المحكمة الدستورية تُجرد محمد بودريقة من مقعده البرلماني بسبب غيابه دون عذر    وهبي يعرض مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد    المحكمة الابتدائية بالرباط تبرئ 27 من طلبة الطب والداخليين من تهم التجمهر والعصيان    عزيز غالي ينجو من محكمة الرباط بدعوى عدم الاختصاص    السفير هلال يقدم استراتيجية المغرب في مكافحة الإرهاب أمام مجلس الأمن    بنعلي: المغرب يرفع نسبة الطاقات المتجددة إلى 45.3% من إجمالي إنتاج الكهرباء    ترامب يعتزم نشر جميع الوثائق السرية المتعلقة باغتيال كينيدي    مبارتان وديتان .. المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يواجه نظيره لغينيا بيساو يومي 23 و26 يناير الجاري ببيساو    توقيف متورط في شبكة للهجرة السرية بالحسيمة بحوزته 15 مليون    طلبة المعهد الوطني للإحصاء يفضحون ضعف إجراءات السلامة بالإقامة الداخلية    الغموض يلف العثور على جثة رضيعة بتاهلة    مسرح محمد الخامس بالرباط يحتضن قرعة كأس إفريقيا المغرب 2025    "لوموند": عودة دونالد ترامب تعزز آمال المغرب في حسم نزاع الصحراء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء في مهرجان الطفل    120 وفاة و25 ألف إصابة.. مسؤول: الحصبة في المغرب أصبحت وباء    الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يزيد من مخاطر تدهور الوظائف العقلية ب16 في المائة    إقليم جراد : تدابير استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد    محكمة الحسيمة تدين متهماً بالتشهير بالسجن والغرامة    حضور جماهيري مميز وتكريم عدد من الرياضيين ببطولة الناظور للملاكمة    سناء عكرود تشوّق جمهورها بطرح فيديو ترويجي لفيلمها السينمائي الجديد "الوَصايا"    الدوري السعودي لكرة القدم يقفز إلى المرتبة 21 عالميا والمغربي ثانيا في إفريقيا    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    الكويت تعلن عن اكتشاف نفطي كبير    ارتفاع أسعار الذهب لأعلى مستوى في 11 أسبوعا وسط ضعف الدولار    مجموع مشتركي نتفليكس يتخطى 300 مليون والمنصة ترفع أسعارها    دراسة: أمراض اللثة تزيد مخاطر الإصابة بالزهايمر    أبطال أوروبا.. فوز درامي لبرشلونة وأتلتيكو يقلب الطاولة على ليفركوزن في مباراة عنيفة    حماس تنعى منفذ عملية تل أبيب المغربي حامل البطاقة الخضراء الأمريكية وتدعو لتصعيد المقاومة    الجفاف وسط البرازيل يهدد برفع أسعار القهوة عبر العالم    تصريحات تبون تؤكد عزلة الجزائر عن العالم    شح الأمطار في منطقة الغرب يثير قلق الفلاحين ويهدد النشاط الزراعي    تداولات الإفتتاح ببورصة الدار البيضاء    وزارة التربية الوطنية تبدأ في تنفيذ صرف الشطر الثاني من الزيادة في أجور موظفيها    فرنسا تسعى إلى توقيف بشار الأسد    بنما تشتكي ترامب إلى الأمم المتحدة    عادل هالا    جماهير جمعية سلا تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ النادي    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    الكشف عن النفوذ الجزائري داخل المسجد الكبير بباريس يثير الجدل في فرنسا    الدريوش تؤكد على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للمضاربات في سعر السردين    رئيس جهة سوس يقود حملة انتخابية لمرشح لانتخابات "الباطرونا" خلال نشاط رسمي    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    جريمة بيئية في الجديدة .. مجهولون يقطعون 36 شجرة من الصنوبر الحلبي    سقوط عشرات القتلى والجرحى جراء حريق في فندق بتركيا    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالاذاعة الوطنية : نظرات في الإبداع الشعري للأديب الراحل الدكتور عباس الجراري    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشروع السكني الفردوس بخريبكة.. اختلالات حولت عمارات فاخرة إلى مبان «مهجورة»
تعذيب نفسي جماعي ل 480 أسرة طيلة حوالي عشر سنوات
نشر في المساء يوم 24 - 03 - 2012

«الأمر فعلا أشبه بكابوس مرعب ظل يتكرر يوميا دون أن نستطيع الهروب منه. تصور أن تعيش سنوات بدون ماء ولا كهرباء.. هذا فعلا كابوس».
هذا الكلام ليس لأحد سكان القرى في المغرب غير النافع ولا أحد المنفيين في الصحراء أو في بلدة نائية عن الحضارة، بل لأحد ضحايا المجمع السكني الفردوس بقلب مدينة خريبكة، الذين بلغ عددهم 480 أسرة ظلت تعيش سنوات دون ماء ولا كهرباء، ولم تفلح وقفاتها الاحتجاجية ولا دخولها في إضرابات مفتوحة عن الطعام ولا رسائلها التي كانت ترفعها إلى العديد من الجهات المسؤولة من أجل «انتزاع» رخصة السكن لشققها كحل وحيد يمكنها من فتح صنبور ماء كما الآخرين أو الضغط على زر الكهرباء لإنارة شققها كما الآخرين عوض الشموع ولهيب قنينات الغاز التي ما زالوا يستخدمونها وكأنهم في عصر بائد.
أي عابر غريب عن مدينة خريبكة ستثير انتباهه عمارات فاخرة «شبه مهجورة» اصطفت على مساحة شاسعة بين شارعي الزلاقة ومولاي يوسف، وقد يظن أول وهلة أن تلك الشقق لن تكون إلا في ملكية أشخاص من طينة خاصة نظرا لموقعها قرب عمالة خريبكة، بالإضافة إلى تصميمها ووجودها بمدخل المدينة. غير أن هاته العمارات الشامخة تخفي خلفها ملفا ثقيلا توارثته العديد من الجهات المسؤولة محليا حتى أصبح عصيا على الحل، و«فضيحة محلية» يعرفها كل من يسكن المدينة. لدرجة أن الملك محمد السادس أمر خلال زيارته الأخيرة للمدينة بفتح تحقيق قضائي بخصوصه، تحت إشراف النيابة المختصة لتحديد المسؤوليات وتطبيق القانون، واتخاذ التدابير الضرورية لتمكين المقتنين المستوفين للشروط المطلوبة، بشكل فوري، من الوثائق الإدارية التي تخول لهم الاستفادة من الربط النهائي بشبكة الماء والكهرباء.
«المساء» حصلت على مجموعة من الوثائق والتقارير الخاصة بهذا الملف ووقفت على بعض الاختلالات الجلية، التي تطرح أسئلة عديدة ومحيرة: لماذا تسلم بعض «المحظوظين» في هذا المشروع رخصة السكن وتمكنوا من تزويد محلاتهم (صيدلية ومصحة خاصة وعيادة طبية) بالكهرباء والماء الصالح للشرب، فيما عجز الآخرون عن تسلم هذه الرخص وظلوا سنوات يضيئون شققهم، التي لم تكتمل الأشغال بها، بالشموع وقنينات الغاز، وكأنهم مواطنون من الدرجة العاشرة أو يعيشون ببلدة نائية؟ من الجهة المسؤولة عن الاختلالات الكثيرة التي شابت المجمع السكني الفردوس؟ ولِمَ سُلمت رخص السكن للبعض، فيما حرم منها مئات السكان «الضعفاء» عشر سنوات؟ ولِمَ وقع هذا التمييز؟ وماذا بخصوص محلين تجاريين تم تفويتهما إلى جمعية الأعمال الاجتماعية لعمالة خريبكة باقتراح من ممثلي قسم التعمير بالعمالة داخل لجنة المشاريع الكبرى دون علم هذه الجمعية؟...
الكابوس
«نحن ضحايا فوق العادة» يقول سعيد أحد سكان «الفردوس» بخريبكة. والسبب يعود في نظره إلى أن السكان اعتقدوا أول الأمر أنهم أحسنوا صنعا حينما اختاروا مجمعا سكنيا «متميزا» بالمدينة. لكن هذا المجمع «المتميز» سيتحول إلى «كابوس مرعب» بالنسبة إليهم لدرجة أن السكان، يحكي سعيد، ظلوا سنوات محرومين من الماء والكهرباء، وكانوا لايغادرون شققهم في الليل على وجه التحديد إلا للضرورة القصوى. كما أن أطفالهم كانوا يضطرون إلى مراجعة دروسهم على ضوء الشموع أو قنينات الغاز، رغم تأثيرها السلبي عليهم. الغريب، يضيف سعيد، أن سكانا آخرين «محظوظين» كانوا يتمتعون ب»نعمة» الماء والكهرباء ويمارسون أعمالهم بشكل عادي، بعدما استلموا رخص السكن بدون أي تعقيدات في المساطر. هؤلاء «المحظوظون» منهم من يمتلك مصحة خاصة أوصيدلية أو عيادة طبية، إضافة إلى عشر عمارات أخرى كانت قيد الرهن. هذا التمييز بين السكان لا يفهم سعيد ولا باقي السكان المتضررين سره. فيما توصلت «المساء» بشهادة المطابقة التي منحت للمحلات المذكورة، وهي موقعة من طرف رئيس المجلس البلدي السابق لخريبكة وجهات أخرى مسؤولة على أساس أن الشركة المعنية بالمشروع أنهت أشغال الترميم فتمكنت هذه الجهات من الحصول على الترخيص النهائي ومن مباشرة مهامها بالمحلات بشكل عادي بعد أن تم ربطها بالماء والكهرباء، في الوقت الذي ظل الآخرون في معاناتهم اليومية لعجزهم عن الحصول على رخصة السكن، مما دفع العديد من الضحايا إلى الخروج للاحتجاج في عدة مناسبات والتكتل في جمعية لتوحيد مطلبهم، غير أن لا جهة تدخلت لفك لغز هذا المشروع.
صفقة خاسرة
يوسف العروسي (مهاجر بإيطاليا) أحد ضحايا هذا المجمع السكني. كان من بين السباقين إلى اقتناء شقة بالمجمع، ودفعه تفاؤله بمستقبل المجمع إلى اقتناء محل تجاري أيضا كان يريد تحويله إلى مطعم، لكن أحلامه تبخرت كلها بعدما عجز مثلما عجز باقي «البسطاء» عن الحصول على رخصة السكن، فلم يجد أمامه سوى العودة إلى إيطاليا وهو يجتر ذيول الخيبة، وظل يتنقل باستمرار بين المغرب وإيطاليا في انتظار أن يحل مشكله إلى أن فقد مصدر رزقه الوحيد في بلد المهجر بسبب الأزمة التي تتخبط فيها إيطاليا، فلم يجد أمامه سوى العودة إلى المغرب ليبدأ معركة جديدة في البحث عن سبيل «لانتزاع» رخصة سكنه. وقد تقدم يوسف رفقة عشرات المتضررين بشكاية إلى وكيل استئنافية خريبكة في مواجهة ثلاثة أشخاص بشركة «تحالف الأشغال وتكسية الطرقات والتنمية العقارية»، وعلى رأسهم صاحب الشركة. الشكاية- تتوفر «المساء» على نسخة منها- اتهمت المشتكين الثلاثة بعدم الالتزام بتسليم الشقق في غضون ستة أشهر بعد أن اقتنوها في سنة 2003. كما اتهمتهم بنهب أموال المشتكين عن طريق وسائل احتيالية، موضحة أن المشروع برمته لا يخلو من اختلالات، بدأت بحصول صاحب المشروع على الرسم العقاري من طرف الدولة بثمن رمزي قدره 300 درهم للمتر المربع، حيث التزم في دفتر التحملات بتشييد 57 عمارة في أجل أقصاه 24 شهرا. لكن صاحب المشروع- تضيف الشكاية- أقدم على تشييد 62 عمارة دون الحصول على إذن من الوكالة الحضرية، حيث أضاف خمس عمارات ب»تواطؤ» مع جهات نافذة بالمدينة، مما عرقل سير المشروع، وهو ما تسبب في «ابتزاز» السكان، الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على أداء مبلغ قيمته مليار و450 مليون سنتيم، بعد أن أقدم المشتكى بهم على تحرير عقد رهن بتاريخ 3 أكتوبر 2003 لأحد الأبناك، حيث حُرّرت مسطرة الحجز على العقار من طرف البنك المعني، وبتاريخ 31 دجنبر 2008 قام المشتكون بتسديد مبلغ الرهن تفاديا لبيعه بالمزاد العلني بتاريخ 13 يناير 2009، حسب منطوق حكم صادر عن المحكمة التجارية بالبيضاء.
ضغوطات
في بلاغ لشركة «تحالف أشغال البناء وتكسية الطرقات»، توصلت «المساء» بنسخة منه، أكدت الشركة أن عدة مسؤولين حاولوا عرقلة المشروع منذ بدايته بمطالب تعجيزية لصاحب المشروع، الذي وجد نفسه أمام «لوبي» قوي يمتد نفوذه إلى جميع المؤسسات بالإقليم. وأشار البلاغ إلى «محاولة إخفاء الرخصة الثانية رقم 991 وعدم تقديمها إلى قضاة المجلس الأعلى للحسابات عند زيارات التفتيش التي قاموا بها لمرافق الجماعة، كما تم إخفاء هذه الرخصة عن مسؤولي المفتشية العامة لوزارة الداخلية، علما أن صاحب المشروع قام بزيارة لمسؤولي الشؤون القانونية بوزارة الداخلية لتوضيح وجهة نظره حول أسباب تعثر المشروع». وطالب البلاغ وزارة الداخلية ب»فتح تحقيق حول ظروف تسلم هذه الرخصة الثانية التي جاءت لتعديل الرخصة الأولى، لكن مسؤولين في المجلس البلدي السابق، ومنهم مسؤولون في المجلس الحالي، ساهموا في عرقلة المشروع عبر اختلاق عدة عراقيل لوقف أشغال المشروع». وأضاف البلاغ أن الرئيس السابق للمجلس البلدي تمت تبرئته من طرف المحكمة الابتدائية لخريبكة، علما أن «ضابط الحالة المدنية بالجماعة اعترف في محاضر الضابطة القضائية بأنه قام بتزوير أرقام تسلسلية لوصولات تهم المشروع بأمر من رئيس الجماعة، ورغم ذلك فإن المحكمة برأت جميع المسؤولين ولحد كتابة هذه السطور ما زال نفس الموظفين يشغلون نفس المهام بالمجلس البلدي». وأوضح البلاغ نفسه أن «مسؤولين محليين وإقليميين قاموا بالضغط على صاحب شركة «A.T.R.CPROMOTION» من أجل التنازل عن عمارة D11 مقابل استئناف الأشغال وأمام تزايد كثرة التهديدات والضغوطات التي تعرض لها صاحب المشروع لم يجد بدا من الرضوخ لهذه المطالب». وأوضح مصطفى الأشهب أن الشركة تقدمت بطلب الحصول على شهادة المطابقة والسكنى للمجمع السكني، لكن المصالح الثلاث (عمالة إقليم خريبكة، بلدية مدينة خريبكة، والوكالة الحضرية لنفس المدينة) اعترضت على ذلك بمبرر أن المشروع غير قانوني وطالبت صاحب المشروع بمطابقة ما هو منجز في دفتر التحملات وعقد البيع، مع العلم أن النقط التي تم الاعتراض عليها كانت مرخصة من طرف المصالح نفسها، وهو ما حال دون أن يتسلم السكان رخص سكناهم، يضيف الأشهب.

كرونولوجيا الأحداث
في منتصف سنة 2003 استفادت شركة «تحالف الأشغال وتكسية الطرقات والتنمية العقارية» من أرض تابعة للأملاك المخزنية بمدينة خريبكة في إطار المسطرة الخاصة بالاستثمار وقامت ببناء عمارات فاخرة عددها 57 عمارة وحديقة على امتداد مساحة إجمالية تقدر ب22 هكتارا ونصف هكتار بثمن 300 درهم للمتر الواحد طبقا لدفتر التحملات. وأكد مصطفى الأشهب، مسير الشركة، في تصريح ل»المساء»، أن محمد الأشهب، صاحب الشركة، اقتنى في سنة 2003 هذا العقار وأقام عليه المجمع السكني الذي أطلق عليه «الفردوس» بموجب قرار لوالي الجهة السابق بتفويت الأرض ورخصة البناء رقم 470 بتاريخ 2 يونيو 2003.
وأكد بلاغ للشركة، توصلت «المساء» بنسخة منه، أنه قبل انتهاء المدة القانونية للأشغال طلب منه رئيس المجلس البلدي السابق إيقاف الأشغال بحجة أن واجهات العمارات التي صودق على تصاميمها لم تحظ برضى عامل الإقليم آنذاك، وأنه يتعين عليه تغيير الواجهات. في هذا الوقت كانت العمارات المسموح بها في تصميم المشروع هي 57 عمارة، فيما بقيت مساحة مهمة فارغة من الأرض التي اقتنتها الشركة. وهنا، يضيف البلاغ نفسه، تلقى صاحب الشركة مقترحا بإضافة خمس عمارات على الأرض المتبقية وتسليم الشركة تصميما جديدا للواجهات يكون موضوع تصميم شامل مع تحويل «العمارة د11» من فندق، حسب التصميم الأول، إلى عمارة مخصصة للمكاتب.
اختلالات
مصادر مسؤولة و«جد مطلعة» أكدت وقوع اختلالات عديدة شابت المشروع، منها تفويت محلين تجاريين هما 41 و42، كانا باسم جمعية الأعمال الاجتماعية بعمالة خريبكة دون علمها، حيث إن مسؤولا جماعيا بإقليم خريبكة تسلمهما وقام ببيعهما وسلم قسطا من المبلغ المتحصل عليه (30 مليون سنتيم) لخيرية بالمدينة والباقي وزع بين الشخص المعني ومسؤول سابق نافذ. المصادر نفسها أكدت أن مجموعة من العمارات والشقق، خاصة تلك التي أضيفت في التصميم التعديلي الثاني، شابتها هي الأخرى العديد من الاختلالات وتم تفويتها لجهات مسؤولة بالمدينة بأثمنة رمزية من قبيل عمارة «1 مكرر»، التي اقتناها مسؤول جماعي بمبلغ 7 ملايين سنتيم وقام ببيعها بمبلغ 220 مليون سنتيم لمحام بهيئة مدينة خريبكة . إضافة إلى زيادة 5 عمارات سنة 2005، هي 1b7، و b458 ، و a359، و60b1a، و61b8، لتصبح 62 عمارة تضم 456 شقة و114 محلا تجاريا ومستودعا للسيارات، دون الحصول على الرخص اللازمة ودون المصادقة على تصاميم البناء. كما تم إغلاق ثمانية ممرات عمومية داخل المركب السكني «الفردوس» وضعت خصيصا في التصميم لتسهيل الولوج إلى الشوارع المجاورة وإلى المحلات التجارية. إغلاق هذه الممرات سد كل المنافذ المؤدية إلى دور المجمع السكني.
توالت الاختلالات، حسب الشركة، إلى أن اقترحت السلطات المحلية بالإقليم تسوية وضعية المجمع السكني، حيث عقد لقاء حضرته جميع المصالح بالإقليم إلا صاحب المشروع، الذي تم تغييبه، حسب قوله، علما أنه وجه العديد من المراسلات إلى المصالح المعنية. وتضمن «برتوكول التسوية» شروطا، اعتبرها صاحب المشروع «مجحفة ومخالفة للتصميم المصادق عليه من طرف السلطات نفسها». ومن بين هذه الشروط المتعين التقيد بها من طرف صاحب المشروع عدم تحويل العمارة رقم «د11» الموجودة بزاوية شارع محمد السادس وشارع مولاي يوسف من فندق إلى عمارة للمكاتب، رغم أن الترخيص الثاني المصادق عليه من طرف المصالح البلدية بتاريخ 15 نونبر 2005 يشير إلى أنها عمارة للمكاتب.
بعد توالي الاختلالات، أحس صاحب الشركة بأنه أصبح على عتبة الإفلاس وهنا تقدم بشكاية إلى النيابة العامة التي أحالت الملف على الشرطة القضائية التي استمعت إليه، وإلى باقي أطراف الملف، الذي تضمن مجموعة من المحاضر القضائية التي أنجزتها الشرطة القضائية لخريبكة، تتوفر «المساء» على نسخ منها. هذه المحاضر تتضمن مجموعة من الوقائع تثير عدة تساؤلات حول هؤلاء الأشخاص وعلاقتهم بالملف، والذين من بينهم رئيس سابق للمجلس البلدي ومسؤول حالي. وقد أنكر هؤلاء معرفتهم بهذه الوقائع، رغم وجود تسجيلات لمكالمات هاتفية أضاءت مجموعة من النقط الغامضة.
بروتوكول جديد
على إثر اجتماع اللجنة المختلطة للمصالح المختصة سنة 2008، وتحت إشراف عامل خريبكة، بتاريخ 04 نونبر 2005، تم التوقيع على بروتوكول تضمن العديد من النقط لتسوية المجمع، وهو البروتوكول الذي وافق عليه صاحب المشروع، ومن بينها تسديد مبلغ الرهن لفائدة البنك الذي أداه السكان المتضررون.
العامل الحالي لخريبكة محمد صبري وضع بروتوكولا ثانيا، تتوفر «المساء» على نسخة منه، حيث دعا إلى الالتزام بتصميم التهيئة الأصلي لإنهاء مشكل «الفردوس»، إضافة إلى عدة نقط أخرى، هي فتح الممرات الثمانية الموجودة في دفتر التحملات لسنة 2003 وتسوية الوعاء العقاري وإنجاز فضاء أخضر(حديقة عمومية) مساحتها سبعة هكتارات ونصف، علما أن المساحة المبنية لا تتعدى هكتارين. علما أن هذه الحديقة لم تكن توجد في دفتر التحملات لسنة 2003.
حبس وبراءة
خلال شهر غشت من سنة 2009 قضت المحكمة الابتدائية بخريبكة بشهرين حبسا نافذا في حق محمد الأشهب صاحب المقاولة التي أنجزت المشروع في ملف المجمع السكني الفردوس، بعدما قدم في حالة اعتقال وتوبع بجنحتي النصب والتصرف في مال، ببيعه أضرارا لمن سبق التعاقد معه بشأنه، مع استرجاع كافة المستحقات لفائدة المتضررين وتعويضهم في حدود المَبالغ المالية المحدَّدة في عقود البيع الأصلية، على إثر الشكاية التي تقدم بها المتضررون إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بخريبكة ضد المعني وتسوية الوضعية القانونية والإدارية للمركب. وقرر صاحب المشروع رفع دعوى قضائية إلى المحكمة الإدارية للدار البيضاء من أجل الشطط في استعمال السلطة، طالب من خلالها بحضور كل من وزيري الداخلية والمالية والمفوض القضائي للمملكة ورئيس الجماعة الحضرية بخريبكة. ويأتي رفع هذه الدعوى القضائية، بعدما راسل جميع الجهات الوصية، من أجل تمكينه من رخصة السكن.
تقرير المجلس الأعلى
كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن الإذن بإحداث التجزئة تم بعد أكثر من سنتين من منح رخصة البناء الأولى. كما أن تعديل تصميم البناء لم يحظ بموافقة الوكالة الحضرية لخريبكة، مما أدى إلى اختلال التوازن المالي لعقد البيع المبرم بين الدولة، ممثلة في مديرية الأملاك المخزنية والشركة المستثمرة، والذي حدد فيه ثمن المتر المربع الواحد في 300درهم. وذكر التقرير أن الهدف من وضع تصميم تعديلي كان هو تسوية وضعية أحدثتها الشركة المستثمرة بشروعها في بناء العمارات الإضافية. وقد أكدت الجماعة الحضرية لخريبكة، في ردها على تقرير المجلس الأعلى للحسابات، أن الترخيص ببناء المشروع قبل إبرام عقد البيع بين الشركة المستثمرة والدولة، جاء بناء على قرار الوالي السابق لجهة الشاوية ورديغة، الذي سمح بالترخيص بتفويت القطعة الأرضية، في انتظار إبرام عقد البيع، الذي لن يحول دون إدراجه في جدول أعمال هذه اللجنة المكلفة بدراسة المشاريع الكبرى من طرف الوكالة الحضرية.



الزيارة الملكية..بداية الخلاص
هلل ضحايا الفردوس بالزيارة الملكية، وكانوا يعقدون عليها أملا في أن تنهي معاناتهم داخل هذا المجمع السكني، وهو ما تحقق فعلا حينما أمر الملك محمد السادس بفتح تحقيق قضائي لتحديد المسؤوليات واتخاذ التدابير الضرورية لتمكين مقتني بنايات المركب السكني «الفردوس» المستوفين للشروط المطلوبة من وثائقهم الإدارية والقانونية. فهل سيكون هذا التحقيق القضائي مؤشر خطر على كل من سولت له نفسه التلاعب بمصالح المواطنين واستغلالهم من أجل الاغتناء الفاحش؟ وهل سيتم تفكيك لوبي العقار بخريبكة، الذي تفنن في «التعذيب النفسي والمعنوي» لضحايا المركب السكني الفردوس؟ وهل سيأخذ القضاء مجراه الصحيح والشفاف تطبيقا للقانون الذي يجب أن يظل سيفا قاطعا على الرقاب المخالفة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.