تدخلت السلطات الولائية بفاس، مساء أول أمس الثلاثاء، لإقناع عشرات المحتجين الذين قطعوا العشرات من الكليومترات مشيا على الأقدام من ضواحي صفرو في اتجاه مقر ولاية الجهة، لفض احتجاجاتهم والعودة إلى منازلهم، وضمنهم مستشارون جماعيون وفعاليات حقوقية ويسارية. وكان محتجو جماعة العنوصر القروية قد «رفضوا»، في بداية الاحتجاج، الدخول في أي حوار مع عامل الإقليم، لكنهم عادوا، في وقت متأخر من الليل، برفقة بعض الحقوقيين، لحضور جلسة حوار توعد فيها عامل الإقليم باتخاذ إجراءات ل«تصحيح» الوضع بهذه الجماعة القروية، التي تعيش على إيقاع جمود في عملها بسبب صراعات بين مستشارين في الأغلبية وبين رئيسهم من جهة، وبين هذا الأخير وبين عامل الإقليم من جهة أخرى، وبين الرئيس وبين الموظفين من جهة ثالثة. واحتج عشرات المواطنين على توقف العمل بالجماعة وتعرض مصالحهم للضياع، بسبب عدم تمكنهم من الحصول على عقود الازدياد وتصحيح إمضاء عدد من الوثائق الإدارية، في وقت دخل فيه حوالي 13 موظفا في الجماعة في اعتصام مفتوح للاحتجاج على قرارات يصفونها بالتعسفية اتهموا الرئيس باتخاذها. وفشلت مبادرات عامل الإقليم في اللجوء إلى ما يعرف ب«سلطة الحلول» لإيجاد مخرج لنفق الأزمة التي تعاني منها هذه الجماعة القروية، وقالت المصادر إن عامل الإقليم هدد رئيس الجماعة باتخاذ ما يلزم من إجراءات لعزله من رئاسة الجماعة. ونفى رئيس الجماعة أن يكون على علم بملابسات الاحتجاج، وقال إنه طلب من السلطات الإدارية التدخل لحماية الموظفين غير المضربين من بعض «المشاغبين»، لكن السلطات رفضت التدخل. وأشار إلى أنه عمل على الاستجابة لعدد من مطالب الموظفين المحتجين، لكنه، في المقابل، رفض التنازل عن بعض الشكايات التي وضعها لدى السلطات القضائية بخصوص بعض الملفات، ومنها ملف يتعلق ب«اختلالات» سادت امتحان الكفاءة المهنية. وفي إطار سياسة شد الحبل بين رئيس الجماعة وعامل الإقليم، عمد رئيس الجماعة القروية إلى توجيه دعوة إلى عامل الإقليم لحضور أشغال الدورة العادية لشهر فبراير الجاري يوم غد الجمعة، «من أجل تقديم التوضيحات» بخصوص الاعتمادات المصروفة من قبل عامل الإقليم لفائدة موظفين استفادوا من الترقية. ومن المقرر ألا تستوفي الدورة النصاب القانوني بسبب «نزاع» بين الرئيس محمد اسمر، وبين جل الأعضاء المكونين لأغلبيته التي تقاسمه الانتماء إلى نفس حزب الحركة الشعبية. وقد سبق لعدد من دورات الجماعة، منذ سنة 2010، أن تأجلت بسبب هذا النزاع. ففي الوقت الذي يتهم فيه المستشارون رئيسهم بالتسيير الفردي لشؤون الجماعة، وسوء التدبير، يقول الرئيس في وثائق إدارية إن أعضاء من أغلبيته متهمون بالتورط في البناء العشوائي، في مناطق لا تبعد إلا بأمتار عن مقر سكنى قائد المنطقة. واتهمت مراسلات لرئيس الجماعة السلطة المحلية بالتقصير في تنفيذ الإجراءات القانونية ضد مخالفات التعمير، ما أدى، في نظره، إلى تفاقم البناء العشوائي بالجماعة. وأفضى هذا النزاع بين الطرفين إلى سحب التفويضات من المستشارين، ومنحها لبعض الموظفين. وزارت لجنة تفتيش في الإدارة المركزية لوزارة الداخلية هذه الجماعة القروية، في شتنبر من السنة الماضية، وأعدت تقريرا ما زالت مضامينه طي الكتمان.