عقدت اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد، أول أمس الاثنين، لقاء خصص لمناقشة تصور جديد تبناه المكتب الدولي للعمل، من بين أهم مضامينه بحث إمكانية فصل نظام تقاعد القطاع الخاص عن نظيره بالقطاع العام. اللقاء يأتي تحضيرا لاجتماع اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد، المقرر عقده نهاية شهر أبريل المقبل. ويرأس اللجنة رئيس الحكومة، وتضم في عضويتها ممثلين عن النقابات والباطرونا وكذا ممثلي صناديق التقاعد، فضلا عن ممثلين من وزارتي التشغيل والمالية. ويرتقب أن تتمخض عن هذا اللقاء مجموعة من المقترحات، التي تنهي حالة الجمود التي طبعت ملفا تعاقبت عليه أكثر من حكومة، منذ تسعينيات القرن الماضي، دون أن يتم حله، على أساس أرضية التقرير الذي أعده المكتب الدولي للعمل، والذي أفرجت عنه الوزارة الأولى قبل أسبوع فقط، رغم توصل حكومة عباس الفاسي به منذ أشهر خلت. وهي المقترحات التي تسعى إلى الإجابة بشكل خاص عن أسئلة تتعلق أساسا بهشاشة التوازنات المالية للصناديق الأربعة، وتأثير النمو الديمغرافي على النظام، وأيضا إمكانية الرفع من سن التقاعد ليصل إلى 65 سنة، ثم أخيرا إمكانية رفع مساهمات الأجراء. وحسب محمد هاكش، عضو الجنة التقنية، فإن «اللقاء كان مخصصا بالأساس لتعميق النقاش في المقترحات التي جاءت بها دراسة مكتب الدراسات الفرنسي، وأيضا الملاحظات التي توصلنا بها من المكتب الدولي للعمل، وحاولنا أن نجد صيغة تتوافق مع وضعية المغرب، والنقاش الآن يسير في اتجاه سيناريو يتحدث عن إمكانية فصل القطاع الخاص عن العام. وهذا المقترح يهدف أولا إلى إجراء إصلاحات في القطاعين، ثم بعد ذلك يمكن دراسة فرص الدمج بينهما». هاكش قال في تصريح استقته «المساء» إن «هناك العديد من الأطراف في هذا الملف، ولا بد أن يبذل جزء من المجهود للخروج بصيغة متوافق عليها، وألا يتم أي إصلاح على حساب مصالح أي طرف، سواء المشغلين أو الأجراء أو الدولة. ولهذا من المفروض أن يفتح نقاش وطني حول الملف وإشراك الجميع في إيجاد الصيغة الأنسب لطي الملف». تقرير مكتب العمل الدولي، الذي يراهن على إضفاء طابع اجتماعي على أي إصلاح مقترح، ينضاف إلى دراسة سابقة كان قدمها منذ قرابة سنتين مكتب الدراسات الفرنسي «أكتواريا»، وهي الدراسة التي تتطرق إلى عدد من السيناريوهات للحصول على نظام تقاعد متوازن، على أساس عدد من المستويات لتقييم مدى نجاعة إمكانيات إصلاح صناديق التقاعد وتكاليف هذا الإصلاح. ومن المنتظر أن ينعقد بعد غد الجمعة اجتماع آخر لمواصلة مناقشة باقي النقط المدرجة، ومحاولة تدارك التأخير الذي سجل في عمل اللجنة الوطنية التي لم تعقد أي اجتماع طيلة مدة ولاية حكومة عباس الفاسي. وبهذا الخصوص قال هاكش: «وصلنا اليوم إلى 61 اجتماعا للجنة التقنية، لكن للأسف مرحلة تدبير حكومة عباس الفاسي مرت بيضاء ولم يتم استدعاؤنا لأي اجتماع للجنة الوطنية التي يرأسها الوزير الأول. وبالنسبة إلي، فالأمر يتعلق بإرادة سياسية لدى الحكومة في الولاية السابقة لأنها غضت الطرف عن هذا الملف.لا أفهم كيف تملص الفاسي من هذا الملف، وهو رجل يمارس الفعل السياسي، وأتساءل: هل كان لديه تخوف من ملف حارق وأن أي صيغة ستعتمد قد تثير كثيرا من الضجيج، سواء من طرف النقابات أو الباطرونا؟ لكن هذا ليس مبررا يقدمه رجل الدولة، والأمر لا يتعلق هنا بحسابات سياسية بقدر ما يهم إيجاد صيغة متوافق حولها تنقذ الصناديق من العجز وتضمن ديمومتها وأساسا استفادة الأجراء من معاشات تقاعد تضمن كرامتهم».