محمد العناز احتضن رواق وزارة الثقافة، في إطار فعاليات الدورة الثامنة عشر للمعرض الدولي للنشر والكتاب، جلسة ثقافية وشعرية لتقديم جديد إصدارات بيت الشعر في المغرب لسنة 2011، والاحتفاء بالشعراء المتوجين في مبادرة «شاعر لأول مرة»، التي أطلقها بيت الشعر بشراكة مع دار النهضة العربية اللبنانية. وقد أدار اللقاء الباحث والناقد خالد بلقاسم، وتميّز بحضور رئيس بيت الشعر في المغرب، الشاعر نجيب خداري، والروائية والناشرة، مديرة دار النهضة العربية في لبنان، لينا كريدية. في هذا اللقاء ذكّر خالد بلقاسم بالرهان الذي ينخرط فيه بيت الشعر من خلال الاشتغال على واجهة النشر، والذي يهدف إلى تشجيع الأسماء الجديدة والاعتراف بمنجز الأسماء التي رسّخت تجربتها الشعرية.. متوقفا عند مجلة «البيت»، التي وصلت إلى عددها العشرين، والتي خصصت عددها الأخير للاحتفاء بتجربة الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس انطلاقا من ملف أعدته زوجته، التي تسترجع مساراته الإشراقية المؤدية إلى اللا أدرية. في حين شمل الملف الثاني منتخبات من شعره، أعدّها وقام بترجمتها الشاعر والمترجم خالد الريسوني، لينتقل خالد بلقاسم، بعد ذلك، إلى تقديم منشورات بيت الشعر لسنة 2011، التي توزعت بين الشعر والنقد الشعري وترجمة الشعر.. يتعلق الأمر ب»مدرات المستحيل»، لحسن بحراوي، الذي يقارب فيه نظريا أبراج بابل وشعرية الترجمة انطلاقا من المعنى في القصيدة الذي لا ينفصل عن شكلها، وترجمة الشاعر محمود عبد الغني لديوان الشاعر الفرنسي ليونيل راي «مثل قصر مفكك»، الذي يرتبط بالكينونة والزمن وبأسئلة ميتافيزيقية، فكتاب «شعرية البجعة»، للشاعر والناقد نبيل منصر، الذي يكاد -حسب بلقاسم- أن يكون نصا موازيا لتجربته، يتناول فيه قضايا الشعرية انطلاقا مما راكمه منصر في مساره الشعري والنقدي. أما المجاميع الشعرية فيتعلق الأمر بديوان للزجال أحمد لمسيح «كلام آخر»، الذي يُمجّد الحلم والخيال ويغذي الكتابة بالنصوص لا بالوقائع، ضمن تداخل نصي متعدد الروافد، باعتباره يندرج في ترسيخ إبدال شعري بيِّن، من خلال جملته الشعرية، ومن خلال انجذابه إلى العامية. ويضيف بلقاسم أن «المسيح يكتب قصيدته وهو يتأمل الموت، فالموت حاضر كوقع كتابي في نصوص المجموعة الشعرية». أما «كتاب الرمل»، للشاعر الرائد عبد الكريم الطبال، الذي مارس الإبداع الشعري منذ الخمسينيات، من خلال بناء يراهن على الومضة، حيث يحاول الطبال -يضيف بلقاسم- أن يقول الكثير انطلاقا من اقتصاد كبير في القول، لينتقل، بعد ذلك، إلى تقديم ديوان» تُمطر غيابا» للشاعرة وفاء العمراني، التي تمطر حضورا، مشتغلة على الجسد انطلاقا من حضور صوفي. ثم ديوان الشاعر جمال الموساوي «حدائق لم يشعلها أحد»، الذي يدخلنا في ظلال لغة راقية. ثم قرأ كل من أحمد لمسيح وجمال الموساوي ومحمود عبد الغني نصوصا من أعمالهم الصادرة مؤخرا عن بيت الشعر. إثر ذلك، ألقى الشاعر نجيب خداري، رئيس بيت الشعر في المغرب، كلمة تحدث فيها عن علاقة بيت الشعر بالناشرة المبدعة لينة كريدية، الشغوفة بالحياة والشعر وبكل أشكال الإبداع الإنساني. ولأن الشغف مرضٌ لذيذ مُعْدٍ، فإنّ لينة -يضيف خداري- أفلحت في نقله إلى دار النهضة العربية التي آل إليها أمر تدبيرها بعد نصف قرن من الحضور المتميز في نشر الكتاب الأكاديمي والتربوي. وكان من بصمات لينة على تلك الدار إقدامها الجريء، منذ سنة 2006، على إطلاق مشروع شعري واسع، احتضن أبرز أسماء الحداثة الشعرية العربية، في تجاربها وحساسياتها وأصواتها المختلفة، من كل أنحاء الوطن العربي في زمن انحسار قراء الشعر وتراجع كثير من دور النشر عن تقديم جديده. وكان حظ أسماء المغرب الشعرية من ذلك المشروع قويا.. ويتابع خداري: «بعد أن تحقق لمشروع دار النهضة الشعري كثير من ألق الحضور والامتداد، كانت الجرأة، بمنسوبها العالي، هي ما جعل الأستاذة لينة تطلق مبادرة جديدة، تمثلت في ما أسمته «شاعر لأول مرة «، وهو مشروع تهدف من ورائه إلى تشجيع أسماء شعرية جديدة جادة بنشر مجاميعها الشعرية الأولى. وتقديراً من مديرة دار النهضة العربية لتجربة بيت الشعر في المغرب في إغناء المشهد الشعري العربي والإنساني وبجدية مبادراته عربياً وعالمياً، فاتحتنا، قبل سنتين، بأنّها تفضل أن يكون بيتُنا الجهة المحكَّمة والشريكة في هذا المشروع الجديد». ثم تناولت الكلمة الروائية والناشرة لينا كريدية، معتذرة عن التأخر في نشر أعمال الشعراء الفائزين، بسبب الدم الذي ما يزال يجري في عدد من الدول العربية التواقة إلى الحرية والكرامة، وآملة في الوقت ذاته أن يزهر الربيع الحقيقي، وكذا لتضامنها مع موقف المقاطعة، الذي دعا إليه بيت الشعر في الدورة السابقة من المعرض الدولي للكتاب والنشر. وأوضحت أن عملها كناشرة جعلها تبحث عن بصمتها الخاصة، وهو ما تأتى لها من خلال احتفائها بالشعر و بقصيدة النثر التي تنحاز إليها وأن اختيار بيت الشعر المغربي كشريك في مشروع «الديوان الأول» تم لِما له من مكانة مرموقة على المستوى العربي والدولي. وصرحت كريدية بكون دار النهضة تعتمد على لجنة قراءة محكمة تنتقي الأعمال الشعرية، لا يوجد فيها ولا مغربي، ولهذا فإن التجربة الشعرية المغربية استحقت عن جدارة أن يتم الاحتفاء بها في دار النهضة وتُمنَح فرصة الانتشار في الوطن العربي.