المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو حفص: محاربة الفساد في الشارع مسؤولية السلطة وأنا ضد «اللجان الشعبية»
قال ل« المساء »: أعارض في الوقت الراهن المشاركة في إنشاء حزب سياسي سلفي
نشر في المساء يوم 22 - 03 - 2012

بعد خروجه من السجن بأيام ظهر محمد عبد الوهاب رفيقي، أبو حفص، في مناسبات عدة مثيرة للانتباه. أغلبها جمعته بشيوخ ما يعرف بالسلفية،
الذين تقاسم معهم الزنازن ومحن الاعتصامات والإضرابات عن الطعام. الظهور العلني الأول كان خلال ندوة صحافية نظمها الشيوخ المفرج عنهم، وهم حسن الكتاني وعمر الحدوشي، إلى جانب أبي حفص. والظهور اللافت الثاني كان إلى جانب الحدوشي أثناء جولة في معرض الكتاب نهاية فبراير، ليتلو ذلك ظهور ثالث مثير بدعوة من محمد الخاليدي، رئيس حزب النهضة والفضيلة، بمنزل الكتاني، الذي جمع بين جدرانه شيوخ السلفية بزعماء الأحزاب السياسية، حيث برز أبو حفص إلى جانب محمد اليازغي، القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي. بعد هذا اللقاء بيومين استقبل محمد المرواني، الأمين العام لحركة من أجل الأمة، والخارج قبل أشهر من السجن، أبا حفص والكتاني والحدوشي. إثر ذلك راج حديث بشأن مبادرة من الكتاني ومحمد الفيزازي بتأسيس «حركة السلفية المغربية من أجل الإصلاح»، وهي المبادرة التي سبق أن أومأ إليها الفيزازي في حديثه ل«المساء»، مشيرا إلى أن السلفيين المغاربة يعتزمون تأسيس جمعية دعوية تشكل نواة لتأسيس حزب سياسي خاص بهم، وهي المبادرة التي أكد أبو حفص، في صفحته ب«الفايسبوك»، أنها عرضت عليه وهو بصدد دراستها. هل هذه الأحداث المتلاحقة والمتعددة لها معنى واحد؟ هل يستعد شيوخ السلفية المفرج عنهم لدخول حلبة السياسة؟ هذه الأسئلة وغيرها نجد لها جوابا في هذا الحوار مع محمد عبد الوهاب رفيقي (أبو حفص) أحد شيوخ السلفية بالمغرب.
- عقد «شيوخ السلفية» لقاء مع زعماء أحزاب سياسية، بعضها ذو توجه اشتراكي. ما سياق من هذا اللقاء والغاية منه؟ وماذا دار فيه؟
أولا، أخي الكريم، لم يكن ذلك لقاء مرتبا، ولا اجتماعا رسميا. نحن تلقينا دعوة كريمة من حزب النهضة والفضيلة، الذي طالما طالب بإطلاق سراحنا، احتفاء بنا وبإطلاق سراحنا، وليس لنا علم أو علاقة بالمدعوين للحفل أو الحضور، فلما حضرنا الحفل وجدنا تلك الشخصيات المدعوة، من أحزاب اليمين واليسار، وقدموا لنا التهنئة، وتحاورنا بتلقائية وعفوية دون أي ترتيب سابق، وبكل أدب واحترام لازمين. هذا كل ما في الأمر.
- هل يندرج هذا اللقاء، إلى جانب أنشطة مشتركة مع «شيوخ السلفية» المفرج عنهم، في إطار رغبتكم في تأسيس حزب سياسي ذي مرجعية سلفية على غرار ما حصل في مصر بتأسيس حركة النور؟
كما قلت لك، هذا اللقاء هو حفل لا أكثر ولا أقل، وكل قراءة تتجاوز ذلك هي تضييع للجهد والحبر. أما بشأن رغبتنا في تأسيس حزب سلفي، فمن قال إني أملك هذه الرغبة؟ أنا ليست لي هذه الرغبة مطلقا في الوقت الراهن، ولا أنوي، في ظل الظروف القائمة، الاشتراك في أي عمل سياسي، والمقارنة بحزب النور المصري تسطيح للأمور وقلة إدراك ووعي بالسياسة ومتاهاتها. كل العوامل التاريخية والثقافية والسياسية تختلف هناك عما عليه الحال ببلادنا، والحركات الدعوية التي تحولت إلى أحزاب بمصر لها من التاريخ والتجربة والاحتكاك بالشعب وملامسة قضاياه ما لا نملك شيئا منه، فكل هذه المقارنات عبث أو إرادة غير بريئة من البعض لتوريطنا فيما لا يصلح لنا في الوقت الراهن.
أنا رجل داعية إلى الله تعالى، والدعوة هي محط اهتمامي وتفكيري اليوم، ومن اختار العمل السياسي، ورجح عنده غلبة المصالح على المفاسد، وتبينت له ضرورة هذا المسلك وأولويته، فليس له مني إلا الدعاء بالتوفيق والسداد.
أنا لا أعترض على العمل السياسي من الناحية الشرعية، وهذا ليس من المراجعات. هذا أمر أومن به منذ القديم، وهو أن العمل السياسي مفصل الأمر فيه مدى غلبة المصالح على المفاسد، وأنه من وسائل التدافع التي هي محل التقديرات والاجتهادات، ولهذا أعارض اليوم المشاركة في إنشاء حزب سياسي، لأن كل الشروط اللازمة لاقتحام مثل هذه المغامرة مفقودة، والمفاسد تبدو أكثر، بل قد تكون قطعية، في مقابل مصالح موهومة وظنية.
- ما حقيقة مساعي حزب النهضة والفضيلة في ضم «شيوخ السلفية» في المغرب، على خلفية ما راج عقب اللقاء سالف الذكر؟
اللقاء كان حفلا لا أقل ولا أكثر، ولم يكلمني أحد بخصوص ما أشرت إليه.
- كيف هي طبيعة التنسيق بينكم باعتباركم شيوخا ل«التيار السلفي» في المغرب؟ هل هناك اتصالات بينك وبين الشيوخ محمد الفيزازي وحسن الكتاني وعمر الحدوشي ومحمد المغراوي من أجل تأسيس إطار يجمع سلفيي المغرب؟
أولا، أنا لا أمثل التيار السلفي. هذا ما أعلنت عنه وأكدته مرارا وتكرارا. السلفية إن قُصد بها المنهج الرباني في التلقي، والمسلك الأثري في العبادة، والقواعد المنهجية العامة في فهم النصوص وتحليلها، فلنا شرف الانتساب إليها، وأغلب المسلمين سلفيون، أما إن قُصد بذلك تيار معين له فكر خاص، أو اختيارات معينة، أو اتفاق على ترجيحات مخصوصة، فلست سلفيا بهذا المعنى. أنا أحب أن أكون على مسافة واحدة من كل التيارات والحركات الإسلامية، لكل محاسنه وعيوبه، وأنا أقدر الجميع وأعذر الجميع وأحترم عبوديتهم واجتهادهم، وأعذر الجميع فيما ظهر لي من تقصير، مع أني قد أكون أنا المخطئ، وأتعاون مع الجميع دون تفريق، والتعاون في باب الدعوة إلى الله أمر مطلوب ومرغوب، والتوحد مسلك من مسالك الفلاح والنجاح، ولذا سأتصل بكل من ذكرت من المشايخ والفضلاء وغيرهم، في كل التيارات والاتجاهات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
- وما هي الخطوات القادمة التي تعتزمون القيام بها لتوحيد مكونات الجسد السلفي في المغرب، إن صح القول؟
أشرت بما يكفي إلى أنني أحب التحدث عن الجسم الإسلامي أو الدعوي وليس السلفي، ولا يمكن لي الحديث عن الخطوات والعهد بيني وبين المحنة قريب. لكن الفكرة في ذهني منذ أمد بعيد، وأسأل الله التوفيق والسداد.
- ألا تتخوفون من أن تجر عليكم تحركاتكم التنسيقية هاته، والتي جاءت مباشرة بعد خروجكم من السجن، مشاكل مرتبطة بالهواجس الأمنية؟
إطلاقا، فعملنا علني في واضحة النهار، وليس فيه ما يخرق القانون ألبتة، ففيم التخوف إذن؟
نحن لم ولن يكون عملنا سريا، أو خارج عن القوانين الجاري بها العمل. نحن نتحرك في إطار المقدور والممكن، وعلينا التزامات وواجبات، وواعون بكل ما يحيط بنا من إكراهات وتناقضات وتعقيدات، وحريصون كل الحرص على حماية دعوتنا من أي مكروه لا قدر الله، ففقه الموازنات الدعوية من أهم ما ينبغي أن يهتم به الداعية إلى الله، حفاظا على الدعوة وعدم تعرضها للانتكاس والانكسار، وكلما تجنب المصادمة والمواجهة كان خيرا له، وكلما تجنب استعداء الغير كان دليلا على حكمته وعمق رؤيته، ما لم يكن ذلك لازما ومن ضرورات البيان، حينذاك لا مناص ولا محيد، ولا لوم عليه إن حصل البلاء والابتلاء.
الداعية إلى الله على بصيرة هو من يعرف إمكاناته ووزنه وقدره وقدر المتربصين به وبدعوته. هذه هي سنن التدافع التي من حرمها حرم خيرا كثيرا، ومن سلكها فقد عقل ناقته، ولا ينقصه إلا توفيق المولى عز وجل.
- تسود حالة ترقب في صفوف معتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية في سجون المغرب. ما الذي ستقومون به من أجل الدفاع عن قضيتهم؟
أعي تماما مقدار الأمل الذي يترجاه المعتقلون في تحركاتنا من أجلهم، وأعي مقدار المسؤولية التي حملتها في هذا الباب، وأنا لا زلت على العهد الذي ضربته عند باب السجن، وهو النضال حتى يترك آخر مظلوم السجن، ونحن منذ خرجنا نجري الاتصالات في هذا الباب، ونستغل كل مناسبة لطرح الموضوع، ونحادث كل من نلتقي من السياسيين والمسؤولين والحقوقيين، ونفكر في مبادرات أخرى لا يمكن الحديث عنها الآن، لكن نضالنا بإذن الله لن يتوقف، وأكيد أن الله تعالى سيمن بالفرج عليهم قريبا كما منّ علينا، فليصبروا ولا ييأسوا من رحمة الله وفضله، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
لقد استغللنا كل المناسبات لطرح القضية. كلمنا الأستاذ مصطفي الرميد وزير العدل، وكلمنا زعماء المعارضة، وتواصلنا مع الجمعيات الحقوقية، وسنستغل الحفل الذي ستقيمه هذه الجمعيات على شرفنا للتذكير بالقضية، وآخر ما قمنا به هو مراسلة السيد رئيس الحكومة، ومطالبته بإطلاق سراح المظلومين، وفي انتظار ذلك تحسين أحوال المعتقلين ومراعاة كرامتهم، خاصة بسجني سلا وتولال، ولا زالت هناك مساع أخرى لا يمكن الفصح عنها الآن، ونسأل الله أن يوفقنا لندخل السرور على أسرهم.
- ما موقفك من عدم التوصل إلى حل يقضي برجوع ناشطي الشبيبة الإسلامية، وفي مقدمتهم عبد الكريم مطيع، إلى المغرب؟
مغرب ما بعد الربيع العربي لا مكان فيه لمعتقلي السياسة والرأي، ولا مكان فيه للمنفيين، ولا بد من تسوية عاجلة لكل هذه الملفات.
- يقود التجربة الحكومية الحالية حزب ذو مرجعية إسلامية هو حزب العدالة والتنمية. ما تقييمك لأداء هذا الحزب حتى الآن؟
لا يمكن الحكم خلال هذه الفترة على الأداء، لقصر الفترة من جهة، ولأن التركة كانت ثقيلة من جهة أخرى. لكن من حيث المؤشرات هناك مؤشرات إيجابية كثيرة، مع مؤاخذات لا مناص منها، لكن طبعا لا نتمنى لهم سوى كل توفيق، وندعو لهم من خالص قلوبنا، ونرجو لهم الفلاح والنجاح، وأن يكونوا في مستوى المسؤولية التي كلفوا بها، وهم أهل لها فيما نعلم عنهم ونظن بهم.
- شكل فتح ملف «الكريمات» وكشف لوائح المستفيدين من رخص النقل جدلا واسعا. كيف تلقيتك هذه الخطوة، خصوصا أن اللائحة ضمت اسم فقيه هو عبد الباري الزمزمي، الذي اعترض على كشف اللائحة واعتبر أن «الكريمة» من العطايا المشروعة في الإسلام؟
هذه من المؤشرات الإيجابية التي تحدثت عنها، وأراها خطوة إيجابية. أحيي الأستاذ رباح عليها، وأتمنى أن تليها خطوات أخرى أكثر جرأة، وقد آلمني أن يكون من المستفيدين أهل الثراء والمال، وأن يحرم منها فقراء الأمة ومساكينها، لا بد من تقنين هذه الأعطيات حتى لا ينالها من لا يستحقها، ويغنمها من هو في حاجة إليها، من الأرامل والأيتام والعجزة، وليس لاعب الكرة الذي يملك من المال ما يشتري به مدينة وليس دارا. أما بالنسبة إلى الشيخ الزمزمي فلست بمطلع على أحواله المالية حتى يمكن لي الحكم على استحقاقه من عدمه.
- وردت أنباء في الآونة الأخيرة بشأن قيام «لجان شعبية» تضم «سلفيين» تدعي بأنها تحارب الفساد في مختلف مدن وشوارع المغرب، في إطار ما اعتبروه أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر. ما ردك على مثل هذه الأعمال؟
لا أعلم صحة هذا الأمر من عدمه، وإن صح فهذا منكر لا يمكن القبول به أو استساغته. النهي عن المنكر في الإسلام له قواعد وضوابط، من أهمها ألا يؤدي إلى منكر أكبر منه، وإلا صار التغيير بذاته منكرا، والسلطة هي المسؤولة عن محاربة الفساد بالقوة، أما الأفراد فليست لهم إلا وسائل الدعوة والنصح والتوجيه.
- توجه بعض الانتقادات على لسان فقهاء مغاربة إلى السياسة الدينية المتبعة في المغرب، والتي تتأسس، حسبهم، على احتكار المجالس العلمية للشأن الديني وسيطرة وزارة الأوقاف على السياسة الدينية بالمغرب وتوظيفها الطرق الصوفية والعلماء وخطباء المساجد لهذا الغرض. ما هي وجهة نظرك بهذا الخصوص؟
تقنين الخطاب الديني وتأطيره أمر مطلوب، لأنه لا يمكن ترك والحبل على الغارب، والسماح لأنصاف المتعلمين والأدعياء الجهال بالتصدر والفتوى والتعرض للعامة، بل أرى أنه لابد من حسبة على هؤلاء، لأنهم يفسدون ولا يصلحون، وهم أعظم سبب لفشو الغلو والانحراف، ومثلهم من يتعرض من اللادينيين للدين، ويؤصل ويناقش دون أن تتوفر فيه أدنى الشروط اللازمة لاقتحام هذا الميدان، فلا بد من حسبة على هؤلاء، في مقابل فتح المجال لمن توفرت فيه الشروط ليتكلم بحرية واستقلالية، فالمستقلون هم أقدر الناس على إشاعة الاعتدال وحماية المجتمع من الغلو، لأن لهم من القبول ما ليس لغيرهم، فحري بالدولة أن تشجعهم لا أن تضايق خطواتهم.
لكن بالمقابل تطرح عدة أسئلة، من أهمها هل هيكلة هذا المجال تعني بالضرورة محاربة ظاهرة العلماء المستقلين؟ وهل التاريخ يسمح بذلك؟ لأن من راجع التاريخ علم بأن وجود علماء مستقلين عن السلطة وخارج إطارها أمر حتمي ولازم، ولا يمكن دفعه، ولم تنجح هذه التجربة قط في التاريخ القديم ولا المعاصر، لأنه دائما يوجد من العلماء من يرى بأن دوره أكبر من أن تقزمه سلطة أو حكم، مدفوعا بنصوص البيان وعدم الكتمان، وروح ابن حنبل وابن تيمية وابن عبد السلام، فلا يمكن ضبط هذا الباب بهذا المسلك، ولا زال في الأمة علماء يصدعون بالحق ولا يخافون في ذلك لومة لائم، ولا زال فيهم من لا يقبل أن يملى عليه ما يقول وما يخطب.
ثم هل يمكن ضبط المجال الديني وقد غزت شبكة النت كل البيوت، حيث يتمكن المبحر في الشبكة العنكبوتية من تلقي ملايين المعلومات عبر آلاف المواقع الإسلامية، في شكل جذاب وميسر صوتا وصورة وكتابة؟ هل يمكن تحديد قنوات الخطاب الديني وقد تخصصت مئات القنوات الفضائية في بث البرامج الدينية باستعمال أحدث التقنيات والمؤثرات الصوتية والمرئية؟ ثم قل لي كيف يمكن القول باحتكار المجال الديني مع وجود الحركات الإسلامية؟ أليست هذه الحركات، بما فيها الحركة التابعة للحزب الحاكم، تؤطر المواطنين تأطيرا دينيا حسب رؤيتها وتصورها؟ فلو أريد ضبط هذا الباب كليا لكان على الدولة حل كل الحركات الإسلامية، وهو أمر لم يكن ممكنا من قبل، فكيف بعد الربيع العربي وصعود الإسلاميين إلى الحكم في غالب دول شمال إفريقيا.ثم هناك مشكلة أخرى، وهي أن هذه السياسة تهدف إلى تأطير المواطن عبر القنوات الرسمية، والمواطن لديه أزمة ثقة مع هذه القنوات، بل هناك أزمة ثقة بين المواطن والدولة، في ظل استفحال الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تقتل المواطن، فلذلك لا يرتاح إلا لمن كان مستقلا في خطابه وتوجهاته عن الدولة، فالخطيب إذا صعد المنبر ليدافع عن التوجهات الحكومية، أو تجاهل هموم المواطنين وآلامهم، فحتما سيسقط في عيون المستمعين، ولن يكون له أي أثر على المتلقي، لأن التأطير الديني يحتاج إلى سلطة معنوية يملكها الخطيب والواعظ، وإلى تأثير يصل به إلى قلوب المؤطرين، وهذا لا يكون إلا إذا كان العالم أو الخطيب حرا مستقلا متحررا من كل الضغوط.
- يعتمد المنهج السلفي على الدعوة. ألا ترى أن هذا الأمر يتعارض مع مبدأ إمارة المؤمنين ومقتضى احتكار مؤسسات الدولة (المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف) للشأن الديني وإكراه المقاربة الأمنية؟
لا يتعارض ألبتة. الدعوة إلى الله تعالى واجبة على كل مسلم حسب علمه وقدراته وموقعه، والدولة يمكنها التدخل إذا تجاوز هذا الداعية حدوده الشرعية بأن دعا إلى شذوذ أو خالف معلوما من الدين بالضرورة، أو سعى في فتنة أو هدد أمنا، فيما عدا ذلك من حق الداعية إلى الله تعالى أن يمارس حقه بكل حرية دون قيود، معتمدا في ذلك على مسالك الحكمة والموعظة والقول الجميل والفعل الحسن. الداعية إلى الله ليس هو الخطيب أو العالم أو الشيخ فقط، هو الطبيب في عيادته، والمهندس في ورشته، والمعلم في مدرسته، والبائع في متجره، والرياضي في ملعبه، والفنان على خشبته، هو الأب في بيته، والأم في غرفة أولادها، والأخ الأكبر بين إخوانه، والصديق مع خلانه...، كل هؤلاء دعاة إلى الله تعالى، في مواقعهم ومراكزهم وميادينهم، والدولة لا تتدخل في هذا كله، ثم إن الدعوة مجالاتها واسعة جدا، من السياسي إلى العلمي إلى الاقتصادي إلى الاجتماعي، فلا يمكن ضبطها ولا إيقافها، ولا ضرر منها على الدولة ولا على المجتمع، بل هي الخير كله. أليس من مصلحة الدولة إشاعة قيم الخير والصلاح والفضيلة؟ أليس من مصلحتها توجيه المجتمع نحو معالي الأخلاق وسمو الأدب؟ أليس من مصلحتها تأهيل شباب الأمة ليكونوا خير سفراء لبلدهم و أمتهم، وليكونوا عماد هذا البلد وعنصر عطاء وبناء؟ أليس من مصلحة الدولة احتواء هذه الأجيال الصاعدة وحمايتها من الانحراف عن سبيل الجادة باعتناق العقائد المنحرفة أو السقوط في براثن الغلو؟ كل هذا من مصلحة الدولة، أما الهواجس الأمنية فالدعوة إلى الله تعالى هي أولى المقاربات الأمنية، وهي من يحمي الأمن ويحافظ عليه ويسعى إليه، وهي عمل علني غير سري، ليس فيه ما يستر أو يحجب، فأين التعارض إذن؟
- ما زالت محاكمة معتقلي ما يعرف ب«ملف أركانة» جارية في طورها الاستئنافي، وما زال المتهم الرئيسي عادل العثماني، الذي حكم عليه ابتدائيا بالإعدام، وغيره من المتهمين في الملف، ينفون عنهم التهم الموجهة إليهم. ألا تعتبر أن «ملف أركانة» هو إعادة لما وقع عقب 16 ماي؟
ليست لي أدنى معطيات عن «ملف أركانة»، لكن الأكيد أن السياق التاريخي والسياسي مختلف تماما، ولا يمكن المقارنة بين الحدثين.
هل يعني فعلا تفكيك الأجهزة الأمنية، في الآونة الأخيرة، لما قالت إنها خلايا إرهابية، مثل خلية «الذئب المنفرد» و«حزب التحرير الإسلامي»، أن خطر الإرهاب قائم في المغرب؟
المقاربات الأمنية غير كافية لإيقاف مثل هذه الأعمال. لا بد من مصالحة حقيقية، برفع الظلم عن المظلومين، وإيقاف مسلسل الانتهاكات داخل السجون، وإشاعة أجواء الحرية في المجتمع، وتشجيع الحوار، وتوفير أدنى مستلزمات الكرامة. بإصلاحات حقيقية لكل المجالات يتم تجاوز كل المخاطر والعقبات.
- هذه ثلاثة أسماء نريد منكم قول كلمة بشأنها: حركة 20 فبراير.
جزء من الربيع العربي، لكن للأسف الشديد تم تشتيتها وتمزيقها، ونتمنى لها استعادة الحياة لمغرب أكثر حرية وكرامة وعدالة.
- جماعة العدل والإحسان.
حركة إسلامية نكن لها كل تقدير مهما اتفقنا أو اختلفنا في وجهات النظر.
- رشيد نيني.
صحافي قدير وجريء، كنت معجبا دوما بكتاباته. طالبت ولا أزال أطالب بإطلاق سراحه عاجلا غير آجل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.