، ورئيس لجنة الطاقة الذرية وشمعون بيرس. وقد سبقت ذلك سنين من المحاولات الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدة، لكنها فشلت أيضا. ومن كان يبحث عن مقابل لهذه الأيام فسيجد كثيرا، فاليوم أيضا تقترب إيران من مرحلة تتسلح فيها بسلاح ذري، وهدفها المعلن -كما كانت الحال آنذاك- هو القضاء على إسرائيل. ويأتي المعارضون -كما كانت الحال آنذاك- من اليسار المدني والأمني معا. ومع كل ذلك، وكما هي العادة في دولة ديمقراطية، حسم رئيس الحكومة الأمر. وبعد تأخير واحد استقر الرأي على أن يكون الموعد قبل دخول عيد الأسابيع ببضع ساعات، بل إن اسم العملية غُيِّر من «جفعات هتحموشت» إلى «أوبرا». وكانت العملية في الحقيقة أوبرا مختلفة، فبالتهرب من الرادارات والتغلب على قيد الوقود وصلت الطائرات الحربية إلى الهدف ودمرته. ونعود إلى أيامنا، فاليوم أيضا يُستعمل علينا ضغط كبير للامتناع عن الهجوم. و»فجأة»، يكشف جسم بحثي تابع لوزارة الدفاع الأمريكية أن هجوما إسرائيليا سيؤخر موعد الإنتاج بنصف سنة فقط وأنه يصعب أن نُقدر أين تقع المنشآت الذرية. ويُنشر التقرير أيضا في وسائل الإعلام. ويستدعي خبير آخر استطلاعا في إسرائيل للفحص عن مبلغ خشية الإسرائيليين من هجوم إسرائيلي. سقط الآن لباس التنكر، فقد كتبت صحيفة «فورين بوليسي» أنه في الولاياتالمتحدة تزداد الخشية من هجوم إسرائيلي. وتقول جهات دبلوماسية واستخبارية إن إسرائيل وثقت علاقتها بجارة إيران الشمالية أذربيجان كي تستطيع الخروج من أرضها لعملية على المنشآت الذرية. ويقول التقرير إن إسرائيل حصلت على إذن باستعمال قواعد جوية مهجورة تستطيع الطائرات المدمرة الإقلاع منها. «نحن نراقب ما تفعله إسرائيل في أذربيجان، ونحن غير راضين عن ذلك»، قال عنصر أمريكي آخر رفيع المستوى. إن صديقتنا الكبرى إذن «قلقة» وتقول إنه يجب على إسرائيل ألا تهاجم إيران؛ أو بعبارة أخرى، في الوقت الذي توضع فيه على كفة الميزان عشرات وربما مئات من القتلى في أعقاب رد إيراني محتمل، وفي الكفة الثانية عشرات آلاف القتلى بقنبلة ذرية، تقول أمريكا وأوربا لليهود: «يجدر أن تجلسوا في هدوء». مُنعت إسرائيل في حرب الخليج الأولى من أن تهاجم، ومع كل ذلك هاجم العراقُ، والآن أيضا يبدو أن لا أحد سيساعدنا؛ فإذا بقينا مع الإمكان العسكري فمن الواجب أن نستعمل المسدس المحشو، ويجب على الحكومة أن تختار الطريقة المثلى وإن لم يُرض ذلك المستنيرين، فالتاريخ يبرهن على أنه حينما تدافع إسرائيل عن نفسها تكون النتائج أفضل لليهود، ولاسيما في الأمد البعيد. عن «إسرائيل اليوم»