بعد هدنة قصيرة، عادت الدولة لتطلق مسلسل الخوصصة من جديد، حيث تضم القائمة الأولية عشر شركات عمومية، يفترض أن يصوت البرلمان على نقلها، كاملة أو جزءا من رأس مالها، من القطاع العام إلى القطاع الخاص. وتضم الموجة الجديدة من الشركات التي اقترحتها وزارة الاقتصاد والمالية، خلال المجلس الحكومي الأخير، للخوصصة شركة الخطوط الجوية الملكية وفرعيها أطلس بلو وأطلس أوسبيتليتي، وشركة العمران العقارية وشركة الطرق السيارة وسوبراتور التابعة للمكتب الوطني للسكك الحديدية وشركة صورياد المالكة للقناة التلفزية الثانية والمختبر العمومي للدراسات والتجارب ومكتب الدراسات الهندسية والتنمية والشركة الوطنية للنقل واللوجستيك. وحرصت وزارة الاقتصاد والمالية، في وضع هاته القائمة الحصرية الجديدة، على اختيار الشركات العمومية التي تتوفر على إمكانية جاذبة للمستثمرين الخواص الراغبين في الدخول في رأسمالها، حيث تتوفر غالبيتها على برامج للتنمية بلورت على مدى السنوات الأخيرة وتتوفر على إمكانيات تنافسية معتبرة. وإذا كان أحد المراقبين يعتبر أن الهاجس المالي تحكم في القائمة الجديدة من أجل مواجهة النفقات الكبيرة، بالنظر إلى الالتزامات الاجتماعية للحكومة التي تستوعب حوالي نصف ميزانية الدولة، فإن الاقتصادي، محمد بوستى، يرى أن تلك الالتزامات لا تفسر لوحدها عرض تلك الشركات للخوصصة، على اعتبار أن العائدات الضريبية التي تتوفر للدولة في السنوات الأخيرة، في ظل تنامي مساهمة الضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة، يمكن أن تغطي جزءا كبيرا من نفقات الميزانية. ويرجح بوستى أن يكون الهاجس الموازني ثانويا في قرار عرض هذه الشركات للخوصصة، فهو يلاحظ أن الهدف الأول من هذه الموجة الثالثة يتمثل في توفير موارد كافية لصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، الذي استفاد في السنوات الأخيرة من نصف عائدات الخوصصة، مما مكنه من الانخراط ودعم مشاريع اجتماعية واقتصادية كبيرة، حيث إن شح تلك العائدات التي يستفيد منها قد يحد من تدخلات الصندوق. يشار إلى أن عمليات الخوصصة التي أطلقها المغرب بين 1993 و2006، بعد الصعوبات المالية التي صادفها إثر نهاية العمل ببرنامج التقويم الهيكلي، درت على الدولة المغربية حوالي 94 مليار درهم، حيث تم تحويل 31 مليار من هاته العائدات إلى صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية من أجل تمويل المشاريع الاقتصادية والاجتماعية. غير أن مصدرا قريبا من الحكومة اعتبر أن القائمة التي تضم الشركات العمومية القابلة للخوصصة ليست نهائة، حيث جرى خلال المجلس الحكومي، الذي انعقد السبت الماضي، سحب القناة الثانية من اللائحة التي قدمها وزير المالية والاقتصاد، صلاح الدين مزوار، بعدما تبدى خلال النقاش أن القناة الثانية مازال لها دور يفترض أن تضطلع به كقطب عمومي. وفي نفس الوقت اعتبر المصدر أن النقاش داخل الحكومة لم ينته بعد، حيث يتوقع سحب مؤسسات أخرى من قبيل المختبر العمومي للدراسات والتجارب.. ويبدو أن الأنظار سوف تتوجه إلى شركة العمران العقارية التي يفترض أن تجري خوصصتها في السنة القادمة، بحيث توجد -إسوة بسوبراتور وأوسبيتاليتي وشركة الطرق السيارة ومكتب الدراسات الهندسية والتنمية الذي سبق له أن فتح رأس ماله أمام القطاع الخاص- في وضعية تؤهلها لدخول رأس المال الخاص فيها، غير أن ثمة مؤسسات تحتاج إلى قليل من الوقت من أجل تأهيلها من قبيل الخطوط الملكية الجوية، التي تعمل في سياق متسم بالصعوبات التي يواجهها قطاع الطيران في العالم، والتي لم تسلم منها «لارام».