فاطمة الزهراء المرابط احتفاء برواية «جيرترود»، للشاعر والروائي حسن نجمي، نظمت جمعية «قدماء تلاميذ ثانوية الإمام الأصيلي» (أصيلة)، مساء السبت، 17 مارس 2012 في فضاء فندق زيليس، أمسية أدبية ثقافية لتقديم «جيرترود» الرواية التي شغلت مختلف النقاد والمهتمين بالشأن الأدبي. ويأتي دور جمعية «قدماء تلاميذ ثانوية «الإمام الأصيلي»، التي دأبت على تنظيم اللقاءات ذات المنحى الأدبي، لأن سؤال الإبداع كان دائما جزءا من انشغالاتها الثقافية، التي تبحث في التمثلات الرمزية والجمالية للواقع المغربي، للاحتفاء ب «جيرترود»، التي يستعيد فيها الكاتب حسن نجمي اللقاء بين الشرق والغرب، ولكنْ من زاوية «التخييل البيوغرافي»، مستحضرا الأنا والآخر ليعيد تشكيل العلاقة بينهما وفق رؤية مغايرة تتجاوز «المعيش» بمعناه التاريخي والتوثيقي. ومن هنا تأتي أهمية الرواية وصنعتها الفنية الماكرة، فهي تنطلق من البيوغرافي إلى تشييد معمار روائي يروم صياغة حياة جديدة لكائنين من الشرق والغرب (محمد الطنجاوي وجيرترود الأمريكية). وقد شهدت هذه الأمسية مشاركة الناقدين محمد المسعودي (طنجة)، الذي عنون مداخلته ب»المتخيل الروائي واستدعاء الشخصية الأدبية.. قراءة في جيرترود»، ركز فيها على لقاء جيرترود بمحمد الطنجاوي، الذي لازمها أثناء زيارتها لطنجة، وتحدث عن الشخصيات التي ساهمت في تشكيل أحداث ووقائع الرواية بمتخيل خصب بالتداعيات والإحالات، إلى جانب الشخصية الرئيسة جيرترود، ورصد علاقتها بمحمد الطنجاوي وبأدباء وفنانين ومشاهير من عصرها... في حين أشار الناقد يحيى بن الوليد (أصيلة)، في مداخلته «لذة السرد في جيرترود»، إلى الكاتبة الأمريكية جيرترود، التي استطاعت أن تجعل من شقتها معرضا مفتوحا للزوار وأن تفتح نقاشا عالميا حول الفن والأدب. كما تحدث عن «علاقتها بمحمد الطنجاوي، الذي عرّفها على معالم طنجة الساحرة، وكذا حضور الروح الشاعرة للسارد في هذا العمل الروائي، الذي يطفح بالردود والأفكار»... وقد أعرب الشاعر والروائي حسن نجمي عن سعادته بهذا الدفء وعن مدى اعتزازه بجمعية «قدماء تلاميذ «ثانوية الإمام الأصيلي» وبمدينة أصيلة، التي كتب عنها عدة قصائد شعرية، مستحضرا علاقته بهذه المدينة الجميلة الزاخرة بالثقافة والأدب، وذكرياته فيها. وقد كشف حسن نجمي، في كلمته، عن بداية انشغاله بهذه الشخصية (جيرترود) في ثمانينيات القرن الماضي انطلاقا من كتاب «سيرة إليس توكلاس»، الذي قرأه خلال تلك الفترة، فتتبع مسارها الحياتي والفني والأدبي ليكتشف كتابتها عن الخادمات وعلاقتها مع فنانين من طينة بيكاسو وماتييس وكتاب من عيار همنغواي. ورغم أن الكاتب حسن نجمي نسج شخصيات الرواية بعناية فائقة وصوّر مجرى الأحداث في انسجام ومنطقية، فإنه لم يتخلَّ عن جمالية النص، من خلال اشتغاله على اللغة والروح الشعرية. والمحتفى به الشاعر والروائي حسن نجمي من مواليد 1960 (ابن أحمد)، عمل صحافيا في القسم الثقافي لجريدة «الاتحاد الاشتراكي»، ثم مسؤولا عن هذا القسم، التحق بسلك التدريس في مدرسة تكوين الأساتذة في الرباط وعمل في الآن نفسه مستشارا في ديوان وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي، ثم مستشارا لوزيرة الثقافة، قبل تعيينه مديرا لمديرية الكتاب والمكتبات العمومية والأرشيف في وزارة الثقافة (2008). انتُخِب رئيسا لاتحاد كتاب المغرب مرتين، كما انتُخِب رئيسا لبيت الشعر في المغرب سنة 2007. ترأس تحرير مجلة «الرائد» وكذا رئاسة تحرير صحيفة «النشرة»، ثم عمل مديرا مسؤولا لمجلة «آفاق»، وهو المدير المسؤول لمجلة «البيت». حظي بوسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الممتازة (2005) وفاز بجائزة «روكا فليا» للشعر (إيطاليا)، عن مجموعته الشعرية «المستحمات»، سنة 2009. وقد اختتمت الأمسية الأدبية على الساعة التاسعة بحفل توقيع رواية «جيرترود»، التي حظيت باهتمام الحاضرين والمهتمين بالشأن الأدبي والثقافي في مدينة أصيلة.
مقطع من الرواية كان لا يزال يذكر لحظة السّفر من ميناء طنجة. في صباحٍ مبكّرٍ جدّا، كان ضوؤه ما زال شاحبا، حين قالت له جيرترود: «العنوان صار عندك الآن. أليس كذلك؟ وإذن، تستطيع أن تأتي إلى باريس متى شئت. ستظل دعوتي مفتوحة دائما في وجهك، محمّد». ثم قرّبت فمها من أذنه ربما لكي لا تسمع أليس طوكلاس، التي كانت بجوارها تلك الكلمات القليلة والسريعة التي قد تكون جيرترود أفضت بها إلى الشّابّ الطنجاوي الجميل الذي فتنهما لعدة أيام. وحدّق محمّد عميقا في وجه جيرترود، ربّما ليتبيّن مدى جدّية العرض المفتوح، خشية أن يكون مجرد عبارة مجاملة. بعد ذلك، هزّ كتفيه قليلا ومدّد حاجبيه وشفتيه كما لو ليقول «لا أعرف»..! ولكنّه في العمق، كان قد أدرك أنها دعوة حقيقية، زادتها الكلمات التي سمعها منفردا ثقة في العرض وفي صاحبته. ولعلّه في تلك اللحظة بالذات قرّر ما قرّر؛ أصبحت المسألة مسألة وقتٍ.. فقط.