بعث الملك محمد السادس رسالة تهنئة إلى مصطفى الباكوري، الذي انتخب أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة، ما هي قراءتكم لهذه الرسالة؟ إن الرسالة التي بعث بها الملك محمد السادس إلى مصطفى الباكوري تأتي في سياقها العادي، إذ إن الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش وهو يحاول إضفاء المصداقية على الأحزاب السياسية وإعادة الاعتبار إلى العمل السياسي بمفهومه النبيل، وكان الملك يستغل كل مناسبة ليبعث برسائل إلى الأمناء العامين للأحزاب السياسية الجدد لدعمهم معنويا، وكمثال على ذلك الرسالة التي بعث بها الملك محمد السادس إلى عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عندما انتخب أمينا عاما للحزب، والتي وردت فيها عبارات تشيد بحزب العدالة والتنمية وأنه حزب وطني ساهم في تفعيل الحياة السياسية، إلى جانب الإشادة بشخصية بنكيران، كما أن الملك سبق أن استقبل أمناء عامين للأحزاب السياسية مثل محمد الشيخ بيد الله عندما انتخب أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة وسعد الدين العثماني عندما انتخب أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية. إن الرسالة الملكية الموجهة إلى الباكوري هي تقليد ملكي يحاول من خلاله إعادة الاعتبار للعمل السياسي وتعتبر دعما معنويا للأمناء العامين الجدد. لكن البعض اعتبر أسلوب هذه الرسالة «مختلفا» عن رسائل التهنئة الموجهة إلى الأمناء العامين للأحزاب؟ إذا انطلقنا من البرقية التي بعث بها الملك محمد السادس إلى الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، فإنها جاءت في ظرف كان فيه الصراع على أشده بين حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة، الذي كان يقوده، وقتئذ، فؤاد عالي الهمة، وهذا يبين أن المؤسسة الملكية تضع نفسها فوق الأحزاب السياسية. والمعروف أن هناك من يحاول استغلال قربه من المؤسسة الملكية ويراهن على تقديم نفسه على أنه هو خادم المؤسسة الملكية، غير أن المؤسسة الملكية كانت تضع نفسها دائما فوق الأحزاب السياسية. لكن هناك أحزاب لم تتوصل برسائل تهنئة؟ إذا تأملنا في معجم الخطابات الملكية نجد مفردة دائما تستعمل وهي «الوازنة»، فهناك تمييز بين الأحزاب التي لها وزن والأحزاب التي لا وزن لها، لأن هذا واقع، فهناك أحزاب لها حضورها القوي السياسي، وهناك أحزاب مرتبطة بأشخاص أو عائلات، لذلك لا يوجه الملك الرسائل إلى كل الأحزاب السياسية. فلو عدنا إلى الخريطة السياسية نجد أن هناك 35 حزبا سياسيا معترفا بها، فباستثناء عشرة أحزاب تقريبا فإن الأغلبية لا تعقد مؤتمراتها ولا تتوفر على هياكل، لذلك من الصعب جدا الحديث عن حضورها في الحياة السياسية. ومن المقاييس المعتمدة أيضا الحضور الانتخابي، فمثلا شارك في انتخابات 2011 التي لم يطعن أحد في مصداقيتها 31 حزبا، فحصل 18 حزبا على تمثيلية داخل مجلس النواب، عشرة منها تراوحت تمثيليتها بين أربعة مقاعد ومقعد واحد.